خاص: تفاجأ المهندسون الحاضرون لاجتماع لمجلس إدارة شركة “نيوم” الاقتصادية برئاسة ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، برفض الأخير للمخططات التي جاء بها مخططو المدينة الصديقة للبيئة، قائلاً لهم: “أريد أن أبني أهرامي!”، مطالبًا إياهم بالتفكير بشكل أكثر جرأة.
ووفقًا لمصادر من داخل مجلس إدارة الشركة من الأجانب، فإنهم يتوقعون فشل المشروع رغم طموحاته الواعدة في جذب استثمارات أجنبية متعددة، وذلك لعدم نضج الفكرة في رأس القائمين عليها، وعدم اعتماد مخطط واضح ومحدد لشكل المشروع النهائي، وهو ما يجعل الكثير من المستثمرين الكبار الذين كان من المتوقع مشاركتهم في المشروع يعزفون عن المخاطرة بأموالهم في مشروع بوسط الصحراء القاحلة.
التوقعات الحالمة:
كانت فكرة “نيوم” حلما في رأس “ابن سلمان” استيقظ في يوم وقد قرر تحقيقه، ولكن دون أن يدري أن الأحلام لا تتحقق في الواقع بحذافيرها، وأنه لابد من التخطيط الجيد والمسبق للنجاح في مشروعه الحالم.
فوفقًا لشهادات أدلى بها موظفون كبار حاليون وسابقون في المشروع لعدة مصادر إعلامية عالمية، فإن الرئيس التنفيذي لشركة “نيوم”، نظمي النصر، يجد صعوبة في تحقيق أفكار “ابن سلمان” بالرغم من سمعته وخبرته في إدارة المشاريع في “أرامكو” على مدى 30 عامًا.
ولذلك السبب، قامت “نيوم” بتدوير العشرات من كبار الموظفين خلال ولايته، وعبر كثير منهم عن الانزعاج من أسلوب إدارة “النصر”، وفق ما قالته المصادر، وقد تخلى بعضهم عن عقود تصل قيمتها إلى مليون دولار في السنة، نتيجة لعدم نضج تفكير “ابن سلمان”، وعدم قدرة المحيطين به على تلبيه أحلامه وطموحاته الخاصة بالمشروع ما تسبب في توقف الأعمال أكثر من مرة.
وكان أحد الراحلين “أندرو ويرث”، الرئيس التنفيذي السابق لأحد أكبر منتجعات التزلج على الجليد في الولايات المتحدة، والذي ترأس المنتجع الجبلي “ذا فولت” المخطط له في “نيوم”، حيث غادر في أغسطس/آب بعد أن اعتبر أن “طريقة قيادة النصر تتضمن باستمرار استخفاف وفورات غضب مهينة”، وفقا لخطاب استقالة اطلعت عليه صحيفة “وول ستريت جورنال”.
ومن بين الراحلين الآخرين المدير التنفيذي الذي يقود تطوير “خليج نيوم” والصندوق الاستثماري للمشروع وفريقه القانوني وقسم السياحة فيه، كما رحل أيضًا اثنان من مدراء تكنولوجيا المعلومات، ورئيسان للتسويق، ومديران للاتصالات.
التغيرات المفاجئة:
أكد الموظفون كذلك، أن “ابن سلمان” يتدخل بشدة في التفاصيل، ويدخل عليها تغييرات قد تخل بمضمون الفكرة ذاتها وتخرجها من إطارها التي وضعت من أجله، فعندما قدم المهندسون المعماريون خططًا رئيسية لمشروع “جبل نيوم” في عام 2019، أخذ ولي العهد عناصر من 3 ملاعب ودمجها معًا، بما في ذلك تصميمات لـ”ذا فولت” وبحيرة على قمة 7500 قدم، وفقًا لوثائق اطلعت عليها “وول ستريت جورنال” ومصدر مطلع.
وأصبحت طموحات الأمير تجاه “نيوم” واضحة مع إطلاق حملة العلاقات العامة الخاصة بمشروع “ذا لاين” في يناير/كانون الثاني، حيث فكر فريق “نيوم” في وضع أضواء قوية يمكن رؤيتها من الفضاء.
وأعرب “بن سلمان” عن أمله في تلقي اتصال من محطة الفضاء الدولية لتهنئته بإضاءة “ذا لاين”، بحسب مصادر مطلعة على الخطط، لكنه ألغى لاحقًا خطط الأضواء وقلص الإطلاق.
الطلبات غير معقول تنفيذها:
يعمل المهندسون والفنيون والعمال في المشروع بلا رؤية واضحة، أضف لذلك طلبات وصفت بأنها غير معقول تنفيذها طلبها ولي العهد السعودي منهم، وفي أوقات قياسية غير ممكنة، ما دفع بالعديد منهم لترك العمل وسط توقعات بفشل المشروع بشكل عام بسبب طموحات وأمال “ابن سلمان” الغير قابلة للتنفيذ.
ويحكي المهندسون كيف أنهم كافحوا من أجل تحقيق مطالب عديدة لـ”ابن سلمان” غير معقولة، مثل تفجير حفرة طولها نصف ميل، وبعمق 30 طابقًا في جانب جبل، بهدف احتوائها لمجموعة من الفنادق والمساكن.
كذلك كان هناك توجيه آخر من ولي العهد ببناء 10 قصور (كل منها أكبر من ملعب كرة قدم)، وقد اجتذب هذا التوجيه أكثر من 50 تصميمًا مختلفًا، إلا أنه جعل الموظفين يتساءلون عما إذا كان هناك أي شخص سيشتري منازل يمكن أن تصل قيمة الواحد منها إلى 400 مليون دولار، وفقًا لمراجعة خطط المشروع والمقابلات مع أولئك الذين شاركوا في تطوير “نيوم”، والجدوى الاقتصادية من وجود مثل تلك القصور التي لم تكن موجودة ضمن مخططات المشروع منذ بدايته، وبالطبع أدخلها خيال “ابن سلمان” الجامح.
ختامًا، من الواضح الآن للجميع أن “ابن سلمان” يخاطر بمليارات المملكة من أجل أحلام اليقظة التي يعيش بها، بغض النظر عن العائد الاقتصادي والجدوى من أفكاره الجامحة تلك، فالمهم لديه هو تحقيق أحلامه بغض النظر على أنها ستنفذ على حساب المواطن الذي اقتطعت منه معونة “غلاء المعيشة”، ويحاول “ابن سلمان” مع مشاريعه الفاشلة تلك أن يقنعه بأن الإلغاء جاء في مصلحته!