شهدت السعودية منذ دخول الأمير “محمد بن سلمان” دائرة الحكم في منصب وزير للدفاع ثم ولي العهد، محطات وأحداثا مثيرة للجدل.

ورغم نجاح الأمير الشاب، نجل العاهل السعودي الملك “سلمان بن عبد العزيز”، في إدخال إصلاحات على المجتمع والاقتصاد، بينها السماح للمرأة بقيادة السيارة، فإن المملكة تشدّدت في تعاطيها مع رموز دينية وثقافية وحقوقية.

وينظر إلى الأمير “محمد” على أنّه المحرك الأول للسياسة الخارجية التي تتّبعها المملكة.

 

حرب اليمن

تقود المملكة السعودية في اليمن منذ مارس/آذار 2015، بعد أسابيع قليلة من تسلم ولي العهد منصب وزير الدفاع، تحالفا عسكريا دعما لقوات الحكومة المعترف بها دوليا، وفي مواجهة المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران.

وتتّهم منظمات حقوقية طائرات التحالف بالتسبب بمقتل مدنيين في غارات نفذتها طائراته في اليمن، بينها ضربة جوية في صعدة شمال صنعاء العام الماضي قتل فيها 51 شخصا بينهم 40 طفلا، وفقا لإحصائيات اللجنة الدولية للصليب الاحمر.

وقال تقرير لخبراء في الأمم المتحدة في 28 آغسطس/آب، إن التحالف والمتمردين ارتكبوا في اليمن تجاوزات قد ترقى إلى مستوى “جرائم حرب”.

وقتل وأصيب في اليمن منذ مارس/آذار 2015 عشرات آلاف المدنيين.

 

سياسة خارجية متشدّدة

قطعت السعودية والإمارات والبحرين ومصر في يونيو/حزيران 2017 علاقاتها الدبلوماسية مع قطر. واتّهمت الدول الأربع الدوحة بدعم جماعات إسلامية متطرّفة والتقارب مع إيران، وهو ما نفته الإمارة الثرية.

وترافق قطع العلاقات مع إجراءات اقتصادية بينها إغلاق الحدود البرية والطرق البحرية، ومنع استخدام المجال الجوي وفرض قيود على تنقّلات القطريين.

ورأى مراقبون أنّ قطع العلاقات جاء في إطار سياسة خارجية متشدّدة بدأت المملكة باتباعها منذ تسلم الأمير “محمد” منصب ولي العهد.

وفي أغسطس/آب 2018، أعلنت السعودية أنها طلبت من السفير الكندي مغادرة البلاد وقرّرت استدعاء سفيرها في كندا وتجميد التعاملات التجارية معها ردا على انتقادات وجهتها أوتاوا للمملكة بشأن حقوق الإنسان.

 

ملاحقة

في سبتمبر/آيلول 2017، أوقفت السلطات حوالي عشرين شخصا في أوساط رجال الدين النافذين والمثقفين.

وفي 4 نوفمبر/تشرين الثاني من العام نفسه، أطلق ولي العهد حملة واسعة النطاق لمكافحة الفساد.

وتحول فندق ريتز-كارلتون الفخم في الرياض على مدى ثلاثة أشهر إلى “سجن ذهبي” لعشرات الأمراء وكبار مسؤولي ورجال أعمال المملكة الذين كانوا في صلب حملة، قالت السلطات إنها تهدف إلى “مكافحة الفساد”.

وتم الإفراج عن المشتبه بهم، وبينهم الأمير الملياردير “الوليد بن طلال”، بعد التوصل إلى “تسويات” مالية مع السلطات.

ونفّذت السلطات حملات اعتقال أخرى، طالت مجموعة من الناشطات الحقوقيات في مايو/أيار 2018 قبل السماح للمرأة بقيادة السيارة، وعددا من الكتاب والصحفيين في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.

كما قادت المملكة حملة على وسائل التواصل الاجتماعي ضد منتقديها.

وفي سبتمبر/أيلول الماضي، أعلن “تويتر” أنّه أغلق آلاف الحسابات المرتبطة بحكومات أجنبية والمتهمة بنشر أخبار كاذبة على موقع التواصل الاجتماعي، من بينها حسابات تضخّم الرسائل المؤيدة للسعودية في شكل مصطنع كجزء من حرب الدعاية الإقليمية.

 

مقتل خاشقجي

فقد في إسطنبول في الثاني من أكتوبر/ تشرين الأول 2018 أثر الصحفي السعودي “جمال خاشقجي” بعدما دخل قنصلية بلاده.

وبعدما أصرّت الرياض على أن “خاشقجي” غادر قنصليتها حيّا، قالت بعد أكثر من أسبوعين من ذلك إنه قتل في شجار و”اشتباك بالأيدي” نشب عقب خلاف وقع بينه وبين أشخاص التقاهم هناك.

لكن النيابة العامة السعودية أكّدت في وقت لاحق أنّ الصحفي حُقن “بجرعة كبيرة” من مادة مخدرة قبل أن يتم تقطيع جثتّه، التي لم يعثر عليها بعد، في قنصلية المملكة في إسطنبول.

وفي 23 ديسمبر/كانون الأول 2019، أصدرت السلطات أحكاما بالإعدام على خمسة أشخاص وبالسجن على ثلاثة آخرين في قضية مقتل الصحافي، لكنّها قرّرت الإفراج عن نائب رئيس الاستخبارات السابق “أحمد العسيري” وعدم توجيه اتهام لـ”سعود القحطاني” المستشار المقرّب من ولي العهد.

وأثارت القضية ردود فعل دولية مندّدة أضرّت بصورة المملكة وبولي العهد بشكل كبير خصوصا بعدما اتّضح أن جسد “خاشقجي” تعرّض للتقطيع بعد قتله.ولم يتم العثور على جثته بعد.

ونقلت تقارير أن وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية رجّحت أن يكون الأمير “محمد”، الذي يتمتع بنفوذ واسع في دوائر صنع القرار في الحكومة السعودية، أمر بتنفيذ عملية القتل.

وكان ولي العهد اعتبر في مقابلة صحافية مؤخرا أنّ جريمة قتل الصحفي وقعت خلال وجوده في سدة الحكم ما يضعه في موقع من يتحمّل المسؤولية، لكنه شدّد على أنّها تمت من دون علمه.