في ضربة دبلوماسية كبيرة لإسلام آباد، رفض ولي العهد السعودي “محمد بن سلمان”، مقابلة قائد الجيش الباكستاني “قمر جاويد باجوا” الذي حضر للرياض في وقت سابق برفقة مدير عام وكالة الاستخبارات الداخلية الفريق “فايز حميد”، وفقا لموقع “زي نيوز” الباكستاني.
وكانت الزيارة تهدف إلى نزع الخلاف الدبلوماسي واستعادة العلاقات الجيدة بين البلدين بعد توترها على خلفية انتقاد وزير الخارجية الباكستاني المملكة بعد إلغاء الهند الحكم الذاتي الممنوح لإقليم كشمير دون معارضة تذكر من الرياض.
لكن “بن سلمان” رفض طلب قدمه قائد الجيش الباكستاني لمقابلته، وبدلا من ذلك اقتصر تواجده في المملكة على مقابلة نائب وزير الدفاع “خالد بن سلمان”، لينقل له رسالة من رئيس الوزراء الباكستاني تحمل اعتذارا عن تصريحات وزير الخارجية.
ووفق مسؤولون في إسلام آباد، فإن تصرف القيادة السعودية يُنظر إليه باعتباره ازدراء متعمدا للمبادرة الباكستانية الرامية لنزع الخلاف، كما لا تدع أي مجال للشك بفشل مهمة قائد الجيش الباكستاني في الرياض.
تهديدات سعودية جديدة
وقالت صحيفة “زي نيوز”، إن السعودية أبلغت باكستان بأن أي تعاون بين إسلام آباد وأنقرة غير مقبول للرياض على الإطلاق، بما في ذلك عرض المسلسل التليفزيوني التركي “أرطغرل” على التليفزيون الباكستاني.
كما قالت السعودية إن إسلام آباد يجب أن تستنكر أي محادثات لإنشاء تكتل مكون من باكستان وتركيا وماليزيا وإيران.
ونقلت الصحيفة عن مصادر أن السعودية هددت حال رفض باكستان طلباتها بأنه قد تلغي استثمارا سعوديا بقيمة 20 مليون دولار في ميناء جوادر، كما هددت الرياض أيضا بإلغاء جميع المساعدات التي سبق أن تعهدت بها لباكستان، وإمدادات النفط ذات الدفع المؤجل.
وهددت الرياض أيضا باستجلاب آلاف العمال من الهند بموجب رؤية 2030، وفي المقابل ربما تأمر العمال الباكستانيين غير الضروريين بمغادرة البلاد.
كما طالبت الرياض رئيس الوزراء الباكستاني باتخاذ إجراءات صارمة ضد وزير الخارجية الباكستاني في أسرع وقت.
تحركات وزير الخارجية
وذكرت “زي نيوز” أن في الوقت الذي اجتمع فيه قائد الجيش الباكستاني بنائب وزير الدفاع السعودي، كان وزير الخارجية الباكستاني يجتمع مع سفير دولة قطر لدى بلاده، الشيخ “سعود بن عبدالرحمن آل ثاني”.
وينظر إلى تعيين المبعوث القطري الجديد، الذي ينتمي للعائلة المالكة، بأنه يعكس اهتمام قطر بتوسيع العلاقات مع باكستان.
وفي غضون ذلك، من المقرر أن يغادر وزير الخارجية الباكستاني بلاده، الخميس، متوجها إلى العاصمة الصينية بكين لإجراء مناقشات على المستوى الاستراتيجي مع نظرائه الصينين، وذلك بعد أيام من تأكيد “عمران خان” أن مستقبل باكستان مرتبط بمستقبل حليفتها القديمة الصين.
أصل الخلاف
وفي وقت سابق، قال وزير الخارجية الباكستاني “شاه محمود قرشي” بعد إحجام منظمة التعاون الإسلامي، مقرها السعودية، عن عقد اجتماع رفيع المستوى بشأن كشمير: “إذا لم يتمكنوا من عقده فسأكون ملزما بالطلب من رئيس الوزراء عمران خان الدعوة لاجتماع للدول الإسلامية التي لديها استعداد للوقوف معنا في قضية كشمير ودعم الكشميريين المقموعين”.
وعلى أثر ذلك الخلاف، طالبت الرياض إسلام آباد، بسداد مبكر لقرض قيمته 3 مليارات دولار كانت منحته للأخيرة عام 2018؛ لمساعدتها في تجاوز أزمة ميزان المدفوعات.
ويهدد النزاع ميزان المدفوعات الخارجية لباكستان، كما أن البنك المركزي لديه فقط 12.5 مليار دولار، كما اضطرت باكستان إلى تعليق برنامج صندوق النقد الدولي بقيمة 6 مليارات دول، بالتزامن مع مواجهتها للتداعيات الاقتصادية لوباء فيروس “كورونا”.
وفى وقت سابق نقلت صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية عن مسؤول حكومي كبير في إسلام آباد قوله إن الصين أقرضت باكستان على الفور مليار دولار، في أعقاب قرار السعودية بقطع المساعدات، وربما تقدم بكين المزيد.
وأضاف المسؤول: “في غضون ساعات وليس أيام من مطالبة السعودية باكستان بسداد القرض، عرضت الصين تقديم مليار دولار، لقد أثبتت الصين بما لا يدع مجالا للشك أن لديها التزاما صارما بمستقبل باكستان وازدهارها ورفاهيتها”.