شكل غرق عدة مدن سعودية نتيجة الأمطار الرعدية الشديدة والسيول التي شهدتها المملكة خلال الأيام الأخيرة، ضربة جديدة لمشاريع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ضمن “رؤية 2030” المزعومة.
وحول التساقط الكثيف للأمطار، في 6 يناير/ كانون الثاني 2022، حي “بوابة الشرق” في الرياض إلى بحيرة غرقت فيها البيوت بالمياه، ما استدعى تدخل الدفاع المدني واستخدام القوارب لإخراج الأهالي من منازلهم.
وكانت العاصمة الرياض من أبرز المدن المتضررة، وتسببت الأمطار الغزيرة في انقطاعات بالتيار الكهربائي، وجرفت عددا من السيارات، وأدت إلى أعطال في مركبات أخرى كثيرة، كما أدت إلى تعليق الدراسة.
ووجه ناشطون انتقادات حادة إلى النظام السعودي بعد فشله في تجنيب الشعب والبلاد الآثار السلبية وتبعات الكوارث الطبيعية، مشيرين إلى أن السيول فضحت مشاريع الإسكان الوهمية التي يطلقها النظام بدعوى تطبيق رؤية ابن سلمان.
وعبر تغريداتهم على حساباتهم الشخصية ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها، #امطار_الرياض_الان، #بوابة_الشرق، #أمانة_الرياض، وغيرها، أعرب ناشطون عن غضبهم من تبديد أموال المملكة على فعاليات الترفيه واستقدام المغنين ولاعبي كرة القدم بأموال طائلة بينما تحتاج البنية التحتية إلى ترميم.
ووجه ناشطون أصابع الاتهام إلى الشركة المنفذة لمشروع بوابة الشرق، والتي بدورها ألقت اللوم على أمانة الرياض، مستنكرين محاولة الشركة تبرئة نفسها وضياع الحق بين الطرفين، وغرق الشعب في السيول وفقدانه أبسط حقوقه في المملكة.
مشاريع وهمية
وصب ناشطون غضبهم على ولي العهد السعودي، مستنكرين إطلاقه مشاريع وهمية وتبديد أموال الشعب عليها، ومنها مشاريع تصريف السيول، وغيرها.
واستهجن الناشط المعارض عبد الحكيم الدخيل، دفع النظام السعودي مئات الملايين من الدولارات لاستقدام لاعب كرة قدم (إشارة إلى البرتغالي كريستيانو رونالدو) ومثلها وأكثر لفعاليات الترفيه وغسيل السمعة في الوقت الذي يترك المدن الرئيسة في البلاد دون حلول لتصريف مياه الأمطار.
ونشرت نورة الحربي، صورة ترجع للثمانينيات تظهر نفس حال الشوارع الغارقة التي ترى اليوم في السعودية ووصفتها بالمنكوبة، متسائلة: “أربعة عقود، ألم تكف لحل مشكلة السيول؟”
وأكدت أن جزءا مما صرف على الحفلات والراقصات واللاعبين كاف لحل هذه الأزمات.
وقالت الناشطة السياسية حنان الغانم، إن مشاريع ابن سلمان الوهمية هي التي دمرت حياة الشعب، مستنكرة هدم الحكومة أكثر من 30 حيا في جدة بحجة انعدام الخدمات وسوء التنظيم في تلك الأحياء، في حين أن المدن والمشاريع التي تزعم تطويرها كان مصيرها كمشروع بوابة الشرق.
وذكرت المغردة وعد، بأن العذر سابقا تمثل بالفساد حدث في عهد الملك (السابق) عبدالله وجار العمل على مكافحته، متسائلة عن العذر الآن في فساد مشروع بوابة الشرق السكني بالرياض الذي يترجم أهداف رؤية السعودية 2030، والذي جرى بناؤه في عهد سلمان ومحمد بن سلمان.
وسخر غانم الدوسري، قائلا: “أتقدم بالشكر للأمير محمد بن سلمان على إنجاز مشروع بوابة الشرق السكني في الرياض وأتمنى من سموه أن يتكرم بتوفير قوارب نجاة لسكان المشروع وألا تقتصر القوارب على رجال الدفاع المدني خصوصا مع أمطار الرياض الآن، كما أتمنى من سموه ألا يبخل على السكان من ال ٥٠ مليار شجرة!”.
توثيق الحدث
وتداول ناشطون مقطع فيديو وصورا ترصد الضرر الناتج عن السيول، وأخرى للقطات توثق محاولات قوات الدفاع المدني التعامل مع واقعة غرق حي مشروع بوابة الشرق.
وعرض سعيد العنزي صورة تظهر السيارات تسبح في الشوارع بينما البلدية نائمة، قائلا إنه “يوما بعد يوم، السيول تقضي على مشاريع مبس الوهمية”. ونشر صورة أخرى لقصور آل سعود، مستنكرا أن التطور في المملكة لا يحدث إلا بها.
ونشر صاحب حساب “نحو الحرية”، مقطع فيديو يظهر تضرر أعداد كبيرة من السيارات من آثار السيول، مؤكدا أن هؤلاء المتضررين كسابقيهم، لن يجرى تعويضهم، ولن يلتفت لهم أحد، ولن يروا سوى وعود وأحلام الفتى المدمن محمد بن سلمان، وفق وصفه.
وعرض محمد الغامدي، مقطع فيديو، لأب يخاطر بحياته لإنقاذ أطفاله، قائلا: “رخصت نفسه عنده أمام حياة أطفاله”.
وتهكم صاحب حساب “محقق خاص” على مقطع يظهر فيه تجول قوات الدفاع المدني بالقوارب، قائلا: “أصبح مسكن المواطن أودية للأمطار والسيول هذا توقع الحكومة لعام 2030”.
وعقب صاحب حساب “حقوق الضعوف”، على ذات المقطع، قائلا: “هذا ما أنتجته الحكومة كحل لمشكلة السكن، مشروع بوابة الشرق تحول إلى بحيرة والدفاع المدني يحاول إخراج السكان بعد أيام من المناشدات والبلاغات”.
تبرير وذرائع
وتباينت ردود الفعل على بيان شركة المزيني المالكة لمشروع بوابة الشرق، بشأن مشكلة تجمعات المياه الذي أوضحت فيه أن شبكة السيول بالمشروع جرى تسليمها لأمانة منطقة الرياض، تأكيدا على أن تخطيط المشروع وبنيته التحتية نفذت حسب المخططات المعتمدة.
الشركة أوضحت أيضا أن شبكة السيول اعتمدت من قبل أمانة الرياض لمطابقتها للاشتراطات والمواصفات؛ الأمر الذي دفع ناشطين لمهاجمة الأخيرة، والمطالبة بالكشف عن المسؤول عما آلت إليه الأوضاع.
وعلق المحامي إسحاق الجيزاني، على البيان قائلا: “هنا الفساد، عندما تقوم أمانة إحدى المدن بتسلم مشروع واعتماده بما يؤكد بأنه مطابق للمواصفات وهو غير كذلك”. وأضاف: “لا جديد! ما زال الفساد كما في السابق”.
واستنكر مغرد آخر محاولة شركة بوابة الشرق التبرير ورمي المشكلة على أمانة الرياض؛ لافتا إلى أن المتضررين ينتظرون توضيحا من الأخيرة.
وأوضح المخطط العمراني المهندس يوسف الحربي، أنه حين اعتماد أي مخطط يطلب من المالك إعداد “رفوعات مساحية” يحتوي الرفع على: “طبوغرافية الموقع ومجاري السيول وشبكات المرافق من ضمنها تصريف مياه الأمطار وغيرها الخ..”.
وسأل أمانة الرياض: “كيف اعتمدت المخططات التي أظهرت أن الدراسة كانت خلاف الواقع؟”
فيما رأى المحامي خالد بن عبد الكريم البابطين، بيان الشركة خطوة في الاتجاه الصحيح بالرغم مما حواه من محاولة تخفيف واقع المشكلة.