يتخبط الاقتصاد السعودي بسلسلة أزمات بفعل الفشل الحكومي وفساد رموز نظام آل سعود فيما يبرز المواطن هو الضحية في ظل ما يتعرض له من تداعيات على معيشته وما يتم فرضه عليه من ضرائب.
زيادة البطالة، وزيادة معدلات الفقر، وتزايد العجز في الموازنة العامة، وانخفاض كبير في الإيرادات العامة، واحتياطيات النقد الأجنبي والاحتياطيات العامة باتت أزمات وعناوين دائمة لحالة الاقتصاد السعودي.
يضاف إلى ذلك ركود الأسواق، وشلل في الأنشطة الحيوية، وهروب العمالة الوافدة، وانخفاض حاد في أرباح تأخر دفع البنوك والشركات الكبرى والرواتب كأهم المؤشرات الحديثة لحالة الاقتصاد السعودي.
كما تؤكد هذه العوامل أن الأسوأ قد يأتي للمملكة وأن أزمات مالية واقتصادية أقوى باتت وشيكة، فيما تؤثر هذه الأزمة بشكل مباشر على الظروف المعيشية للمواطنين الذين قد يجدون أنفسهم في مواجهة واقع صعب.
من أهم أزمات ومحن الاقتصاد السعودي ارتفاع تكلفة المعيشة وارتفاع أسعار السلع الأساسية، بما في ذلك البنزين والديزل، في بلد يُعد أكبر منتج للنفط في العالم.
علاوة على ذلك، تضخمت تكلفة فواتير المياه والكهرباء والنقل العام والهاتف، بينما ارتفعت الضرائب ، وخاصة ضريبة القيمة المضافة. ربما قد يتبع ذلك فرض ضرائب جديدة لم تكن تعرفها المملكة من قبل مثل ضريبة الدخل، بالإضافة إلى إجراءات تقشف أخرى.
قد تحتاج المملكة إلى اتخاذ خطوات أخرى بما في ذلك تسريع الحكومة لسياسة الخصخصة، مثل بيع الشركات والمرافق الحيوية للقطاع الخاص والمستثمرين الأجانب، وخاصة الرعاية الصحية والتعليم – بما في ذلك المدارس والمستشفيات والصيدليات.
كما قد تحتاج إلى بيع جميع مطاحن الدقيق وشركات التحلية وإنتاج الكهرباء و 27 مطارًا، مع تقليل الإنفاق وتسريع وتيرة الاقتراض الخارجي والداخلي، وبالتالي زيادة الدين العام، مع الاستمرار في الانسحاب من الاحتياطيات النقدية المودعة في الخارج.
قد تؤجل السعودية أيضًا تنفيذ العديد من المشاريع الاستثمارية الكبرى التي تساعد الاقتصاد وتخلق فرص عمل جديدة وتزيد من معدل النمو الاقتصادي.
وتشير أحدث المؤشرات الصادرة عن المملكة إلى قفزة في معدل البطالة بين السعوديين ، حيث ارتفع المعدل خلال الربع الثاني من العام الجاري إلى 15.4 في المائة ، مقابل 11.8 في المائة خلال الربع الأول من العام.
يشار إلى أن ارتفاع معدل البطالة حدث رغم مغادرة نحو 2.5 مليون عامل وافد للمملكة منذ 2017، وهناك 1.2 مليون عامل وافد من المتوقع أن يغادروا المملكة خلال العام الجاري، بسبب تفشي فيروس كورونا.
كما توقفت الشركات الكبرى عن دفع الرواتب، فيما تقوم شركات القطاع الخاص بتخفيضها، مع الاستمرار في تطبيق سياسة السعودة لاستبدال العمالة الأجنبية بالعمالة الوطنية، وكذلك توطين العديد من القطاعات الاقتصادية.
هذا النمو في معدلات البطالة يحدث في المملكة، واحدة من أغنى الدول العربية وأكبر منتج للنفط في العالم. قد يزعج ذلك حسابات صانع القرار الذي روج طويلا لخطط لخفض معدل البطالة بين السعوديين إلى سبعة في المائة فقط، وفق رؤية المملكة 2030، وإلى نحو 10.6 في المائة لعام 2020.
وتعني هذه الزيادة أيضًا أن السياسات الاقتصادية السعودية قد فشلت، حيث لم توفر فرص عمل جديدة للخريجين الجدد، على الرغم من ثروة المملكة في الخارج والتي تبلغ نحو 500 مليار دولار، كما فشلت الحكومة حتى في الحفاظ على فرص العمل الحالية.
أما المؤشر الثاني الذي يكشف عن مأزق الاقتصاد السعودي ومركزه المالي فهو انكماش الاقتصاد بنسبة سبعة في المائة في الربع الثاني من العام الجاري.
وكان القطاع غير النفطي الأكثر تضررا، حيث انكمش بنسبة 8.2 في المائة، بينما تراجع قطاع النفط بنسبة 5.3 في المائة.
وسبق هذا الانكماش الحاد تراجع في قيمة الصادرات النفطية التي تراجعت بنسبة 46.4 في المائة في تموز (يوليو) الماضي. وتمثل هذه الإيرادات النسبة الأكبر من إيرادات الموازنة السعودية.
كما انخفض الفائض في الميزان التجاري الخارجي (النفطي وغير النفطي) بنسبة 65.1 في المائة، منذ بداية العام حتى يوليو 2020.
أما بالنسبة للمؤشر الثالث، فقد توقعت وزارة المالية السعودية، أن يبلغ عجز ميزانيتها للعام الجاري نحو 298 مليار ريال (79.5 مليار دولار) ، وأن يرتفع الدين العام إلى 854 مليار ريال (227.7 مليار دولار). بينما قد يصل إلى 941 مليار ريال (250.9 مليار دولار) في عام 2021.
وعلى صعيد مؤشرات المركز المالي الأخرى، تقلصت احتياطيات النقد الأجنبي، حيث خسرت المملكة 105 مليارات ريال (28 مليار دولار) في أغسطس الماضي، لتصل إلى 1.83 تريليون ريال (488 مليار دولار). وتعزى حدة الانهيار إلى الانخفاض المستمر في أسعار النفط والتداعيات الخطيرة لوباء فيروس كورونا على الاقتصاد.
وانخفض الاحتياطي العام للمملكة بنسبة 15 في المائة في آب (أغسطس) الماضي، ما أسفر عن 422 مليار ريال (112.5 مليار دولار)، فيما تقلص الاحتياطي العام بنسبة 56 في المائة منذ نهاية 2015.
وتراجعت أرباح البنوك السعودية خلال النصف الأول من العام الجاري ، بنسبة 40.9 في المائة ، لتصل إلى 13.15 مليار ريال (3.51 مليار دولار).