التكتم على التطبيع السعودي ـ الإسرائيلي: أخوفٌ ذاك أم حذر؟

الخجل ليس دافع الطرف الإسرائيلي بدليل تسريبات شبه رسمية ضجت بها وسائل الإعلام الحكومية والخاصة.

بات مؤكدا أن رئيس نتنياهو قام بزيارة سرية إلى مدينة نيوم السعودية بصحبة يوسي كوهين رئيس جهاز الموساد.

شجع بن سلمان الإمارات على التطبيع وأعطى البحرين إذناً باقتفاء أثر أبوظبي وضغط على عسكر السودان ليلتحقوا بركب التطبيع إياه.

حقائق ساطعة فضحت صفة «المنشار» في شخصية ولي العهد السعودي ولن تتأخر كثيراً قبل فضح دوره الفعلي في قيادة صفّ التطبيع والمطبعين.

*     *     *

طبقاً للمعلومات المتقاطعة التي أوردتها الصحافة الإسرائيلية ابتداء من إذاعة جيش الاحتلال ذاتها التي بثت الأخبار من دون أن يعترض الرقيب العسكري على نشرها، واستناداً على مجموعة من الوقائع الملموسة وعلى رأسها التأجيل المفاجئ لاجتماع اللجنة الوزارية الطارئة في حكومة الاحتلال حول جائحة كوفيد-19، بات في حكم المؤكد أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قام بزيارة سرية إلى مدينة نيوم السعودية، صحبة يوسي كوهين رئيس جهاز الموساد.

وقالت التقارير الصحافية إنه خلال خمس ساعات قضاها الوفد الإسرائيلي على الأرض السعودية، عُقد اجتماع ثلاثي ضمّ نتنياهو ووزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو وولي العهد السعودي محمد بن سلمان.

كان لافتا أولاً أن وزارة الخارجية الأمريكية امتنعت تماماً عن التعليق على أنباء اللقاء الثلاثي نفياً أو تأكيداً، وإذا كان نتنياهو رفض التأكيد أو النفي، فإن وزير التعليم يوآف غالانت العضو بحزب ليكود وبالحكومة الأمنية المصغرة أكد حدوث الاجتماع في السعودية ووصفه بأنه «إنجاز رائع».

وقبل ذلك ألمح توباز لوك أحد كبار مستشاري نتنياهو إلى صحة المعلومة حين غرد بأن رئيس حكومة الاحتلال كان «يصنع السلام» في حين أن خصمه بيني غانتس كان منشغلاً بألاعيب السياسة، في إشارة إلى تشكيل الأخير لجنة للتحقيق في احتمال وجود فضيحة خلف صفقة الغواصات الألمانية.

مؤكد أن الخجل ليس دافع الطرف الأمريكي من وراء التكتم على لقاء نيوم، إذْ العكس هو الصحيح منطقياً والترويج لانطلاق سيرورات التطبيع السعودية الإسرائيلية يعدّ مفخرة جديدة لإدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ونجاحاً شخصياً للوزير بومبيو ضمن إطار عمليات تسويقه كمرشح محتمل للحزب الجمهوري في رئاسيات 2024 الأمريكية.

والخجل ليس كذلك دافع الطرف الإسرائيلي، بدليل التسريبات شبه الرسمية التي ضجت بها وسائل الإعلام الحكومية والخاصة.

ورغم نفي الأمير فيصل بن فرحان آل سعود وزير الخارجية السعودي التقارير عن اجتماع بين ولي العهد ونتنياهو، من غير المحتمل أن يكون بن سلمان خجلاً من خطوة سبق لأجهزته أن انخرطت فيها على مستويات مختلفة!

وسبق له شخصياً أن شجع الإمارات على اتخاذها، وأعطى البحرين إذناً باقتفاء أثر أبو ظبي فيها، وضغط على عسكر السودان كي يلتحقوا بركب التطبيع إياه.

أهو إذن خوف من تداعيات الخطوة في الشارع الشعبي السعودي الذي قد لا يتقبل بسهولة السماح لمجرم حرب استيطاني عنصري مثل نتنياهو، يترأس حكومة احتلال عنصرية استيطانية، بتدنيس مهد الإسلام أيضاً بعد العبث بمقدسات المسلمين في القدس الشريف المحتل؟

أم هو الحذر من ردود الأفعال داخل بيت آل سعود ذاته، بعد المجتمع السعودي إجمالاً، بالنظر إلى أن الخطوة تنتهك مشروع الحل العربي ذاته الذي اقترحته السعودية تحديداً ولم تتوقف عن إعلان الالتزام به؟

أم هو مزيج من الخوف والحذر إزاء تنازل غير مسبوق وبالغ الخطورة، يبدو مجانياً تماماً ولا مقابل له البتة، سواء من إدارة أمريكية تحزم حقائبها خلال أسابيع، أو من نتنياهو نفسه الذي لا يخرج من فضيحة حتى يدخل في أخرى؟

الثابت في كل حال أن الحقائق الساطعة، التي تكفلت بفضح صفة «المنشار» في شخصية ولي العهد السعودي، لن تتأخر كثيراً قبل إماطة اللثام عن دوره الفعلي في قيادة صفّ التطبيع والمطبعين.