في يوم 21 أغسطس نشرت “هيومن رايتس ووتش” في تقرير لها عن قتل حرس الحدود السعوديون مئات المهاجرين وطالبي اللجوء الإثيوبيين الذين حاولوا عبور الحدود اليمنية-السعودية، هذا التقرير أحدث ضجة عالمية سرعان ما تناقلتها وسائل الإعلام، لأنها ترقى إلى مستوى جريمة لم تبقَ كحدثٍ عابر إذ ظلت تُتداول حتى اليوم من قبل النشطاء والمهتمين وغيرهم من الذين صُدموا من هذا الخبر عندما ظهر لهم أثناء تصفحهم مواقع التواصل.

مما أجبر السلطات السعودية التي تنتهج سياسة الصمت غالباً تجاه ما ينشر عنها، فردت وسائل الإعلام السعودية بتصريح من “مصدر مسؤول ينفي الادعاءات والمزاعم الواردة في تقرير إحدى المنظمات المتعلقة بالاعتداء على مجموعات من الجنسية الإثيوبية أثناء عبورهم الحدود (السعودية – اليمنية)، ويؤكد ألا أساس لها من الصحة وتستند إلى مصادر غير موثوقة.” دونما ذكر اسم لذلك المصدر!

ولكن هذا التصريح بإنكار الحقائق لا يعود بالنفع على “المملكة السعودية” إذا ما أرادت النهوض الحقيقي بالإنسان وأن تكون لها مكانة متقدمة بين الأمم، تلك المنظمات معروفة بمصداقيتها العالية وعملها الاحترافي الذي يستشهد به الإعلام السعودي بتقاريرها ويأخذ عنها الأخبار عندما تكون ضد خصومهم! على سبيل المثال قناة العربية استشهدت ببيان صادر عن منظمة هيومن رايتس ووتش في فبراير بداية العام الجاري ضد الحوثيين في اليمن بعنوان “منظمة حقوقية تدعو الحوثيين لوقف فوري للانتهاكات بحق النساء”

“طالبت منظمة “هيومن رايتس ووتش”، جماعة الحوثي المدعومة من إيران، بإنهاء قيودهم فورا على حق النساء في حرية التنقل والتعبير والصحة والعمل في اليمن.

وأكدت المنظمة الحقوقية الدولية أن استمرار تلك الانتهاكات يسلط المزيد من الضوء على ضرورة أن تنشئ الأمم المتحدة آلية محاسبة مستقلة في البلاد.”

أيضاً بعنوان آخر نقلت قناة العربية عن منظمة هيومن رايتس ووتش و منظمات أخرى من بينها العفو الدولية وغيرها من المنظمات، ما يتفق مع سياستها ضد إيران بهذا الخبر المعنون ب “40 مجموعة حقوقية تدين قمع إيران للاحتجاجات وتطالب بتحقيق أممي”

قالت المنظمات إن أدلة جُمعت تظهر “نمطاً مروعاً لقيام قوات الأمن الإيرانية بإطلاق الذخيرة الحية وطلقات معدنية، من بينها الخردق، عمداً وبشكل غير قانوني، على متظاهرين ومارة من بينهم أطفال”

ونقلت أيضاً صحيفة عكاظ عن هيومن رايتس ووتش.( «هيومن رايتس»: أردوغان.. 18 عاماً من القمع والديكتاتورية.) “اتهمت منظمة هيومن رايتس ووتش، نظام أردوغان، بالاعتداء على الحقوق المدنية، من خلال تفكيك منظومة حقوق الإنسان والمعايير الديمقراطية في البلاد.”

وهذا على سبيل الذكر لا الحصر، فإذا كانت هذه المنظمة التي فضحت انتهاكات السلطات السعودية بنشر تقريرها عن قتل الحرس الحدودي عن قتلها لمئات المهاجرين وطالبي اللجوء الإثيوبيين الذين حاولوا عبور الحدود اليمنية-السعودية، كما صرح المسؤول بنفي ما ورد بالتقرير وأكد بأن لا أساس لها من الصحة وتستند إلى مصادر غير موثوقة، فلماذا يُنقل عنها ويؤخذ منها في التقارير الأخرى ضد إيران، والحوثيين، أردوغان؟! أليست مصادر غير موثوقة وقد لا يكون لها أساس من الصحة أيضاً!! ما أسهل نفي الجرائم وما أصعب إثبات عدم صحتها مع وجود الأدلة الدامغة. ومن هان عليه المواطن بقتله وسجنه والتنكيل به يهون عليه الاعتداء على الآخرين.

على هذا النفي علق الأمين العام السابق لحزب التجمع الوطني يحيى عسيري بتغريدة له على تويتر بقوله: “ينفون الخبر تمامًا، ويقولون “لا أساس له من الصحة”! ثم يعودون ويقولون أن مجموعات بشرية تعرضت لإطلاق نار من جهة أخرى! نفي قاطع ثم اعتراف واتهام آخر! وفي الختام، يؤدكون تمسكهم بمبادئ حقوق الإنسان، والتعذيب والقتل والسجون والقمع يعرفه كل العالم! لا حدود لكذب المستبد وغبائه!”

ينفون الخبر تمامًا، ويقولون “لا أساس له من الصحة”! ثم يعودون ويقولون أن مجموعات بشرية تعرضت لإطلاق نار من جهة أخرى! نفي قاطع ثم اعتراف واتهام آخر!

كما علق الناشط الحقوقي المحامي “طه الحاجي” ” الانكار والنفي هو الحل المعتاد والسهل، كلن من الأفضل التعامل بجديه مع الموضوع بدل من دس الرأس في التراب.”

ما يجب فعله هنا هو عدم الإنكار بل تصحيح مسار السياسة التي دهورت ملف حقوق الإنسان بشكل عام، وإلا سيُفضح كل انتهاك ومن المحال دوام الحال.