خاص: تتعامل السلطات السعودية مع ذوي وعائلات معارضيها بالداخل على أنهم رهائن يتم الضغط على المعارضين من خلالهم، ويعد ذلك انتهاكًا لأبسط القواعد الإنسانية الأساسية، والتي أقرها الدين الإسلامي– الذي تدعي السلطات السعودية أنها تمارسه وتطبقه من خلال قوانينها-.

فيقول تعالى: (ولا تزر وازرة وزر أخرى)، أي أنه لا يعاقب أحدًا على فعل غيره، وهو ما أكدته كل الأعراف الدولية والإنسانية، بأنه لا عقاب إلا على فعل ارتكبه الشخص وخالف به القانون، فما الذي فعلته عائلات المعارضين كي تعاقب ويتم البطش بها من أجل أفعال ذويهم في الخارج ممن يعارضون السلطة في السعودية؟!

ومنذ قدوم ولي العهد السعودي “ابن سلمان” إلى السلطة وزاد البطش بعائلات المعارضين وكأنه يحاسبهم على أفعال ذويهم! فما بين تهديد بالاعتقال، والاعتقال فعليًا لأقرباء وأصدقاء معارضين، بل وصل الأمر إلى التهديد بالقتل وإصدار أحكام إعدام ضد أشقاء معارضين سعوديين بارزين، فهم مجرد “ورقة ضغط” أو رهائن يستخدمهم “ابن سلمان” للضغط على ذويهم بالخارج.

 

– تهديد بالاعتقال واعتقالات:

أفاد الناشط والمعارض عمر عبد العزيز الزهراني، المقيم في كندا، بأن السلطات هددته باعتقال إخوته وأصدقائه في السعودية في حال استمر بالتغريد وانتقاد النظام الحاكم. وكشف “الزهراني” عن اقتحام منزل شقيقه وتهديده بالسجن في حال لم يقنعه بالتوقف عن التغريد.

بل وصل الأمر بالسلطات السعودية أن قامت في أغسطس 2018، باعتقال اثنين من أشقائه، هما؛ أحمد الزهراني وعبد المجيد الزهراني، ولم تكتفِ باعتقال إخوانه بل طالت الاعتقالات عددًا من أصدقائه، بهدف إرغام “عمر” على العودة إلى المملكة، أو الكف عن انتقاد النظام بالخارج.

ويأتي اعتقال الشقيقين أحمد وعبد المجيد الزهراني، بسبب ناشط أخيهم المعارض عمر المقيم في كندا، كما تعرض أصدقاء الزهراني للاعتقال، ويعاني إخوته وأصدقاؤه من الاعتقال القسري والتغييب، ومنعهم من التواصل مع ذويهم، والتعذيب المستمر من إدارات السجون، والإهمال الصحي المتعمد، وهم يعانون من ظلام السجون منذ اعتقالهم.

كذلك ما قامت به السلطات السعودية من اعتقال لأبناء وأقارب المسؤول الاستخباراتي السابق، سعد الجبري، (عمر وسارة الجبري)، وذلك في محاولة لابتزاز والدهما للعودة إلى المملكة، وعدم التصرف في الملفات والأوراق التي لديه وتدين عديد من المسؤولين داخل المملكة، على رأسهم ولي العهد ذاته. وصدرت ضدهما أحكام بالسجن قاسية.

كذلك قامت السلطات باعتقال زوج ابنة “الجبري”، سالم المزيني، وتعذيبه بشدة، ما دفع زوجته لرفع قضية على السلطات السعودية و “ابن سلمان” في القضاء الكندي.

وبحسب الدعوى فإن تعذيب المزيني في سجون ولي العهد “محمد بن سلمان” السرية شمل الضرب على قدميه وظهره وأعضائه التناسلية، كما تعرض للجلد والتجويع والضرب بقضبان حديدية والصعق بالكهرباء حتى أنه أمر بالزحف على أطرافه الأربعة والنباح مثل الكلب.

وأمر “ابن سلمان” بالقبض على “المزيني” للمرة الأولى في دبي يوم 26 سبتمبر/ أيلول 2017، من قبل مسؤولين أمنيين في الإمارات العربية المتحدة وأرسل إلى المملكة. ثم اختفى يوم 24 أغسطس/ آب 2020، بعد زيارته لمسؤول أمني سعودي رفيع المستوى، ولم يره أحد منذ ذلك الحين.

 

– فصل من الوظائف:

نشر حساب “معتقلي الرأي” الشهير بنصرة المعتقلين والمعتقلات في المملكة عبر منصة “إكس” للتغريدات، تأكيدات بأنه بحوزته معلومة على أنه تم فصل العديد الأشخاص من وظائفهم بسبب القربة بينهم وبين الناشطين في الخارج.

وجاء في تغريدة لـ “معتقلي الرأي” أنه “تأكد لنا أنه تم فصل العديد من الأفراد من وظائفهم بسبب أن لهم أقارب من الناشطين في الخارج. وقد تلقى أفراد آخرون تهديدات بالفصل من العمل قريبًا لوجود أقارب لهم خارج المملكة، رغم أن أولئك الأقارب ليس لهم أية صلة بنشاط المعارضة. وسننشر الأسماء لاحقًا فور التأكد منها”.

 

– أحكام بالإعدام:

لم يكتف نظام “ابن سلمان” بما فعله من بطش بعائلات المعارضين، فزاد من بطشه وانتقامه بأن قام بإصدار أحكام بالإعدام عليهم، وبدأ ذلك مع شقيق الأكاديمي والمعارض السعودي البارز، الدكتور سعيد بن ناصر الغامدي، محمد الغامدي.

فكشف “الغامدي”، عن صدور حكم بالإعدام ضد شقيقه، محمد الغامدي؛ بسبب تغريدات انتقد فيها الفساد والانتهاكات الحقوقية.

وفي تغريدة مطولة عبر منصة “إكس”، قال “الغامدي”: “حكمت المحكمة الجزائية المتخصصة في الرياض، برئاسة عوض الأحمري، على شقيقي محمد بن ناصر الغامدي، بالقتل على إثر 5 تغريدات تنتقد الفساد وانتهاك حقوق الإنسان.

وأضاف المعارض السعودي البارز أن من ضمن التهم الموجهة لشقيقه “دفاعه أثناء التحقيق عن العلماء المعتقلين “عوض القرني وسلمان العودة وسفر الحوالي وعلي العمري”.

وأشار “الغامدي” إلى أن المحكمة لم تقبل كل التقارير الطبية التي تثبت أمراضه العصبية المزمنة، ولم تلفت لشيبته واعتلال صحته، ولا لكون تغريداته في حساب مجهول لا يتابعه سوى تسعة متابعين، على حد قوله.

وشدد “الغامدي” على أن الإجراءات التي اتبعت مع شقيقه توحي بأن هذا الحكم الباطل يستهدف النكاية به شخصيًا بعد محاولات فاشلة من المباحث السعودية لإعادته إلى البلاد.

وناشد الأكاديمي والمعارض السعودي البارز، الدكتور سعيد بن ناصر الغامدي، كل من لديه أي قدرة المساعدة في عتق رقبة شقيقه من حكم الظلم وجور الأحكام.

 

ولا يزال ملف عائلات المعارضين بالخارج السعوديين مفتوح على مصراعيه، والانتهاكات تتوالى عليهم وسط صمت دولي مريب، يؤكد أن المصالح قد تغلب على قيم الحرية والمساواة والعدل؛ التي يدعى الغرب أنه يحافظ عليها ويحميها؛ ما يبرهن على أن الحل لذلك الملف سينبع من داخل المعارضة السعودية نفسها، فالسكوت والتزام الصمت خوفًا من تعرض عائلاتهم للبطش سيجعل النظام يزيد من بطشه وحماقته، والحل هو مزيد من الضغط على النظام السعودية لكي يخفف من قبضته الدموية على ذويهم “رهائن الداخل”.