خاص: شهدت احتياطات المملكة خلال الأعوام القليلة الماضية حالة من الانخفاض الحاد على كافة مستوياتها، سواء الاحتياطات النقدية بالعملة المحلية أو الأجنبية، أو الداخلية منها والخارجية كذلك، ما يؤكد أن هذه الأموال ذهبت في مصارف من المفترض أنها تخدم المملكة واقتصادها.

ولكن الناظر لاقتصاد المملكة بشكل عام يجد أنه في حالة كساد وانهيار، ما يشير إلى أن هذه الأموال صرفت في غير مكانها، وإلا كانت عادت بفائدتها على المواطن السعودي، الذي دفع بمفرده ثمن فشل سياسيات ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، صاحب الرؤية الجديدة لاقتصاد المملكة.

ثروة “ابن سلمان“:

تحدث المغرد الشهير “مجتهد”، عن ثروة ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، حيث قال تعليقًا على إعلان الملك “سلمان” لميزانية عام 2019، إن “مجموع ما صار تحت تصرف ابن سلمان بصفته الشخصية في حسابات في الداخل والخارج وأصول عقارية وأسهم وممتلكات أخرى منقولة وغير منقولة، 3 تريليونات ريال (800 مليار دولار)”.

وأضاف “مجتهد”، أن “ابن سلمان لم يبق له إلا القليل ويصل إلى تريليون دولار، ويحقق أمنيته فيصبح أول تريليونير في التاريخ”.

وحول الطريقة التي حصل بها “ابن سلمان” على هذه الأموال، أوضح “مجتهد” أن أولى الطرق هي “مباشرة من داخل الدولة من النفط والغاز والمعادن والضرائب والشركات الحكومية”، إضافة إلى “استحواذه على مئات الشركات المملوكة للتجار والأمراء، والسيطرة على جزء كبير من أموال الأمراء والتجار وعقاراتهم، وأخيرا احتكار المناقصات والصفقات الداخلية والخارجية.

ربما يقول قائل إن كل هذه المليارات توقعات لحساب يعارض “ابن سلمان” فمن الطبيعي أن يكون مبالغا فيها، إذًا ننقل ما قاله “ابن سلمان” نفسه عن ثروته، وتقديرات لمجموعات اقتصادية معتد بحساباتها عالميًا.

ففي مقابلة مع برنامج “60 دقيقة” لشبكة كولومبيا للبث في مارس/آذار 2018، أي منذ ثلاثة أعوام تقريبًا، قدر ولي العهد السعودي ثروته الشخصية بأكثر من مليار دولار!! فكيف ونحن الآن على أعتاب 2022؟!

وأوضح موقع “غولف ستايتس نيوز” الذي يقدم استشارات حول المخاطر السياسية، أن اهتمامات ولي العهد التجارية الواسعة النطاق قد ساهمت في ربطه بحوالي 20 إلى 25 شركة متخصصة في مجال العقارات والتصنيع والاتصالات، تأسس معظمها عام 2009.

وتجدر الإشارة إلى التعرف على العديد من الأصول الأخرى من خلال المعلومات التي كشف عنها في تسريبات “وثائق بنما”، وتسريبات برادايس ديكيومنت “وثائق الجنة”.

كما نشر الاتحاد الدولي للمحققين الصحفيين تفاصيل حول الشركات التي يملكها “ابن سلمان” في الخارج، بما في ذلك مشتريات ولي العهد، على غرار قصر لويس الرابع عشر الذي اشتراه سنة 2015 مقابل 300 مليون دولار.

ويضاف إلى هذه المقتنيات اليخوت الفاخرة مثل يخت سيرين الذي يعد واحدًا من أكثر اليخوت الباهظة الثمن في العالم والتي يبلغ ثمنها 320 مليون دولار.

وتشمل الأصول الأخرى منتجعًا في جنوب أفريقيا، وحصة في شركة اتصالات سعودية تبلغ قيمتها نحو 30 مليون دولار، بالإضافة إلى حصص في عدد من الشركات الخاصة، من بينها بنك وشركة تطوير عقاري، فضلاً عن مزرعة أسماك، وشركة نقل للبتروكيماويات.

ثروة الأمراء:

ووفقا لتقديرات وكالة “بلومبيرج” الاقتصادية، يبلغ مقدار ثروة الأمراء في السعودية أكثر من 100 مليار دولار موزعة على حوالي 15 ألف شخص، لكن الوكالة ذكرت أن مثل هذا التقييم متحفظ للغاية، وهو يستند بالأساس إلى الرواتب التي يوزعها مكتب الملك الخاص على الأمراء الآخرين وأفراد العائلة الملكية.

وتقول الوكالة إنه في حال استثمار المبالغ المدفوعة في أسواق رأس المال، قد تصل قيمة ثروات آل سعود إلى حاجز تريليون دولار.

وعلى مر التاريخ السعودي، لم يكن هناك أي فرق بين خزائن الدولة والخزائن الخاصة بالملوك. وترى إلين والد في كتابها “الشركة السعودية: سعي المملكة العربية للربح والسلطة” أن النظام السعودي ملكي بشكل مطلق، فالملك يمكنه أخذ كل شيء.

وعلى مدى عقود، كان أفراد عائلة آل سعود يمتلكون مصادر أخرى للدخل، مثل تسهيل الصفقات الدولية للحكومة. ولطالما كانت المملكة واحدة من أكبر الدول المستوردة للأسلحة في العالم، وهو ما يعود بالفائدة بشكل رئيسي على دول مثل الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة المتحدة.

صفقات الأسلحة غير المبررة:

فالمملكة تعد من أولى دول العالم في التسليح، وساعد على زيادة تمويل تلك الصفقات توريط “ابن سلمان” السعودية في حرب اليمن، واستخدامه تلك الصفقات كوسائل ضغط على أنظمة عالمية من أجل الحفاظ على مصالحه بعد حادثة مقتل “خاشقجي”، ما استنزف الكثير من ثروات المملكة بلا داعي.

وكشفت صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية، في تقرير لها عن استمرار السعودية في شراء الأسلحة رغم الأزمة الاقتصادية التي تمر بها، وإجراءات التقشف التي أعلنت عنها في مايو/ أيار الماضي.

وجاء في التقرير أن عمليات الشراء مستمرة في قطاع الدفاع، كغيره من القطاعات الحكومية التي لم يكن متوقعًا أن تطالها أي إجراءات تقشف.

وذكرت أنه بعد يومين من إعلان الرياض إجراءات التقشف، مُنح جناح الدفاع في شركة بوينج الأمريكية عقودا بقيمة 2.6 مليارات دولار لتزويد المملكة بأكثر من 1000 صاروخ أرض- جو وأخرى مضادة للسفن.

ونقلت الصحيفة عن خبراء قولهم إن مبيعات السلاح المذكورة جزء من اتفاقيات طويلة الأجل، وأنها دليل على أن أحد أكبر مستوردي الأسلحة في العالم لا يزال ينفق على الدفاع، في إشارة إلى السعودية.

من جهتها، أكدت وزارة المالية السعودية للصحيفة أن المملكة ستواصل دعم احتياجاتها العسكرية ولن تدخر أي موارد للدفاع عن شعبها وأرضها.

وقالت الوزارة إنها تعمل على ترشيد الإنفاق لضمان حصول المملكة على معدات دفاعية “بالتكلفة المناسبة، للكمية المناسبة والمواصفات المناسبة”.

وبلغت النفقات العسكرية للسعودية عام 2019، 198 مليار ريال سعودي (52.8 مليارات دولار أمريكي)، بانخفاض نسبته 18.3% عن عام 2018.

شراء الذمم الإعلامية للتلميع:

فمنذ مجيئه للسلطة، سعى “ابن سلمان” لشراء الذمم الإعلامية العالمية من شركات ووجهات ورموز إعلامية عالمية من أجل تلميع صورته في العالم، وإظهاره بأنه الأمير المصلح الذي جاء لتحقيق ما يطمح له الغرب في سعودية بلا تدين.

وزاد المصروف على ذلك البند بعد حادثة مقتل “خاشقجي”، وذلك في محاولة لنفي التهمة عن “ابن سلمان”، وإيجاد موطئ قدم له مرة أخرى في المجتمع الدولي، بعد رود الفعل الشديدة على تلك الجريمة النكراء.

فمن خلال استضافة الفرق الموسيقية، والنجوم في مجال الغناء والتمثيل، ومباريات كرة القدم العالمية، ومسابقات المصارعات الحرة، وغيرها من النشاطات الثقافية التي حاول من خلالها “ابن سلمان” إعطاء انطباع للعالم عنه بأنه منفتح على الثقافات المغايرة، كلف المملكة مثلا في فعاليات موسم الرياض 800 مليون ريال، ملايين بل مليارات صرفت بلا عائد واضح حتى الآن، وسط أنباء عن صفقات فساد اكتنفت تلك الفعاليات على يد عراب موسم الرياض “تركي آل الشيخ”.

كما سعى “ابن سلمان” لشراء القنوات والصحف العالمية، مثل سيطرته على صحيفتي “الإيفيننغ ستاندردز” و”الإندبندنت” البريطانيتان، وسط تخوف برلماني بريطاني بالتأثير على الخط التحريري للصحيفتين الشهيرتين لتلميع صورة المملكة و”ابن سلمان”.

– المشروعات والصفقات الوهمية:

يمكننا القول إن عهد “ابن سلمان” هو عهد “الفرقعات الإعلامية” التي تتكلف مليارات الريالات، فمشاريع كبرى وهمية يتم الترويح لها بملايين الدولارات من أجل فقط أن يظهر “ابن سلمان” على أنه مجدد المملكة الجديد، الذي جاء لنقلها من عالم القبائل إلى عالم رجال الأعمال.

فمشروع مثل مشروع “نيوم”، والذي لم يتم فيه حتى الآن أي خطوة تنفيذية، سيكلف ميزانية الدولة السعودية، أكثر من 500 مليار دولار، بحسب تصريحات لـ”ابن سلمان” نفسه للوكالة الرسمية للمملكة “واس”.

ومشروع القدية الترفيهي أكثر من 10 مليار دولار، لمجرد إنشاء منطقة ترفيهية لن يستفيد منها المواطن السعودي بشكل مباشر.

وكذلك ترويج “ابن سلمان” بنفسه لاكتتاب “أرامكو”، والذي أدى لخسائر بالمليارات لعملاق النفط السعودي للمرة الأولى في تاريخه.

بالإضافة للصفقات التي ورط فيها “ابن سلمان” الصندوق السيادي للمملكة، مثل صفقة “سوفت بنك”، التي خسرت فيها المملكة 6 ونصف مليار دولار في 45 دقيقة فقط!

وخرج المدير التنفيذي لـ”سوفت بنك”، ماسايوشي سون، في لقاء تلفزيوني ببرنامج ديفيد روبنشتاين، على تلفزيون “بلومبيرغ” الأمريكي، ليقول إنه تمكن من إقناع “ابن سلمان” باستثمار 45 مليار دولار في ساعة واحدة، فقاطعه الأخير قائلاً: “قولك ساعة واحدة أمر غير صحيح، استغرق الأمر مني فقط 45 دقيقة، فأقنعته بـ45 مليار دولار”.

ما دفع ألكسندر ديمينغ” الخبير الاقتصادي بصحيفة “هاندسبلات” الاقتصادية، في عددها الصادر في (5 فبراير/ شباط 2020)، يقول معلقًا على الاستثمارات السيادية للرياض: “يستثمر صندوق الثروة السيادي السعودي مليارات الدولارات في شركات ذات توجه مستقبلي، غير أنه يرتكب في ذلك كل الأخطاء التي يمكن ارتكابها”.

كما كشفت وكالة “بلومبيرغ” الأمريكية أن الصندوق السعودي باع معظم أسهمه في شركة “تسلا” الأمريكية لصناعة السيارات الكهربائية مؤخرًا، رغم القيمة الاقتصادية الكبرى التي يمثلها توجه الشركة، والذي أدى لنزيف بالمليارات للصندوق السيادي للمملكة.

ولا يزال صنبور الفساد مستمرا في إهدار أموال المملكة فيما لا طائل له، والوحيد الذي يدفع ثمن كل تلك السياسات الفاشلة، والفساد المستشري، هو المواطن السعودي، والذي ألزموه بالتقشف ليشتروا هم اليخوت، واللوحات المزيفة بملايين الدولارات!