تقرير خاص:
فتح ولي العهد السعودي “محمد بن سلمان” جبهة جديدة على المملكة حين شن حربًا غير معلنة على روسيا فيما يُعرف إعلاميًا بـ”حرب النفط”!
فلم يكتف “ابن سلمان” بالجبهات التي فتحها على المملكة، بدءًا بحرب اليمن المهلكة، مرورًا بحصار قطر والتدخل في الشئون الداخلية لعدة دول بالمنطقة، ولكن سارع بكل رعونة لفتح جبهة جديدة مع واحدة من أكبر دول العالم اقتصاديًا وهي روسيا.
ففي الوقت الذي يواجه فيه العالم بأكمله خطر كورونا ومن ضمنهم السعودية، اختار “ابن سلمان” بكل غباء سياسي واقتصادي فتح جبهة أدت لأزمة عالمية دفعت وكالة الطاقة الدولية لتحميل السعودية المسئولية عن انهيار أسعار النفط عالميًا بعدما اتخذت قرارًا بزيادة إنتاج النفط بسبب فشل اتفاق توسعة أوبك مع روسيا، ما دفع بسعر برميل النفط للانهيار حتى وصل إلى 30 دولارًا!
بداية الحرب:
أعلنت المملكة العربية السعودية في 6 مارس/آذار الماضي خروجها من اتفاق توسعة أوبك، وذلك بعد فشل أوبك في التوصل لاتفاق مع روسيا بشأن خفض إنتاج النفط طويل الأمد، وبدلاً من خفض الإنتاج، قررت المملكة عكس مسارها وزيادة الإنتاج بمقدار 2 مليون برميل يوميًا!
وقد دفع ذلك في 18 مارس/آذار، النفط ليصل إلى أدنى مستوى له في 18 عامَا، ليبلغ ما يزيد قليلاً على 20 دولارًا! ويأتي ذلك بعد 5 أعوام من استقرار السعر في أغلب الأوقات فوق 50 دولارًا، وقرابة عقد من وجوده حول مستوى الـ100 دولار.
ووفق محللين فإن المملكة اعتمدت “حرب الأسعار” لإعادة الانضباط بين منتجي النفط في العالم، ويؤدي تكثيف إنتاج النفط إلى انخفاض الأسعار، ما يضر بالمنافسين مثل روسيا ومنتجي النفط الصخري الأمريكي، كما ترسل المملكة رسالة تذكير بأن مكانة الرياض باعتبارها المنتج الأقل تكلفة في العالم تعني أن جميع المنتجين المنافسين يعتمدون إلى حد ما على ما تتركه لهم السعودية من حصة في السوق.
الأثار السلبية على المملكة:
ولكن لتلك الخطة العكسية أثار مدمرة على الاقتصاد السعودي لن يدفع ثمنها سوى المواطن البسيط، فقد دفع انهيار أسعار النفط العالمية المملكة إلى الاتجاه لتقليص الانفاق الحكومي لديها بما يعادل 28 مليار ريال (7.4 مليار دولار)، وكذلك زيادة نسبة الاقتراض للناتج المحلي من 30 % إلى 50 % بحد أقصى، وسط توقعات ألا يتم تجاوز هذه النسبة من الآن حتى نهاية 2022.
كما ستعتمد المملكة على استغلال المال النقدي من صندوق الثروة السيادي الخاص بها لسد فجوة الإنفاق الحكومي في ظل أسعار النفط أقل بثلاث مرات من الأسعار اللازمة لتعادل الميزانية، فبحسب تحليل سابق لمؤسسة “فيتش” المالية تحتاج المملكة إلى أسعار نفط عند 91 دولار للبرميل في عام 2020 لتحقيق توازن في ميزانيتها، وهو ما لم يحدث!
لذا فمن المرجح أن يتراجع الاحتياطي السيادي السعودي سريعًا نتيجة للسحب منه خصوصًا في ظل أزمة كورونا، بينما سيؤدي خفض النفقات الحكومة إلى تعليق مشروعات البنية التحتية، وهو ما سيلقي بظلاله على القطاع الخاص غير النفطي في وقت قريب.
رؤية 2030 وحرب النفط:
وعلى المدى البعيد؛ فتشكل نقص التمويل اللازم لمشروعات ولي العهد الأمير “محمد بن سلمان” المقررة ضمن رؤية 2030، والتي كانت تشهد جمودًا بالفعل حتى قبل انهيار أسعار النفط، بسبب عدم تدفق الاستثمارات الأجنبية، بسبب سياسات “ابن سلمان” في اليمن وأثر قضية “خاشقجي”.
ويقول “جان فرانسوا سيزنيك”، وهو زميل غير مقيم في المجلس الأطلسي: “أعتقد أننا بدأنا نري أن رؤي 2030 لا تسير على ما يرام”.
وأضاف “سيزنيك” أن هناك قدرا متزايدا من التوتر بين السكان حتى بين المؤيدين الرئيسيين لولي العهد.
وتابع أن ولي العهد يحتاج إلى إحداث تأثير كبير، ويتمثل ذلك في إجبار الروس على الاستسلام، لكن في المقابل يستعد الروس من جانبهم لحرب أسعار، ويعدون بزيادة في الإنتاج تصل إلى 500 ألف برميل في اليوم.
وبعد توضيح بعض من الأثار الجانبية المتوقعة على اقتصاد المملكة نتيجة لرعونة “ابن سلمان” واتجاهه لمعادة روسيا والتي يتميز اقتصادها بالتنوع على عكس اقتصاد السعودية الذي يعتمد بشكل أساسي حتى الآن على إيرادات النفط، لذا فمن المتوقع أن تشهد المملكة في الآونة القريبة القادمة أزمة اقتصادية طاحنة، لن يدفع ثمنها إلا المواطن البسيط.
لذا فمن الضروري وفقًا لمحللين لسوق النقط العالمية أن تكون تلك الحرب قصيرة الأجل، وأن تتراجع السعودية بعد أن أثبتت بنجاح استعدادها وقدرتها على إحداث صدمة للسوق عن موقفها بإغراق السوق، وذلك في محاولة منها لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من اقتصادها المعتمد على النفط، والذي يرى المحللون أن قد تأثر بالفعل ولا مفر من حدوث ردات اقتصادية هائلة عليه بسبب تلك الحرب حتى لو تم الرجوع عنها الآن، فقد أثرت حرب النفط بالفعل على الاقتصاد العالمي وعلى السياسات الإقليمية.