تقرير خاص
استعرضنا في الجزء الأول من التقرير كيف يقوم “ابن سلمان” بتصفية معارضيه بالخارج، والتهديدات التي أطلقها لكل من حاول معارضته، ولولا تدخل سلطات البلدان التي يعيش فيها هؤلاء المعارضون، لكانوا يواجهون جميعًا مصير الصحفي السعودي “جمال خاشقجي” بلا استثناء!
وتكشف إحصاءات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أن عدد اللاجئين السعوديين في عام 1993 كان يبلغ 7 أشخاص، لكن العدد ارتفع بنسبة كبيرة في بداية 2015 إذ وصل إلى 1150 سعوديا وسعودية، بينما وصل عدد اللاجئين وطالبي اللجوء السعوديين إلى 2392 حالة في عام 2017.
3- اختطاف ومحاولات اختطاف:
“حسن العمري”، و”حسن الكناني”:
أكد حساب “معتقلي الرأي”، في نوفمبر 2019، اختطاف المعارضين السعوديين “حسن العمري”، و”حسن الكناني”، من مقر إقامتهما بالعاصمة السويسرية جنيف.
وقال الحساب في تغريدة له: “تأكد لنا خبر الاختطاف القسري لكل من: المحامي حسن العمري – منذ أكتوبر 2017، والناشط حسن الكناني – منذ مارس 2019”.
وأشار “معتقلي الرأي” إلى أن ذلك تم من مقر إقامتهما بجنيف، بعد تلقيهما عدة تهديدات في حال لم يوقفوا نشاطهما السياسي المعارض.
من جهته؛ أكد المحامي الحقوقي “إسحاق الجيزاني” الخبر عبر حسابه على “تويتر”، ناصحًا المعارضين لنظام المملكة إلى عدم الذهاب إلى سويسرا؛ لأنها “دولة غير آمنة للاجئين السعوديين” حسب تعبيره.
– إسحاق الجيزاني:
في أكتوبر 2019، كشف المعارض السعودي الحقوقي إسحاق الجيزاني، المقيم في نيوزيلندا، عن محاولة سلطات بلاده، استدراجه إلى إندونيسيا، على غرار استدراج الكاتب الراحل جمال خاشقجي إلى اسطنبول، وقتله.
وقال “الجيزاني” إنه الشهر الماضي شهد محاولتين لاستدراجه إلى خارج نيوزيلندا، مضيفًا أن المحاولتين كانت الأولى عبارة عن وضع مجلة بالمجان في بريد منزله، رغم أنها غير مجانية، وفيها عرض مغر للسفر إلى جزيرة بالي في إندونيسيا.
وتابع أن المحاولة الأخرى كانت عبر طريق حساب في “تويتر” حاول إقناعه بالمجيء إلى إندونيسيا.
وأطلق “الجيزاني” تحذيرا إلى جميع المعارضين من المرور في إندونيسيا، أو الدول الإسلامية النامية، في إشارة إلى أنها تخضع لطلبات السلطات السعودية والإماراتية بتسليم المعارضين.
يشار إلى أن ضباطًا في السلطات الإندونيسية متهمون بتلقي رشاوي من قبل الإمارات والسعودية، من أجل تسليمهم معارضين، في مخالفة للاتفاقات.
– عبد الرحمن المطيري:
كشف موقع “ديلي بيست” الأمريكي، في يناير 2020، محاولات السلطات السعودية اختطاف المعارض المقيم بالولايات المتحدة “عبد الرحمن المطيري”، لولا تدخل عناصر من مكتب التحقيقات الفيدرالي.
وذكرت الصحيفة نقلاً عن مصادر أمريكية أن عميلاً سعوديًا مشتبهًا به حاول اختطاف أحد منتقدي النظام على التراب الأمريكي، وفقًا لما ذكره “المطيري” ومصادر أمريكية وأجنبية متعددة مطلعة على الحادث.
وقال “المطيري” إن مكتب التحقيقات الفيدرالي أنقذه من أن يصبح “جمال خاشقجي” جديد، مضيفًا: “لقد أدركت الحكومة السعودية أنني كنت تهديداً”.
وروى الموقع تفاصيل العملية مشيرة إلى أن رجلاً سعوديًا مجهولاً، يشتبه بكونه عميل للسلطات السعودية، رافق والد “عبدالرحمن المطيري” في رحلة لإعادة “المطيري” إلى السعودية ضد إرادته، وأن تدخل اثنان فقط من مكتب التحقيقات الفيدرالي في الوقت المناسب، وهو ما تسبب في إحباط مخطط العملية.
وأضاف الموقع أن “المقررة الأممية لحالات القتل خارج نطاق القانون، أجنيس كالامارد، على دراية بقضية الناشط السعودي عبد الرحمن المطيري”.
وعبد الرحمن المطيري هو يوتيوبر معارض كوميدي يبلغ من العمر 27 عامًا وطالب سابق بجامعة “سان دييجو” وله حضور اجتماعي كبير على وسائل التواصل الاجتماعي.
4- التجسس:
لجأ “ابن سلمان” للتجسس على المعارضين واللاجئين السعوديين، وحتى المبعوثين لم يسلموا من قمع “ابن سلمان”، وسط تخوف منه من تحدث أي سعودي عن جرائمه بالخارج.
– يحي العسيري:
كشف الناشط الحقوقي والمحامي السعودي المقيم في لندن، الدكتور يحي العسيري، في أبريل 2019، عن تورط وزارة العدل السعودية في فضيحة تجسس على حساباته وهواتفه النقالة.
وأورد “العسيري” في تغريدة على حسابه بـ”تويتر” صورًا قال أنها لرسائل جوال تلقاها من قبل وزارة العدل السعودية، تحمل روابط لبرامج تجسس.
وأكد كذلك أن محاولة الاختراق تلك كانت باستخدام نظام “بيغاسوس”، الخاص بشركة “NSO” الإسرائيلية، والتي تعاقدت معها الحكومة السعودية للتجسس على رؤساء دول معارضة له ومسئولين، والمعارضين بالخارج.
وأوضح “العسيري” أن تلك البرامج التجسسية المرسلة له، تسببت في إفساد ثلاثة هواتف نقالة كان يمتلكها، وخسارة البيانات التي كانت عليها.
وكانت صحيفة “نيويورك تايمز” قد كشفت عن تورط شركة NSO الإسرائيلية لتقنيات التجسس، في قضية مقتل “خاشقجي”، وذلك بتوريدها أنظمة تجسس للحكومة السعودية، استخدمتها الأخيرة في التجسس على “خاشقجي” قبل مقتله، والعديد من المعارضين الآخرين.
– عمر بن عبد العزيز:
قبل تهديده بالقتل، وفي 2018، أبلغ باحثون في “سيتيزن لاب” بجامعة تورونتو الكندية، الذي يتعقبون استخدام برامج التجسس، بأنهم يعتقدون أن هاتف عبد العزيز قد تم اختراقه من قبل شبكة مرتبطة بالسعودية، بحسب الغارديان.
وأضافت الصحيفة أنه في وقت الاختراق كان عبد العزيز على تواصل منتظم مع الراحل جمال خاشقجي، الذي قتل في قنصلية بلاده بمدينة إسطنبول التركية في 2 أكتوبر/تشرين الأول 2018.
وتتابع الصحيفة أنه “بعد عملية الاختراق المذكورة تم اعتقال العديد من أفراد عائلة عبد العزيز وأصدقائه في السعودية”.
– غانم الدوسري:
أكد “الدوسري” أن هاتفه النقال تعرض للتجسس، وأنه رفع دعوى قضائية ضد الإدارة السعودية في بريطانيا لهذا السبب، ووافق القاء الانجليزي مؤخرًا نظرها،
– لاجئات سعوديات بألمانيا:
فقد كشف تقرير لهيئة الإذاعة الألمانية DW، نُشر في فبراير 2019، عن أن عدد من النساء السعوديات اللاتي هربن إلى ألمانيا لطلب اللجوء تعرضن للتجسس من قبل السفارة السعودية.
وروت الإذاعة الألمانية تفاصيل قصة “عائشة” قائلة إنها الآن في أوائل الثلاثينيات من عمرها، وتعيش كلاجئة في ألمانيا، وقد هربت من عائلتها، بعد اصرا ر عائلتها على تزويجها من شخص لم يسبق لها معرفته من قبل.
ففي أغسطس عام 2018 سمعت عائشة قرعاً على الباب في الصباح، كانت (الطارقة) امرأة منقبة، وتتذكر الموقف قائلة: “كانت تبدو مرتبكة، وكأنها في حاجة إلى مساعدة”. لكن عندما فتحت الباب دفعتها المرأة إلى داخل شقتها. ومن الجانب قفز رجل ذو شعر أسود ولحية. قام الاثنان بتفتيش الشقة بينما أغلقت عائشة على نفسها في الحمام ودعت الشرطة مرة أخرى وانتقلت إلى ملجأ آمن للنساء”.
وبعد الحادثة فجأة بدأت تصلها رسائل على تطبيق “واتساب ” من السعودية، ومن الواضح أن شخصاً ما قد أعطى رقمها الألماني لعائلتها. وكانت نبرة الرسائل واضحة. “هل يجب أن أخبرك بسر حتى تعرفي أننا نستطيع الوصول إليك؟”. ورسالة أخرى: “هل تعرفين الأشخاص الذين جاؤوا إلى شقتك؟ لقد أرسلناهم إليك حتى تعرفي أنه يمكننا الوصول إليك”.
وألمحت القناة إلى أن عائشة قضت يومين في توتر، مع استمرار وصول رسائل التهديد إلى جهازها: “بالمناسبة، إنها مسألة وقت فقط قبل أن نعثر على منزلك الجديد، ولن يستطيع أحد حمايتك منا”، حيث تضيف عائشة: “إن رقم الهاتف السعودي الذي أُرسلت منه الرسائل يعود إلى أحد أشقائها”.
– معارضون في الولايات المتحدة:
كشفت صحيفة “الجارديان” البريطانية، في مارس 2020، أن السعودية استغلت خاصية تقنية تمثل نقطة ضعف في شبكة اتصالات الهاتف المحمول العالمية للتجسس على مواطنيها في الولايات المتحدة.
ونقلت الصحيفة، في تقرير، عن مخبرين تقنيين قولهم إن ملايين طلبات التتبع السرية أرسلت من المملكة العربية السعودية على مدى 4 أشهر لتحديد أماكن الهواتف التي تحتوي على خطوط محمول مسجلة في المملكة ومتواجدة على الأراضي الأمريكية، وأن تلك الطلبات بدأت بكثافة في نوفمبر/تشرين الثاني 2019.
وبدا أن تلك الطلبات جاءت من أكبر 3 شركات للهواتف المحمولة في المملكة.
ووفق أحد المصادر، لم يجد المخبرون التقنيون أي عذر معقول لهذا الحجم من طلبات التتبع على الخطوط السعودية في الولايات المتحدة، وقالوا: “لا يوجد تفسير آخر غير التجسس، ولا يوجد سبب فني آخر للقيام بذلك بهذا الحجم”.
كما اتفق خبراء الاتصالات والأمن الذين اطلعوا على تلك البيانات المسربة أنها تشكل دليلا على حملة المراقبة من قبل الدولة السعودية.
– المبتعثون بالخارج:
كشف تقرير مصور نشره موقع “بي بي إس نيوز هور” الأمريكي، في مارس 2019، كيف يقوم النظام السعودي بمتابعة والتجسس على الطلاب السعوديين الموفدين للخارج للتعلم؛ وتحديدًا في الولايات المتحدة الأمريكية.
واستند التقرير على مقابلات أجراها الموقع مع ثمانية طلاب سعوديين حاليين وسابقين، تحدثوا فيها عن تجربتهم مع مراقبة الحكومة السعودية لهم.
وأوضح الموقع الأمريكي أن عمليات مراقبة الطلاب كان ينفذها في بعض الأحيان طلاب توفدهم الحكومة السعودية.
وفي شهادته؛ أكد أحد الطلاب الذي رفض ذكر اسمه، أنهم كانوا يتعرضون لمراقبة منذ أن غادروا بلادهم إلى الولايات المتحدة، وأن بعضهم تعرض لتهديدات مختلفة؛ منها تجميد جواز السفر، والتخويف بسحب المنحة الدراسية، ومحاولات أخرى لإعادتهم لبلادهم، حتى التهديد بالقتل.
وأضاف الطالب أنه عندما التحق بالكلية شاهد في أثناء حدث سنوي عام 2017 زميلاً سعودياً ومعه شخص آخر خلال الحدث، حيث أبلغه أنه موجود من أجل كتابة تقرير للسفارة السعودية، “لقد علمت أن داخل كل تجمع طلابي سعودي جاسوساً أو اثنين ممن يعملون للحكومة السعودية”.
ووثق آدم كوغل، الباحث في قسم الشرق الأوسط في منظمة هيومن رايتس ووتش، أنه في الخريف الماضي اتصل به أستاذ بجامعة جونز هوبكنز وكان يشعر بالضيق لأن أحد طلابه السعوديين تلقى رسالة من السفارة السعودية تطالبه بالابتعاد عن الأحداث التي فيها معاداة للمملكة، حيث اعتبر أن تلك الرسالة “تهديد”.
وأشار الطلاب إلى أن السعودية تشترط على طلابها الدراسين في الخارج، وتحديداً الولايات المتحدة، عدة اشتراطات، منها عدم الخوض في نقاشات دينية أو سياسية، وعدم الموافقة على إجراء أي مقابلات إعلامية أثناء الدراسة.
وأخيرًا.. رغم كل تلك الإجراءات وكتم الأصوات واغتيال الحناجر، هل صار “ابن سلمان” في مأمن من كلمات المعارضة التي تؤرق منامه ليلاً ونهارًا؟! وماذا بعد؟! هل سيستمر في ترهيب معارضيه في كل أرجاء العالم، دون أي اعتراض دولي على أفعاله الخرقاء؟!
لاشك أن الوضع قبل مقتل “خاشقجي”، ليس بعد مقتله، فدول العالم أصبحت حماية اللاجئين والمقيمين السعوديين على أرضها من الأساسيات التي تسعى لضمانها، بعد الكشف عن مدى تهور “ابن سلمان” في تعامله مع معارضيه، ولكن هل سيكتفي المجتمع الدولي بحماية المعارضين، دون أن يوقف رعونة “ابن سلمان”؟!