أعلن مجلس التعاون الخليجي، أمس الخميس، عن دعمه لموقف المملكة العربية السعودية، ورفضه للتصريحات التي انتقدت أو هاجمت موقف الرياض على خلفية قرار منظمة الدول المصدرة للنفط وشركائها «أوبك+» خفض إنتاج النفط بمعدل مليوني برميل يوميا.
أعاد بيان الأمين العام للمجلس، نايف الحجرف، التذكير «بالدور الهام والمحوري» الذي تقوم به المملكة، مشيرا إلى مسائل «الاحترام المتبادل بين الدول»، و«عدم المساس بسيادة الدول»، في تنبيه واضح لواشنطن بأن القرار الذي اتخذته الرياض، مع 23 دولة أخرى أعضاء في «أوبك+»، هو قرار سيادي يقتضي من الولايات المتحدة احترامه.
قام وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية، عادل الجبير، بالرد، بدوره، على تصريح للرئيس الأمريكي جو بايدن عن رغبته بمراجعة تشريع تسليح السعودية وحديثه عن «عواقب» سياسية لما حصل، وعلى اقتراحات نواب في الكونغرس بتجميد مبيعات الأسلحة بالقول إن بيع الأسلحة للسعودية يخدم مصالح أمريكا والسعودية «ومصالح الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط».
مقصود الجبير، هو حاجة واشنطن للتعاون السعودي فيما يخصّ المسألة الإيرانية، وخصوصا ما يتعلّق منها بعمل واشنطن على وقف مشروع طهران النووي، والحد من تأثير «الجمهورية الإسلامية» على أمن الخليج العربي، الذي هو أحد أهم الممرات العالمية لحركة ناقلات النفط والتجارة العالمية.
حمل تصريح الجبير، حول «الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط»، أيضا، وإن بشكل غير مباشر، ردا دبلوماسيا، على تصريحات بعض النواب الأمريكيين الذين دفعهم الغضب من قرار أوبك+ إلى المسارعة بالدعوة لسحب القوّات الأمريكية من السعودية، أما وسائل الإعلام السعودية فردّت بشكل أقسى، حيث اعتبرت أن شعبية الرئيس الأمريكي تتراجع، وأن ما يحصل هو «مراهقة وانتهازية» أمريكية، وأن «خيارات واشنطن هي صفر»، كما استعاد موقع الكتروني سعودي، في هذا السياق، مقابلة لولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، بثت قبل شهور، وتحدثت عن أن السعودية ساهمت في قوة أمريكا.
الهدف الاقتصادي من قرار السعودية واضح، فهو يسهم في رفع أسعار النفط ويدعم الواردات المالية للمملكة والدول المنتجة، لكنّه يعكس، من جهة أخرى، إرادة لجعل الإدارة الأمريكية تتحسب لقوة السعودية الاقتصادية والسياسية، وألا تتعامل معها كطرف يدور في دائرتها، بل كدولة تتمتع بإمكانيات سياسية واقتصادية كبيرة، تسمح لها بالحركة ضمن الخيارات والتوازنات العالمية المفتوحة حاليا.
السبب في غضب إدارة بايدن واضح، وهو أن قرار السعودية يظهر فشلا ذريعا له شخصيا، فبعد أن قام بالالتفاف على تصريحاته السابقة ضد ولي العهد السعودي، ووعده بجعل المملكة «دولة منبوذة»، وسافر بشخصه إلى جدة للقاء بن سلمان، ينتهي الأمر بالنسبة لبايدن وإدارته، باستدارة دائرية للرياض لا تقوم فيها بخفض إنتاج النفط فحسب، بل بإقرار ذلك قبل انتخابات الكونغرس المقبلة، وفي أثناء العقوبات الأمريكية والغربية على النفط والغاز الروسيين، بحيث يبدو الأمر انحيازا لفلاديمير بوتين، وحربه في أوكرانيا، ضد واشنطن وحلفائها.
يساهم هذا التوتر في تدعيم اتجاه داخل الإدارة الأمريكية ومجلس النواب إلى تغيير قانون مكافحة الاحتكار بحيث يتم رفع الحصانة السيادية للدول الأعضاء في «أوبك+» وشركاتها، ويسمح بمقاضاتها، وهو سلاح خطير ذو حدين، لأنه قد يدفع بعض الدول الحليفة لأمريكا أكثر في اتجاه خصومها، ويلحق أضرارا هائلة بالاقتصاد العالمي، والأفضل للبلدين، بالتالي، أن يتمّ احتواء التوتّر الحاصل، وأن يجد البلدان حلولا لخفض التوتّر والتصعيد.