تفضح سلسلة الحقائق التدهور غير المسبوق لحقوق الإنسان في السعودية في ظل ما تشهده المملكة من واقع مرير وظلم أمر في عهد الملك سلمان ونجله ولي العهد.

وبحسب مراقبين ومعارضين سعوديين عرف ملف حقوق الإنسان في المملكة انتهاكات وتجاوزات عديدة في العقود الماضية شملت تضييقات واعتقالات مع وجود هامش حرية بسيط.

ولكن مع صعود بن سلمان لولاية العهد، غاب هذا الهامش البسيط، وحل محله جبال مظلمة من الظلم والانتهاكات هوت بسمعة المملكة لتكون واحدة من أسوأ الدول عالميًا.

إذ تمارس السلطات السعودية لعبة “الكرّ والفرّ” في تعاطيها مع ملف حقوق الإنسان، ولكنّه يبقى سيئًا في الحالتين.

فعند ازدياد الضغط الدولي عليها يخرج المسؤولون ومن خلفهم الإعلام للحديث عن أن حقوق الإنسان في المملكة على رأس أولويات الحكومة، ومع خفوت أصوات النقد يعود البطش مجددًا.

وقد شهد شهر سبتمبر الماضي ضغوطات كبيرة من الإعلام العالمي رافقتها حملة واسعة قادتها منظمة العفو الدولية شارك فيها أكثر من 100 ألف شخص من جميع أنحاء العالم، للضغط على الحكومة السعودية من أجل إلغاء أحكام السجن المغلظة ورفع منع السفر بحق النشطاء وعوائلهم في المملكة.

كما شارك زعماء كبار في الضغط على نظام محمد بن سلمان، حيث أكّد مقربون من المستشار الألماني شولتس بأنه من المرجّح أن يتطرّق لمسألة حقوق الإنسان ووضع النساء في المملكة خلال لقائه ابن سلمان في سبتمبر (حسب موقع dw الألماني)، على الرغم أن الهدف الرئيسي من الزيارة بحث ملف الوقود والطاقة.

وتزايد الضغوط الدولية، دفعت نظام بن سلمان لإصدار التصريحات تباعًا، إذ أكد عبدالعزيز الخيَّال، نائب رئيس هيئة حقوق الإنسان، في كلمته أمام الدورة الـ 15 لمجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، أن المملكة تسعى لـ “تعزيز وحماية حقوق الإنسان” رافعةً شعار “الإنسان أولًا”.

أما وزير الخارجية فيصل بن فرحان فقال نهاية سبتمبر لوكالة AP بأن الأحكام الأخيرة بشأن تغريدات تويتر غير نهائية وتنتظر الاستئناف والنظام القضائي لدينا مستقل، وكرر الكلام نفسه في كلمته أمام الأمم المتحدة!

جاء ذلك بعد فضيحة سجن سلمى الشهاب لـ 34 عامًا ونورة القحطاني لـ 45 عامًا بسبب تغريدات!.

ولذرّ الرماد في العيون، أصدر الملك سلمان في سبتمبر أمرًا بإعفاء رئيس هيئة حقوق الإنسان في المملكة الدكتور عواد بن صالح العواد من منصبه وتعيين الدكتورة هلا بنت مزيد التويجري بدلًا منه، لإعطاء انطباع أمام الرأي العالمي أن هناك تحركات حكومية لتحسين الأوضاع في ملف حقوق الإنسان.

لكن.. بدل محاسبة الدكتور عواد بن صالح العواد على سجلّه السيء، تمّ تعيينه مستشارًا بالديوان الملكي بمرتبة وزير!

أما الدكتورة هلا، الرئيسة الجديدة، فتمّ اختيارها على المحسوبية وهي بعيدة عن مجال حقوق الإنسان (لديها ماجستير في الأدب الإنجليزي ودكتوراة في أنظمة الأسواق المالية)!

والسؤال: هل صاحب هذه التصريحات تحركات على الأرض لتحسين واقع المعتقلين أو منح هامش حرية؟!.

ما حدث هو العكس تمامًا، فمع خفوت أصوات المطالبات، شنّ بن سلمان حملة شرسة بحق عشرات المعتقلين ما بين أحكام مغلظة جديدة وإعادة استئناف أحكام سابقة، ليؤكد أن نظامه قائم على الاستبداد وقمع الحريات.

 

أمثلة من الأحكام المغلظة:

نقض حكم السجن على الشيخ خالد الراشد مرتين، بعد انتهاء محكوميته بالسجن 15 سنة، بإضافة 8 سنوات قبل أشهر، وإضافة 17 سنة أخرى قبل أيام ليصبح الحكم 40 سنة!

تغليظ الحكم بحق الشيخ عبد المجيد الأركاني لـ 10 سنوات بعد أن شارفت مدته على الانتهاء.

تغليظ حكم السجن بحق الشيخ ناصر العمر من 10 سنوات إلى 30 سنة

إصدار أحكام سجن مغلظة لعشرات السنين بحق عدد من الحويطات والإعدام بحق 3 منهم، بسبب رفضهم التهجير من منازلهم.

الحكم بالسجن 10 سنوات على الشاب عبد الله جيلان بسبب تغريدات على تويتر!

وما لم يتم تسريبه أكثر وأقسى، وما ذكره ناصر ابن الشيخ عوض القرني (الذي استطاع الخروج من المملكة) يؤكد ذلك، حيث قال: “لا أستطيع الكلام من داخل المملكة، ولا أستطيع الصمت حتى، لأني قد اعتقل”!

وما يتعرّض له الدكتور محمد القحطاني من إخفاء قسري ومنع زوجته من التواصل معه لقرابة الشهر مع قرب انتهاء محكوميته أحد المؤشرات الخطيرة والتي دفعت مقرّرة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان،ماري لولور لإبداء قلقها والمطالبة ببيان مكان إخفاء الدكتور القحطاني.

والواقع انه بدل أن يتوقّف محمد بن سلمان عن جرائمه وانتهاكاته البشعة، زاد منها وأحكم قبضته المستبدة، وذهب يبعثر الملايين من أموال البلد لتلميع سمعته بين ملاعب الجولف ولاعبات المصارعة وحفلات الغناء!

ولكن الحقيقة التي لا مراء فيها: أن لون الدم سيبقى أحمر، وأن الحكم القائم على الظلم لا يدوم مهما تصاعد انتهاكات حقوق الإنسان في المملكة.