ماجد الشهري
خاص: منذ تشكل دول الخليج بشكلها الحالي، والإمارات وكذلك عمان هما أكثر دول الخليج بعدًا عن الرؤية السياسية السعودية وعن النسيج الاجتماعي والديني السعودي.
الاختلاف السعودي الإماراتي وعدم الانسجام هو الأصل في العلاقة بين البلدين، وجذور هذا الخلاف لا تزال قائمة حتى اليوم.
بل وثائق ويكيليكس الشهيرة كشفت عن الحقد والبغض الدفين الذي يحمله محمد بن زايد تجاه السعودية وأسرة آل سعود على وجه التحديد.
لكن ما الذي حصل؟!
الذي حصل تغير في السياسة الإماراتية تجاه السعودية من الجفاء إلى محاولة الاختراق الناعم.
وبالفعل: صار هناك تغير عابر في العلاقة بين البلدين، تغير من الخلاف إلى ما يشبه التحالف ظاهريًا، وفي حقيقته ليس تحالفًا، وإنما اختراق إماراتي للقرار السعودي.
بدأ هذا الاختراق في أواخر عهد الملك عبد الله، من خلال استقطاب رموز الإعلاميين السعوديين، ثم بعض كبار المسؤولين السعوديين، إلى أن وصل الحال إلى وجود ترتيب مشترك بغرض خلافة متعب لوالده الملك عبد الله بتنسيق مباشر مع خالد التويجري رئيس الديوان في ذلك الوقت وشخصية محورية هي تركي الدخيل (ابن خالة متعب بن عبد الله).
ومع مجيء الملك سلمان ثم تعيين محمد بن نايف سعت الإمارات بكل ثقلها لإزاحة بن نايف، ولذلك وضعت مفاتيحها لخدمة محمد بن سلمان الذي ليس له أي علاقات أو صلات في عالم الدبلوماسية والسياسة وشركات العلاقات العامة واللوبيات الدولية، وفتحت له الطرق نحو المسؤولين الأمريكيين ونحو البيت الأبيض.
والشخصية المحورية التي لعبت الدور مرة أخرى بين محمد بن سلمان ومحمد بن زايد هي (تركي الدخيل).
وبسبب هذه الخدمة التي قدمها محمد بن زايد لمحمد بن سلمان وصل الاختراق الإماراتي للسعودية إلى أعلى مستوياته، المستوى الأمني والعسكري والمعلوماتي، بل حتى لقاءات محمد بن سلمان الخاصة يتم التنصت عليها من قبل الإمارات.
وما يحصل اليوم وباختصار: هو أن الإمارات ترى السعودية في أضعف حالاتها، بل الإمارات لم تعد تخشى السعودية أصلاً في ظل وجود محمد بن سلمان.
ومع مجيء بايدن وتعثر صفقة القرن وحسم إيران لحرب اليمن وقرب الاتفاق النووي الأمريكي الإيراني وإدراك السعودية لخطئها الفادح بتحالفها الحصري مع الإمارات وتمزيقها التحالفات الاستراتيجية القديمة، كل هذا جعل الإمارات تجد نفسها مضطرة لفرض رؤيتها في المنطقة، والانطلاق بسرعة نحو مصالحها الخاصة، إذ إن فرصتها اليوم سانحة، قبل أن يستيقظ المارد السعودي من جديد.