خاص: رغم العنف الذي تواجهه المعارضة السعودية سواء داخل المملكة أو خارجها من قبل النظام الغاشم، والذي استعرت مواجهته بعد اعتلاء “محمد بن سلمان” لمقعد ولاية العهد، إلا أنه لا يزال للحق صوت، يستحق أن يُبرز أمام سيل التزييف والاتهامات الملفقة التي يتقن النظام السعودي لصقها بكل من يعارضه.
وسنحاول في هذه الزاوية استعراض أهم وأبرز الأنشطة المناهضة لاستبداد النظام السعودي، والقضايا التي يتبناها النشطاء والأكاديميون والمثقفون السعوديون في مختلف دول العالم، في محاولة لإطلاع القارئ على جهودهم في التصدي لمشروع “ابن سلمان” السلطوي الاستبدادي.
تغيير لائحة الاتهامات لـ”لجين الهذلول”:
كشف وليد الهذلول، شقيق الناشطة المعتقلة “لجين الهذلول”، عن قيام النيابة العامة السعودية بخداعها عبر التلاعب بأوراق قضيتها.
وأكد “وليد” عبر حسابه بـ”تويتر” أن القاضي أكد شفاهة أن “صحيفة الادعاء الحديثة متطابقة تمامًا مع صحيفة الادعاء السابقة، وكذلك أكد كاتب الضبط في محضر الجلسة أنهما متطابقتان تمامًا”.
وتابع: “لجين بقلبها الصافي وحسن نية منها وثقت بكلام القاضي، ووقعت على المحضر، لكن لاحقًا بعد قراءة دقيقة اتضح أن النيابة العامة حذفت عدة جمل من الصحيفة السابقة”.
وتابع بأن الجمل المحذوفة هي “بريطاني الجنسية، الحكومة البريطانية، هولندي الجنسية، الاتحاد الأوروبي”، مضيفًا أنه “إذن، النيابة العامة أقرت أخيرًا بأن بريطانيا وهولندا والاتحاد الأوروبي ليسوا أعداء للمملكة”.
وأوضحت الأوراق التي نشرها “وليد” بشكل واضح كيف قامت النيابة بحذف أي شيء متعلق بالدول الأوروبية، مثل أن “لجين” تواصلت مع موظف في السفارة الهولندية، وأن المعارض “يحيى عسيري” يتمتع بعلاقة قوية مع جهات حكومية بريطانية.
من جانبه، علق المحام والحقوقي السعودي، يحي العسيري على تعديل لائحة الاتهام تلك بقوله: “لائحة التهم ضد لجين الهذلول: ليست تهم، بل أشبه بالسيرة الذاتية الرائعة، أعمال نبيلة قامت بها، تُشكر عليها، وتغيير التهم وحذف كلمة “بريطانيا” يوضح حجم التلاعب، كذلك خداع القاضي للجين دليل تورط المحكمة، والتهم رسميًا توضح كذب المسؤولين، ما قالوه للإعلام مختلف، وراجعوا حديثهم!”.
وحول رد فعل مؤيدي السلطة بعد نشر لائحة الاتهام، قال “العسيري” أن المؤيدون عمدوا للتشكيك في كونها رسمية ؛بسبب “أن حتى مؤيدي السلطة والاستبداد غير مقتنعين بهذا المستوى، وغير مصدقين أن هذه الأمور ممكن أن تكون تهم، وغير مستوعبين أن ما سمعوه من المسؤولين في الإعلام كذب”.
بينما الناشطة النسوية المعروفة على “تويتر” باسم “شعاع”، قالت: “لائحة الاتهام الموجهة للجين الهذلول أثبتت أن لجين كانت تسعى لتحسين وضع المرأة السعودية، والمجال الحقوقي، التعاطف مع حسم، العمل على استبعاد أسماء الناشطات من قائمة المنع من السفر، الحديث عن تجربتها في السجن، المساعدة في عمل تقرير حول حقوق المرأة السعودية، جاء دورنا ما نتخلى عنها”.
في حين قالت الصحافية والحقوقية، صفاء الأحمد: “بعد سنتين ونصف من الاحتجاز التعسفي، وشهور من تأخير المحاكمة لأسباب مجهولة، تأتي محاكمة لجين الهذلول على خلفية دعاوى ملفقة دليل على أنّ محاكمة السلطات لها محاكمة صورية”.
وعلقت الأكاديمية السعودية المعارضة، الدكتورة “حصة الماضي” على لائحة الاتهامات الملفقة لـ”الهذلول”، بقولها: “أزعجتنا السلطة السعودية، والذباب الإلكتروني بوصف لجين الهذلول ظلمًا بالخيانة، ولكن يأبى الله إلا أن يكشف كذبهم عن طريق لائحة ادعاءاتهم الباطلة، والتي تثبت أن ما قامت به حق من حقوقها”.
وتابعت “الماضي” بقولها: “وصفت الناشطة المعتقلة ظلمًا لجين الهذلول بالخيانة، والتخابر، وعندما قدمت النيابة العامة الأدلة اتضح انها عبارة عن تغريدات عن الولاية، وقيادة السيارة!”.
ولفتت الأكاديمية المعارضة إلى أنه رغم أن التغريد يعتبر حرية رأي تكفلها معاهدات حقوق الإنسان التي صادقت عليها السلطة السعودية، وكذلك حرية الانتقال، لكن السلطة القمعية تخالف ما صادقت عليه وتحاسب على ذلك، في إشارة للتغريدات التي قدمت كدليل اتهام ضد “لجين”.
الحملة المزعومة ضد الفساد (ميني ريتز):
أثارت حملة سعودية جديدة لمكافحة الفساد أطلق عليها البعض “ميني ريتز”، مخاوف البعض بأن تكون ستارا لتقويض جديد في صفوف الخصوم المحتملين لولي العهد “محمد بن سلمان”.
وشهدت الحملة توقيف مسؤولين عسكريين كبار، بالإضافة إلى موظفين بيروقراطيين صغار.
وتعزز الحملة الجديدة التي تستهدف الجميع من مسؤولين كبار في مجال الدفاع وصولا إلى موظفين صغار في البلديات ومجالات الصحة والبيئة، من قبضة ولي العهد السعودي الحديدية على الحكم.
وأكد أحد المراقبين في المملكة أن الحملة تسعى للتأكيد أنه “لا يوجد سوى قيادة واحدة”.
وأثارت الحملة تكهنات صامتة حول إن كانت عملية التطهير الجديدة مجرد غطاء لتعزيز خزائن الدولة وسط تراجع اقتصادي حاد.
وأكد أكاديمي سعودي لوكالة “فرانس برس”، أن “الهدف الحقيقي ليس الفاسدين بل الغرامات ومصادر جديدة للدخل”.
وثمة أيضا تساؤلات حول ما إذا كانت الحملة تهدف أيضا إلى إقصاء مسؤولين أمنيين لا يعتبرون مخلصين بما فيه الكفاية للحكّام.
وقال الصحفي المخضرم، “ديفيد اجناتيوس”، إن المملكة تقوم بتحضير “تهم فساد وعدم ولاء” ضد ولي العهد السابق الأمير “محمد بن نايف” المحتجز منذ مارس/آذار الماضي.
وبحسب مؤسسة “كابيتال ايكونوميكس” الاستشارية، فإن هذه الخطوات تعكس محاولة السعودية “تقويض المنافسين المحتملين”.
وعلق الصحفي السعودي المعارض المقيم بتركيا، تركي الشلهوب، على تلك الحملة في سلسلة من التغريدات، حيث قال: “لكي يعتلي العرش؛ ابن سلمان مستعد بأن يسجن الشعب السعودي بأكمله بتهمة الفساد”.
وتابع “الشلهوب” بقوله: “ابن سلمان يهدف من هذه الحملة إلى عدة أشياء، منها (القضاء على من يشك بولائه، وتعبيد طريقه نحو العرش، ومصادرة المزيد من الأموال لدعم الاقتصاد المتردي).
وختم الصحفي المعارض بقوله: “الحكومة الفاسدة لا تستطيع العيش في مجتمع صالح، لذلك لابد من أن تقوم هذه الحكومة بإفساد المجتمع كي تتمكن من العيش!”.
تطبيع المغرب مع الكيان الصهيوني:
كشف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن الكيان الصهيوني والمغرب اتفقا على تطبيع علاقاتهما بمساعدة الولايات المتحدة، وفي المقابل وافق الرئيس الأمريكي على الاعتراف بسيادة المغرب على إقليم الصحراء الغربية.
وبموجب الاتفاق، سيقيم المغرب علاقات دبلوماسية كاملة ويستأنف الاتصالات الرسمية مع إسرائيل ويسمح بعبور رحلات ووصول وقيام رحلات من إسرائيل وإليها لكل مواطنيه. وقال جاريد كوشنر المستشار البارز في البيت الأبيض لرويترز “سيقوم الطرفان بإعادة فتح مكاتب الاتصال في الرباط وتل أبيب على الفور وبنية فتح سفارتين. سيعزز الطرفان التعاون الاقتصادي بين الشركات الإسرائيلية والمغربية”.
وتابع قائلا “حققت الإدارة (الأمريكية) اليوم خطوة تاريخية أخرى. الرئيس ترامب أبرم اتفاق سلام بين المغرب وإسرائيل في رابع اتفاق من نوعه بين إسرائيل ودولة عربية مسلمة في غضون أربعة أشهر”.
من جهته قال العاهل المغربي محمد السادس إن اعتراف واشنطن بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية “موقف تاريخي”.
وعلق الأكاديمي السعودي المعارض بالولايات المتحدة، الدكتور “عبد الله العودة” قائلاً: “يلجؤون للتطبيع كي يحتموا بالأجنبي، والمحتل، والمستعمر ضد شعبهم، وضد ناسهم، وضد مواطنيهم. هي بالنسبة لهم محاولة التشبث بحبل انقاذ وهمي من مصير الطواغيت الذي يشبهونهم في المنطقة”.
في حين قال المعارض السعودي البارز، سعيد بن ناصر الغامدي: “القابلية للتطبيع، هي نفسها القابلية للاستعمار، لكن بطريقة أكثر مهانة وأبشع مكانة”.
وتابع “الغامدي” بقوله: “التطبيع خيانة، وانزلقت دولة عربية أخرى في المستنقع، مع أن المغرب من عهد الحسن متداخل مع الصهانية من قديم، فقراره بالتطبيع ليس مفاجئا لمن يعرف. والسؤال عن: تجاهل المخزن إرادة الشعب المغربي الحر المرتبط بفلسطين، موقف العثماني وحزبه الإسلامي وهل سيتدنىس باستقبال نتنياهو؟”.
وقال الصحفي السعودي المعارض، تركي الشلهوب: “لم نسمع رأي هيئة كبار العلماء بتطبيع المغرب مع إسرائيل، وقبلها لم نسمع لهم رأيًا بتطبيع الإمارات والبحرين. يبدو أنهم عادوا إلى سباتهم بعد أن اتهموا الإخوان بالإرهاب والتطرف، وعدم الالتزام بتعاليم الإسلام، حتى يوقظهم ابن سلمان لتبرير شيئًا جديدًا من جرائمه وجنونه”.
وتابع “الشلهوب” قائلاً: “لو طبع من في الأرض جميعًا فإن ذلك لا يغير حقيقة أن الكيان الصهيوني محتل، وأن الشعب الفلسطيني صاحب الحق، وأن التطبيع خيانة”.
قضية جديدة بأمريكا ضد “ابن سلمان”:
جاء إعلان مذيعة قناة “الجزيرة”، اللبنانية “غادة عويس”، أنها قامت برفع دعوى قضائية ضد ولي عهد السعودية، محمد بن سلمان، وولي عهد الإمارات، محمد بن زايد، ومجموعة أخرى من مسؤولي البلدين، كضربة جديدة لـ”ابن سلمان”.
وأوضحت “عويس” أن لائحة الاتهام في الدعوى تتضمن قيام المتهمين باستهدافها بعمليات قرصنة، وابتزاز، وفبركة صور عارية لها.
ورفعت “عويس” الدعوى أمام محكمة المنطقة الجنوبية بولاية فلوريدا الأمريكية، بحسب موقع “ذا هيل” الأمريكي.
وجاء في الدعوى إن وليي العهد في الدولتين الخليجيتين، إلى جانب مجموعة أخرى من المسؤولين السعوديين والإماراتيين والمواطنين الأمريكيين، قاموا بتنفيذ عملية تهدف إلى النيل من شخصها وتقويض مسيرتها الصحفية؛ بسبب تقاريرها الناقدة للحكومتين في السعودية والإمارات.
وقالت “عويس” في دعواها إن ما يقرب من 20 متهمًا في القضية نسقوا فيما بينهم لتنفيذ عملية اختراق لهاتفها وتسريب صور منه، جرى فيها استخدام شخصيات أجنبية ومحلية ذات نفوذ للنيل منها.
ومن ضمن المدعى عليهم في القضية “شارون كولينز”، و”حسام الجندي”، وهما شخصان مقيمان في ولاية فلوريدا، وتزعم الدعوى أنهما متورطان بالتآمر، وارتكاب أعمال ضارة تستهدف “عويس”، بما في ذلك نشر معلومات وبيانات مسروقة من هاتفها.
وأوضح “ذا هيل” أن “عويس” رفعت الدعوى ضد جميع المدعي عليهم المحليين والأجانب المسؤولين عن استهدافها بعملية القرصنة غير القانونية ونشر معلوماتها الشخصية في جميع أنحاء العالم.
وطالبت الدعوى بتحميل كل الفاعلين المسؤولية الجنائية عن أفعالهم غير القانونية والتآمر على مذيعة الجزيرة؛ حيث تمثل بداية رحلة لتحقيق العدالة لـ”عويس”.
وكانت “عويس” كتبت مقالاً سابقًا في صحيفة “واشنطن بوست”، شرحت فيه تفاصيل عملية القرصة التي تعرضت وسرقة صور شخصية لها بملابس السباحة من هاتفها، وفبركتها لتبدو عارية ليتم نشرها على “تويتر” فيما بعد.
وأشارت “عويس” إلى أن بعض الصور أعيد تغريدها أكثر من 40 ألف مرة في غضون ساعات، وأن معظم الحسابات الناشرة ترتبط بوليي العهد في السعودية والإمارات.
من جانبه قال الصحفي السعودي المعارض، تركي الشلهوب: “مذيعة الجزيرة “غادة عويس” تتقدم بشكوى في المحاكم الأمريكية ضد “ابن سلمان” و “ابن زايد” وآخرين، بقضية اختراق هاتفها وفبركة صور عارية، مذيعة زلزلت عروشهم ودفعتهم لمحاربتها بهذا المستوى من الدناءة والانحطاط، تصوروا مدى ضعفهم”