خاص: رغم العنف الذي تواجهه المعارضة السعودية سواء داخل المملكة أو خارجها من قبل النظام الغاشم، والذي استعرت مواجهته بعد اعتلاء “محمد بن سلمان” لمقعد ولاية العهد، إلا أنه لا يزال للحق صوت، يستحق أن يُبرز أمام سيل التزييف والاتهامات الملفقة التي يتقن النظام السعودي لصقها بكل من يعارضه.

وسنحاول في هذه الزاوية استعراض أهم وأبرز الأنشطة المناهضة لاستبداد النظام السعودي، والقضايا التي يتبناها النشطاء والأكاديميون والمثقفون السعوديون في مختلف دول العالم، في محاولة لإطلاع القارئ على جهودهم في التصدي لمشروع “ابن سلمان” السلطوي الاستبدادي.

1- اعتقالات جديدة، وأحكام جائرة على معتقلي الرأي:

أصدرت المحكمة الجزائية المتخصصة أحكاما بالسجن لمدة من 3 سنوات وحتى 7 سنوات، ضد الدكتور “يوسف القاسم”، عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء في جامعة الإمام محمد بن سعود، والإعلامي “د. فهد السنيدي”، والأستاذ الجامعي “د. خالد العجيمي”، الشيخ “أحمد الصويان”، والكاتب “عبد الله المالكي”.

كما اعتقلت السلطات السعودية أكاديميين بارزين دون توجيه تهم وضاحة لهما، وهما الدكتور عبدالله بصفر، الأستاذ المشارك بقسم الشريعة والدراسات الإسلامية في جامعة الملك عبد العزيز والأمين العام السابق للهيئة العالمية للكتاب والسنة، والدكتور “سعود الفنيسان”، الأستاذ بجامعة الإمام وعميد كلية الشريعة بالرياض سابقًا.

وأخذت هذه الأحكام والاعتقالات الجائرة، حيزًا كبيرًا من تفاعل وتغريدات المعارضين والنشطاء السعوديين، حيث علق الناشط السعودي المعارض، ماجد الأسمري، على تلك الاعتقالات والأحكام بقوله: “حسبنا الله ونعم الوكيل في هذه الدولة المجرمة، كل ما أتذكر هذا الرجل الفاضل العالم العامل الشيخ “عبد الله بصفر”، أتذكر الصبية الأعاجم ذوو الأربع والخمس سنوات من العمر، الذين يحفظون كتاب الله بسببه وهم يتلون آياته أمام المصلين بمسجد الشعيبي في مدينة جدة بين ركعات التراويح.. أمثله يسجن؟!”

بينما قال المعارض البارز، الدكتور “سعد الفقيه” معلقًا: “معتقلي الرأي الذين كان ينبغي أن يطلق سراحهم ويعتذر لهم ويعوضوا، ويعاقب مع اعتقلهم تصدر عليهم أحكام بالسجن لسنوات عديدة، أي قضاء هذا الذي يصدر أحكاما حددها ابن سلمان؟”

وتابع “الفقيه” بقوله: “لكن لا تستغربوا فحتى الدوائر الجنائية والمدنية (المالية والعقار والزواج والطلاق) مليئة بالقضاة الفسقة الانتهازيين”.

في حين غرد الناشط المعارض، سعيد بن ناصر الغامدي، قائلاً: “اعتقال الشيخ د. سعود الفنيسان، والقارئ د. عبدالله بصفر. اللهم فك أسرهم والطف بهم وجميع المعتقلين، وانتقم اللهم ممن اعتقلهم..أو رضي ذلك”.

بينما تساءلت الكاتبة السعودية اللاجئة بهولندا، ريم سليمان، عن تلك الاعتقالات والأحكام، قائلة: اعتقالات تعسفية جديدة وأحكام جائرة .. إلى أين تسيرون بالبلد يا ولاة أمرنا؟

من جهته، أكد الكاتب الصحفي السعودي المعارض، تركي الشلهوب، في تغريدة عبر حسابه الموثق بـ”تويتر” أن “الأحكام بالسجن التي كُشف عنها اليوم كلها زيف واعتداء على حرية هؤلاء النخب الوطنية، الذين كان أحرى بابن سلمان أن يسلمهم مناصب في الدولة بدل حبسهم، لكنه فعلاً يثبت مع الأيام أنه أرعن.. فهد السنيدي مثلاً من ألمع معدّي ومقدمي البرامج الحوارية ومن رواد اللغة العربية، ومكانه ليس السجن!”.

بينما كتب الناشط المعارض، عمر بن عبد العزيز، هذا هو الشيخ القارئ المجود عبدالله بصفر، تربينا على صوته، وحفظنا القرآن في حلقاته، كرس حياته وعمره للقرآن تحفيظه  وتدريسه وتجويده، وتخرج بفضل الله ثم جهوده عشرات الالاف من الحفاظ من الصين شرقا لموريتانيا غربا، لا علاقة له بالعمل السياسي ولا الحقوقي، تم اعتقاله قبل أيام!

2- ردود عنيفة على خطبة “السديس” المروجة للتطبيع :

أثارت مقتطفات من خطبة الجمعة التي ألقاها إمام الحرم المكي علي عبد الرحمن السديس، جدلا واسعا، بسبب ما قال مغردون إنها احتوت على تلميحات للتطبيع، ووجود سوابق زمن النبي صلى الله عليه وسلم للتعامل مع اليهود.

وقال السديس في خطبته: “إن من التنبيهات المفيدة في الفهم السليم لعقيدة الولاء والبراء، والمعاملات الفردية والعلاقات الدولية” معرجا بعد ذلك على قصص تتعلق بتعامل النبي مع اليهود.

ولفت إلى أن درع النبي كانت مرهونة عند يهودي، وأنه شاطر يهود خيبر الزروع، وقال مغردون، إن السديس، “تجاهل أن النبي هدم حصون خيبر وطردهم عن المدينة المنورة، بسبب خيانتهم”.

وتفاعل رموز المعارضة السعودية مع خطبة “السديس” التي تمهد للتطبيع، حيث علق الناشط المعارض البارز، الدكتور “سعد الفقيه”، عبر حسابه بـ”تويتر”، قائلا: “على السديس وغيره من مشايخ الخيانة أن يعلموا أنهم سوف يحاكمون محاكمة فكرية قبل مثولهم أمام القضاء”.

وتابع “الفقيه” مغردًا: “في المحاكمة الفكرية يستجوبون أمام الكاميرات، ويعترفوا أنهم تلاعبوا عمدا بالدين، وكذبوا على الله إرضاء للحاكم، ويقرّوا بأنفسهم أن ما فعلوه إفساد في الأرض، ويستحقون نفس العقوبة”.

بينما أعادت الناشطة السعودية المعارضة، نورة الحربي، نشر خطبة “السديس”، معلقة عليها بقولها: “السديس على منبر الحرم المكي يدعو للتطبيع مع إسرائيل! ويلعب لصالح صهاينة العرب (ابن زايد وابن سلمان)، مرفقة تغريداتها بأوسمة ( #التطبيع_خيانة ، #علماء_السلطان ).

من جهته، قال المحامي والحقوقي السعودي، يحيى العسيري: “بعد اعتقال إمام الحرم #صالح_آل_طالب تعرض لمضايقات شديدة، ومرض وهو في سجن ذهبان، وكان أحد أهم أسباب اعتقاله خطبة تحدث فيها عن #فلسطين! وبعدها استدعي #السديس وتم تهديده و”إهانته”، ولكنه أكد -السديس- أنه قابل للانصهار في أي بوتقة، والتلون كما يريدون، وهاهم يحرقونه ثم يلقون به”.

بينما قال الصحفي المعارض، أحمد بن راشد بن سعيد: “في الخطابة لا يمكن تحليل النص بمعزل عن سياقه. وعندما يهمل إمام للحرم إساءة مجلة فرنسية إلى النبي ﷺ بدعم من الرئيس الفرنسي، وانتهاكات الأقصى وإبادة الإيغور والروهينغيا والكشميريين، ثم يتغزل في التطبيع، فلا بد أن تشعر بالرعب والغضب”.

بينما وصف الصحفي السعودي المعارض، تركي الشلهوب، خطبة “السديس” بأنها “كلمات خطيرة”، مؤكدًا أنه ألقاها داخل الحرم، والحرم منه براء.

وتساءل المعارض السعودي البارز، سعيد بن ناصر الغامدي، حول السبب وراء خطبة “السديس”، قائلاً: “هل يظن السُّديس بخطبته المبخرة بعود الغرقد أن الكعبة هي القُلّيس؟ وهل يظن أن من ضايق الإسلام في بلده وسجن علماءه أنه سيطبّع لكي يهتدي ناعوم وشارون وجُرجَيس؟ وأما القرآن فهو لمن عمل به نور و هدى، ومن تكسّب به فهو في ردى (وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمى)”.

3- حملات إزالة وحالة من الغليان:

سادت حالة من الغليان والتوتر إمارة تبوك غربي المملكة، عقب حملة هدم واسعة لا تزال الحكومة السعودية تنفذها في قرية الشبحة التابعة لمحافظة املج.

وذكرت مصادر محلية أن هناك تصاعدا لحدة الغليان والتوتر في قرية الشبحة في تبوك، دفع سكانها الفقراء والأرامل والمساكين لمقاومة جرافات الحكومية، وسط مناشدات بتدخل الحكماء في العائلة المالكة والمنظمات الدولية.

من جهتها، وجهت قبائل جهينة خطابًا لأمير المدينة المنورة حول عمليات الإزالة الجارية في محافظة العيص قالوا فيها إن أغلب المنازل التي يتم إزالتها يسكنها أرامل وأيتام وفقراء لا يملكون سوى تلك المنازل التي أقاموها بمساعدة المحسنين في أرض يعتبرونها موروثة لهم.

من جهته، علق الصحفي السعودي المعارض، تركي الشلهوب، على قرارات الإزالة تلك، بقوله: “قمّة القهر.. الحكومة السعودية تهدم منازل المواطنين أمام أعينهم وتُشرِّدهم في العراء”، متابعًا: “لا تزال الحكومة السعودية مستمرة في هدم منازل المواطنين وتشريدهم في العراء !!! بماذا تختلف هذه الممارسات عن ممارسات الحكومة الصهيونية؟!”.

في حين دعا الناشط المعارض، ماجد الأسمري، أفراد قبيلة جهينة للتصدي لتلك القرارات وكل من جاء لتنفيذها، قائلاً لهم أن يفخروا بصدهم للعدوان على أرضهم وأرض جدودهم رحمهم الله، وذودهم عنها بالأنفس واجتماعهم أمام أدوات النظام ليرجعوهم أذلاء صاغرين، مختتمًا كلامه بقوله: “استمروا يا أحرار، واثبتوا على موقفكم البطولي الذي يقتدى به”.

في حين أعاد الناشط المعارض، عمر بن عبد العزيز، نشر مقاطع فيديو توضح تصدي الأهالي لجرافات البلديات والقوى الأمنية المرافقة لها، واصفًا تحركات الأهالي تلك بأنها “تحركات خطيرة”.

وتابع “عبد العزيز” اللاجئ بكندا، قائلاً: “دمر منازل شعبه، وأذلهم، وشردهم، واستبدلهم بصهاينة يسكنون ديارهم، ويمرون من فوقها بطائراتهم”، في إشارة إلى “ابن سلمان”.

بينما أكد المعارض البارز، الدكتور “سعد الفقيه”، في مقطع مصور نشره عبر حسابه بـ”تويتر”، أنه لا بد من مواجهة شاملة لمخطط “ابن سلمان” للسيطرة على الأراضي السياحية في كل ربوع المملكة.

في حين، علق المحامي والحقوقي السعودي، يحي العسيري، على تلك الإزالات، بقوله: “إزالات في كل مكان! جنون جنون جنون!”.

وتابع “العسيري” بقوله: “حقد أهوج على هذا الشعب! كيف تريدون إخراج الناس من أرضهم التي عمروها قبل أن تدمروها! قبل خلقكم وقبل وجودكم!”.

4- ندوة “افتراضية” لنشطاء سعوديين لمناقشة الأوضاع الحقوقية بالمملكة:

قامت منظمة “القسط” لحقوق الإنسان في السعودية، بتنظيم ندوة افتراضية عبر تطبيق “زوم” الإلكتروني، لمناقشة أوضاع حقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية، شارك فيها برلمانيون أوروبيون ونشطاء سعوديون.

وقال عضو البرلمان الأوروبي، مارك تارابيلا، إن الاتحاد يراقب وضع حقوق الإنسان في السعودية، وإنه يعلم بوجود حملة عنيفة ضد الناشطين السياسيين في المملكة وخارجها.

وأضاف “تارابيلا” أن السعودية لا يمكنها أن تضمن حقوق الإنسان في وقت يُزج فيه بالمدافعين عن هذه الحقوق في السجون.

وأكد عضو البرلمان الأوربي على ضرورة أن يتقدم الاتحاد الأوروبي بمشروع يُناقش ويُوقع عليه في قمة الـ20 التي تستضيفها السعودية في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، بهدف الضغط على الحكومة لتحسين أوضاع حقوق الإنسان وحماية الحريات الأساسية في البلاد.

من جانبه، قال الأكاديمي السعودي، عبد الله العودة، إنه من الصعب على الناشطين داخل المملكة انتقاد الانتهاكات الجسيمة، التي يرتكبها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.

واقترح “العودة” أثناء الورشة الإلكترونية إجراء إصلاحات أساسية لتحقيق الديمقراطية وحماية الحريات الأساسية، وعلى رأسها حرية التعبير وحماية المرأة.

ودعا إلى إصلاحات ضرورية تزيل الفارق بين الوضع السياسي الحالي والمؤسسات السياسية والعقد الموجود بين الحاكم والمحكوم، بين الحكومة والشعب، وذلك حتى نتمكن من إجراء انتخابات وحماية الحريات الرئيسية.

وقال: “عندما نتحدث عن المملكة العربية السعودية، يجول في خاطرنا فورا أمور تتعلق بحقوق الإنسان والديمقراطية. هذه الأشياء وغيرها يجب أن يوليها أي متحدث الأهمية القصوى”.

وأضاف العودة الذي يقبع والده في سجون آل سعود: “ما أحب أن أثيره هنا هو هل الحكومة السعودية الحالية والنظام الحالي وديناميكيته من الناحية السياسية هل كل هذه الأمور تؤدي إلى الاستقرار؟”.