يصر نظام آل سعود على تجاهل المطالب والضغوط الحقوقية بشأن ضرورة الإفراج عن معتقلي الرأي من سجونه على خلفية تفشي جائحة فيروس كورونا المستجد.
يشكل ذلك سلوكا انتقاميا من نظام آل سعود الذي يتعسف بأبسط حقوقي معتقلي الرأي ومن ذلك أن يكونوا في بيوتهم للأمان من فيروس كورونا في ظل تربصه به.
ويتزايد القلق على مصير معتقلي الرأي في ظل طبيعة تكدس معتقلي الرأي في سجون آل سعود وافتقادهم لأدنى معايير السلامة والرعاية الطبية.
ويوم أمس أطلقت أوساط حقوقية حملة جديدة على مواقع التواصل الاجتماعي للمطالبة بالإفراج عن معتقلي الرأي في المملكة في ظل خطر تفشي فيروس كورونا في صفوفهم.
وحملت الحملة وسم #قبل_الكارثة لتعزيز مطالب الإفراج عن معتقلي الرأي في المملكة والعالم العربي وإنقاذ حياتهم من خطر فيروس كورونا.
وهدفت الحملة للضغط من أجل الإفراج عن جميع المعتقلين تعسفياً قبل فوات الأوان وانتشار كورونا داخل الزنازين.
ومؤخرا أبدت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان قلقها فيما تعلق بالوضع في سجون نظام آل سعود التي أصبحت مكتظة بالمعتقلين وتمثل بيئة سهلة لانتقال جائحة فيروس كورونا المستجد.
وقالت المنظمة الحقوقية إنه مما يضاعف هذا القلق هو استهتار حكومة آل سعود بحقوق المعتقلين وعدم اتخاذها خطوات استجابة مباشرة للحد من الآثار الخطرة المحتملة للفيروس.
ووسط تصاعد المخاوف الدولية من انتشار فيروس كورونا (covid-19)، أكد مقررون خاصون تابعون للأمم المتحدة في بيان لهم صدر في 16 مارس 2019، على أهمية أن التدابير “تكون متناسبة وضرورية وغير تمييزية”.
وأشارت المنظمة الحقوقية إلى أن هناك مخاوف من تأثير الوباء على المعتقلين، وخاصة أن من المعروف أن الحكومة السعودية غير شفافة فيما يتعلق بالمعلومات المتعلقة بهم.
وفيما لا يوجد معلومات رسمية، فإن معلومات المنظمة الأوروبية السعودية تؤكد أن السجون لا زالت مكتظة ما يزيد المخاوف من انتشار الوباء، وخاصة أنه في كثير من الحالات لا توجد أسرّة كافية لاستيعاب السجناء، كما قد يتناوب بعضهم على الأرض.
وفي عام 2013 أظهر مقطع فيديو تم تسريبه من داخل أحد السجون، ما يصفه محامون محليين بالظروف الطبيعية للسجون في السعودية، والتي بحسب ما يؤكدون ازدادت تدهورا خلال السنوات السبع الأخيرة.
يُظهر الفيديو غرفة تبلغ مساحتها حوالي 30 مترًا مربعًا، حيث يمكن إحصاء 80 شخصًا على الأقل، وهذه الظروف ستكون كارثية بلا شك، في حال أصاب الفيروس السجن بحسب المؤسسة الحقوقية.
بالإضافة إلى ظروف الاكتظاظ، فإن سياسات السجون المتعلقة بالأدوية تثير القلق بنفس القدر. يشتهر موظفو السجن بحرمان السجناء من الحصول على الرعاية الصحية الروتينية، وفي كثير من الحالات يُمنع السجناء الذين يعانون من مشاكل طبية مدى الحياة، مثل مرض السكري أو ارتفاع ضغط الدم، من الحصول على العلاج بشكل مريح. وكانت منظمة الصحة العالمية قد أكدت أن أشخاصًا مثل هؤلاء أكثر عرضة للفيروس.
إضافة إلى ذلك، لا زال هناك أعداد كبيرة من المعتقلين بتهم تتعلق بالتعبير عن الرأي وبارتكاب جرائم سياسية، وهم من الأفراد الذين لا يجب سجنهم في المقام الأول، والذين لا يمثلون أي تهديد للمجتمع السعودي. وبالتالي يجب أن يكون هؤلاء السجناء مرشحين رئيسيين للإفراج المبكر في مواجهة الأزمة، للتخفيف من مخاوف المرض.
ورغم إصدار الأمم المتحدة لهذه التحذيرات، ترى المنظمة الحقوقية أن حكومة آل سعود لم تلتفت إلى التحذيرات المقدمة حتى الآن، كما إنها ممن استغل الأزمة بإذكاء التمييز والكراهية بين المكونات السكانية.
وبحسب المعلومات المتوفرة، فإن المنظمة تؤكد أن الحكومة لم تبدأ لحد الآن بأي تدابير تتعلق بالتخفيف من اكتظاظ السجون وتوفير الرعاية الطبية اللازمة لمن هم في سجونها. حيث لم يُعرف حتى الآن وجود أي تدابير وقائية ملائمة، أو الإفراج عن المجرمين غير العنيفين، أو الإفراج عن السجناء السياسيين اللذين كان يجب عدم سجنهم من الأساس.
كما أعلنت مؤسسة “القسط لحقوق الإنسان” أنها تلقّت تسجيلاتٍ تبين التكدس الشديد في السجون الذي يصل إلى أن يتشارك النزلاء نفس الفرش.
ونبهت المؤسسة إلى أن عشرات السجناء يضطرون للنوم في الممرات وبين الأقسام، ويضطر آخرون في بعض السجون إلى الاستحمام باستخدام أحواض غسل اليدين وأباريق الماء، لافتقار مرافق الاستحمام أو دورات المياه اللائقة.
وأشارت المؤسسة إلى أن إدارة السجون العامة شرعت بالتحقيق في هذا الأمر، لكن تحقيقاتها لم تجرى بشفافية ولم يفصح عن الأوضاع الحقيقية في السجون.
وسبق أن أوردت القسط في تقاريرها السابقة معلوماتٍ عن الاكتظاظ الشديد في السجون السعودية وافتقارها للنظافة. حيث ينتشر التعذيب والمعاملة القاسية والمخدرات والجريمة.
وفي 2017، نشرت القسط عن الحالات المتكررة لتفشي الدرن والجرب وغيرها من الأمراض المعدية نتيجة لهذه البيئة السيئة.
وقبل أيام دشنت أوساط حقوقية ومغردون حملة على مواقع التواصل الاجتماعي تحت وسم #المعتقلون_بخطر_كورونا للمطالبة بالإفراج عن معتقلي الرأي في سجون نظام آل سعود مع تزايد خطر تفشي فيروس “كورونا”.
وجاءت الحملة في ظل الخطر الحقيقي على حياة معتقلي الرأي في ظل ظروف السجون الصحية المتردية وغياب الرعاية الصحة المناسبة.
وشارك في الحملة عشرات الناشطين، وأهالي وأقارب بعض المعتقلين، برز من بينهم لينا الهذلول، شقيقة الناشطة المعتقلة لجين الهذلول.
وقالت الهذلول إنها تطالب بإطلاق سراح المعتقلين، وفي مقدمتهم شقيقتها؛ نظرا للخطر الحقيقي الذي يشكله انتشار “كورونا”.
وحذر ناشطون من وجود مجموعة كبيرة من كبار السن في السجون، وهم أكثر عرضة للتأثر بفيروس “كورونا”.
ووصلت عدد حالات الإصابة بفيروس كورونا في المملكة إلى 103 حالات. وكإجراء احترازي، أوقفت سلطات آل سعود جميع الزيارات في السجون وهو ما يزيد القلق لدى أهالي المعتقلين.
وتعتقل المملكة آلاف المواطنين والمقيمين، على خلفيات تتعلق بنشر الآراء السياسية، والمطالبات الحقوقية، إضافة إلى مجموعة اعتقلوا رغم ابتعادهم التام عن الحديث في الشأن العام.
ويتعرض معتقلي الرأي في سجون آل سعود للإهمال المتعمد وعدم السماح لهم بأخذ الأدوية بانتظام، كما هو الحال مع سلمان العودة وعوض القرني.
وقد حول ولي العهد محمد بن سلمان منذ قدومه للسلطة سجون السلطات بالمملكة إلى مسالخ بشرية ومقابر جماعية من يدخلها يتعرض لأسوأ أنواع التعذيب والتنكيل حد الوفاة بفعل سوء المعاملة والإهمال الطبي.
وتوفي العديد من معتقلي الرأي تباعا في سجون سلطات آل سعود منذ قدوم محمد بن سلمان إلى السلطة، منهم: الشيخ فهد القاضي، والشيخ سليمان الدويش، والشيخ أحمد العماري، والكاتب تركي الجاسر، واللواء علي القحطاني.
كما توفى داخل سجون آل سعود: الفنان الشعبي محمد باني الرويلي، والشاب حسن الربح، والشيخ صالح الضميري، وأحمد الشايع، وبشير المطلق، ومحمد رصب الحساوي.
ويعتقد أن هناك أسماء أخرى قد تكون قد توفيت ولم يفصح عنها سلطات آل سعود.
ويستخدم بن سلمان أسلوب القمع مع جميع معارضيه وجميع مواطنين المملكة، إذ أنه يحكم المملكة بقبضة من حديد من خلال حملات الاعتقال التي يشرف عليها ومن خلال التعذيب الجسدي والنفسي الذي يتعرض له المعتقلين داخل السجون.
وشهدت المملكة، خلال العامين الماضيين، اعتقال المئات من النشطاء والحقوقيين، الذين حاولوا -فيما يبدو- التعبير عن رأيهم الذي يعارض ما تشهده المملكة من تغييرات، وسط مطالبات حقوقية بالكشف عن مصيرهم وتوفير العدالة لهم.
وطالبت منظمات دولية عديدة بإجراء تحقيق دولي بظروف معتقلي الرأي في سجون آل سعود لا سيما في ظل ما يتعرضون له من سوء معاملة وتعذيب.
وأعربت المنظمات عن إدانتها الشديدة لسوء أوضاع معتقلي الرأي في المملكة التي تملك سجلا سيئا في معاملة المعتقلين المعارضين للنظام بما في ذلك شبهات تعذيب وإهمال طبي.
كما طالبت بتحقيق دولي مستقل في سوء أوضاع اعتقال المعارضين في سجون آل سعود وتجاهل السلطات في المملكة المطالب الداعية لتوفير الرعاية الصحية لهم ووقف انتهاكات سوء المعاملة وأشكال التعذيب النفسي والجسدي بحقهم.
وسبق أن كشفت المنظمات الحقوقية -وبينها منظمتا العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش- في تقارير متعددة عن تعرض معتقلي الرأي في سجون آل سعود لأساليب تعذيب مختلفة لا تفرق أحيانا بين سن المعتقل أو جنسه.
وتحدثت المنظمات الحقوقية عن إخضاع سجينات الرأي والناشطات الحقوقيات المعتقلات للمعاملة الحاطة بالكرامة والتحرش الجنسي.