تطبيق يحول المواطنين إلى عملاء للشرطة”.. هكذا وصف موقع “ميدل إيست مونيتور” الأثر الذي أحدثه “كلنا أمن” بمواقع التواصل الاجتماعي في المملكة العربية السعودية.
وذكر الموقع، في تقرير نشره الجمعة، أن التطبيق يسمح للسعوديين بتنبيه السلطات إلى تغريدات عبر “تويتر” أو منشورات عبر عموم وسائل التواصل، ما يمكن السلطات من ملاحقة أصحابها واعتقالهم، كما جرى مع طالبة الدكتوراه في جامعة ليدز “سلمى الشهاب”.
وأشار التقرير إلى صدور حكم قضائي ضد “سلمى” بالسجن لمدة 34 عامًا، إضافة إلى حكم آخر ضد “نورة سعيد القحطاني” بالسجن لمدة 45 عامًا، بسبب منشورات كل منهما على وسائل التواصل، ما يسلط الضوء على “حملة قمع” تستهدف الناشطين عبر الإنترنت، خاصة النساء.
وأدينت “نورة” بدعوى “استخدام الإنترنت لتمزيق النسيج الاجتماعي (السعودي)”، وفقاً لمجموعة داون، وهي منظمة حقوقية مقرها واشنطن، فيما تعتقد منظمات حقوقية أخرى أن “مواطنين” أبلغوا عن “سلمى الشهاب” باستخدام “كلنا أمن”، وهو تطبيق حكومي يتيح للمواطنين تنبيه السلطات إلى الحوادث أو التهديدات اليومية.
وأظهرت لقطات استعرضتها مؤسسة “طومسون رويترز” تعليقا لأحد مستخدمي “تويتر” على تغريدة لـ”سلمى”، جاء فيها: “لقد دخلت إلى حسابك، ووجدته مثيرًا للشفقة ومليئًا بالقمامة؛ لقد التقطت عدة صور وأرسلتها إلى تطبيق كلنا أمن”.
وأشار “ميدل إيست مونيتور” إلى أن تنزيل “كلنا أمن” باللغة العربية أكثر من مليون مرة من متجر “جوجل بلاي”، ما يؤشر إلى مدى الانتشار الواسع للتطبيق في الأوساط السعودية.
ورغم أنه يصف نفسه بأنه تطبيق مفيد لتسريع “مهام الإنقاذ”، يقول حقوقيون إنه يساعد السلطات على تشكيل شبكة أوسع ضد الناشطين والمعارضين الذين يُنظر إليهم على أنهم تهديد للحكومة السعودية.
وفي السياق، قالت باحثة حقوق المرأة في “هيومن رايتس ووتش”، “روثنا بيجم”: “المشكلة في السعودية هي أن فهمهم للجريمة أوسع بكثير مما هو معترف به بموجب القانون الدولي (..) إنها فضفاضة وغامضة، فأي شيء يمكن أن يكون جريمة”.
وتقول جماعات حقوقية إن المتصيدين الحكوميين يجوبون وسائل التواصل الاجتماعي بحثًا عن المعارضة، ويتحرشون بأي شخص يبدو أنه يحيد عن الخط الرسمي.
ولولا هذا النوع من المراقبة، الذي أصبح ممكنًا عبر “كلنا أمن”، لكان من الصعب على الحكومة اكتشاف وجود “سلمى الشهاب” على “تويتر”، بحسب تأكيد الحقوقيين.
فمستخدمو “تويتر” يمكنهم الإبلاغ عن تغريدات مستخدمين آخرين عن طريق وضع علامات على حساب “كلنا أمن”، حسبما تؤكد “لينا الهذلول”، رئيسة قسم المراقبة والاتصال في جماعة “القسط” الحقوقية، مشيرة إلى أنها وثقت ما لا يقل عن 8 حالات لوضع علامات على حساب “كلنا أمن” تحت تغريدات ناشطين.
وأضافت: “إنهم يريدون حقًا أن يكون المجتمع المدني غير مرئي، ولا يريدون وجود معارضة، ولا حتى على الإنترنت”.
وهذه ليست المرة التي يتعرض فيها تطبيق نشرته الحكومة السعودية لانتقادات من جماعات حقوق الإنسان، على الرغم من المزاعم الرسمية بأن هذه التطبيقات تهدف ببساطة إلى جعل المهام اليومية أسهل وأكثر أمانًا.
فتطبيق “بلاغ”، يدعو الأشخاص للإبلاغ عن الموظفين الحكوميين الفاسدين والمخالفات التجارية، لكنه يُستخدم أحيانًا لتسوية عمليات الثأر الشخصية.
كما يستخدم السعوديون، الذين يكفلون عمالة أجانب، تطبيق “أبشر” لمنح الإذن لموظفيهم بمغادرة البلاد، لكن المنتقدين يقولون إنه غالبًا ما يعمل على تقييد حرية حركة العمال الذين يعيشون في المملكة.
ووفقًا لتقرير أصدرته منظمة “هيومن رايتس ووتش” عام 2019، يمكن لأصحاب العمل تقييد حركة العمال عن طريق إصدار تأشيرات الخروج والدخول بتواريخ محددة أو عن طريق التحكم في تأشيرات الخروج الخاصة بهم.
وأشار المستشار القانوني للمنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، “طه الحاجي”، إلى أن “الواجب والخوف” هما الدافع وراء تفاعل كثير من السعوديين مع تطبيقات “الوشاية”.
وأوضح “الحاجي” أن دعاية السلطات السعودية تعمل على إقناع المواطنين العاديين بأن “التجسس أو الإبلاغ عن بعضهم البعض” واجب وطني، وتخويفهم من مغبة عدم ممارسة ذلك.
وأردف: “إذا علم شخص ما بوقوع انتهاك ولم يبلغ عنه فعندئذ يكون طرفًا في ذلك الانتهاك. ويُعتبر الشخص الذي يتستر على جريمة متواطئًا”.