سلطت صحيفة تركية، الضوء على فضيحة “تويتر” الأخيرة وتورط رجلين كانا يعملان في الشركة، ببيع بيانات المستخدمين المعارضين للسعودية إلى السلطات في الرياض مقابل المال.
وأكدت الصحيفة: أنه “على الرغم من تعهدات تويتر بحماية بيانات المستخدمين، فإنه وطالما بقي مكتب تويتر في دبي، سيبقى الأمر على حاله وسيتسبب في تسريب بيانات المستخدمين بل وصولا إلى مقتل آخرين كما حدث مؤخرا بالفعل”.
فضيحة تويتر
آخر التطورات، هو ما ذكرته وكالة رويترز: من أن قاضية أميركية قررت الإفراج بكفالة عن الموظف السابق في تويتر المتهم بالتجسس لصالح السعودية المواطن الأميركي أحمد أبو عمو، في حين ما زال سعوديان متهمان بالقضية طليقين في المملكة العربية السعودية.
وكان أبو عمو قد مثل أمام المحكمة الاتحادية في سياتل بولاية واشنطن الأميركية في جلسة ثانية الجمعة بتهمة التجسس لصالح السعودية.
ويتهم أبو عمو (41 عاما) إلى جانب مواطن سعودي هو علي آل زبارة (35 عاما)، بالتجسس لصالح السعودية، والحصول على معلومات شخصية بصورة غير قانونية لمستخدمي تويتر ممن ينتقدون المملكة. ويبدو أن أبو عمو تجسس على العديد من الحسابات بين نهاية 2014 وبداية 2015 مقابل ساعة فاخرة ومبلغ 300 ألف دولار على الأقل.
أما علي آل زبارة فقدم في 2015 معطيات عن ستة آلاف حساب على الأقل وخصوصا حول معارض سعودي لجأت عائلته إلى كندا، كما ورد في محضر الاتهام. وكانت وزارة العدل الأميركية قد أعلنت اتهام أبو عمو وآل زبارة بالتجسس لصالح السعودية “وكونهما عميلين غير شرعيين لحكومة أجنبية”.
وقال النائب العام الأميركي ديفيد أندرسون -في بيان-: إن “الشكوى الجنائية التي كشف عنها تتهم سعوديين بالبحث في الأنظمة الداخلية لتويتر من أجل الحصول على معلومات شخصية عن معارضين سعوديين والآلاف من مستخدمي تويتر”.
وأضاف: أن “قوانين الولايات المتحدة تحمي الشركات الأميركية من اختراق خارجي غير شرعي كهذا، ولن نسمح باستخدام الشركات الأميركية أو التكنولوجيا”.
وقال مساعد المدعي العام الأميركي للأمن القومي: إن المتهمين عملوا في الولايات المتحدة، بإشراف وتوجيه من مسؤولين سعوديين، وحصلوا على معلومات خاصة عن مستخدمي تويتر المعارضين للحكومة السعودية.
واتهم شخص ثالث، وهو السعودي أحمد المطيري (30 عاما): بأنه كان مبعوث الرياض للموظفين السابقين، كما يشتبه بأنه ساعد آل زبارة على الفرار من الولايات المتحدة في نهاية 2015 بعدما طرحت عليه إدارة تويتر أسئلة للمرة الأولى.
وقال بيان لوزارة العدل: إن الثلاثة يواجهون -في حال إدانتهم- عقوبة السجن عشر سنوات، وغرامة تقدر بـ250 ألف دولار، في حين يواجه أبو عمو عقوبة إضافية مدتها عشرون عاما وغرامة قدرها 250 ألف دولار، بتهمة تدمير سجلات أو تغييرها أو تزويرها.
وكان سعود القحطاني، أحد المقربين من ولي عهد المملكة العربية السعودية محمد بن سلمان ومخطط اغتيال جمال خاشقجي، هدد في وقت سابق المعارضين مشيرا: إلى أن الدولة أي السعودية لديها عدة طرق في كشف المعارضة حتى لو فتحوا حسابات بأسماء وهمية.
ويمكن فهم هذه التغريدة السابقة في إطار ما يجري من حديث عن بيع بيانات مستخدمي تويتر للسعودية مقابل المال. وسعود القحطاني معروف بإدارة “الذباب الإلكتروني” السعودي على “تويتر”. وسبق أن أعلن عن “لائحة سوداء” لمتابعة جميع منتقدي السعودية، وبينهم مغردون.
رجالات ابن سلمان
ورأى الكاتب التركي “إسماعيل ياشا” في مقال له بصحيفة “ديرليش بوسطاسي”: أنه “وبلا شك، أن هذه الحادثة، هي أيضا ذات صلة بشكل أو بآخر بولي العهد السعودي محمد بن سلمان؛ لا سيما وأن أحمد المطيري، الذي كان على اتصال مع المشتبه بهم بالتجسس، قريب من ولي العهد السعودي”.
ليس هذا فحسب، يقول الكاتب: “بل حتى يقال أيضا إن عمليات التجسس هذه الذي قادها أحمد المطيري على تويتر أجريت بالتعاون مع بدير العسكر، مدير المكتب الخاص لمحمد بن سلمان”.
وفي الحقيقة – بحسب الكاتب – يتكرر الأمر، وتتكرر الأسماء القريبة من محمد بن سلمان، وهي ذاتها التي ذاع صيتها وقت تنفيذ جريمة قتل خاشقجي بقنصلية بلاده في إسطنبول.
ويتابع: “عادت الأسماء لتتكرر والقاسم المشترك بينها كلها أنها قريبة من ولي العهد، وكما الحال في خاشقجي ترك المنفذون آثارهم بشكل عجيب حين التجسس على مواطنيهم من المعارضة؛ والسبب في ذلك هو أن رجالات السعودية ليست خائفة من الجريمة؛ لأنهم يرون أنفسهم فوق القانون ويعتقدون أنه يمكن بالأموال غسل جميع أنواع الجرائم”.
ورغم أن مقتل خاشقجي أثبت تماما أن ليس كل شيء يمكن شراؤه بالمال، لم يتعظ ولي العهد ولا رجالاته.
“تويتر” من جهتها، وبعد أن تأكدت من مصداقية الواقعة، أصدرت بيانا تعهدت فيه بحماية المستخدمين بشكل أكبر.
وقالت الشركة في بيان: “نتفهم المخاطر الجمة التي يواجهها العديد من مستخدمي تويتر لمشاركة مبادئهم مع العالم، وتحميل هؤلاء في السلطة المسؤولية. لدينا أدوات لحماية خصوصياتهم وقدرتهم على عملهم المهم”.
وأكدت الشركة في بيانها: “نحن ملتزمون بحماية هؤلاء الذين يستخدمون خدماتنا للمطالبة بالمساواة والحريات الشخصية وحقوق الإنسان”.
موضع شك
واستدرك الكاتب في مقاله: أن مطالبة موقع التواصل الاجتماعي الشهير تويتر بحماية الخصوصية وفي ذات الوقت المحافظة على علاقاته بالأنظمة الديكتاتورية هو موضع شك كبير.
فعلى سبيل المثال، نشرت صحيفة مترو البريطانية في اليوم السابق مقالا للصحفي لوسي ميدلتون، تحدث فيه عن مكتب تويتر في دبي، والذي أدى لمقتل صحفي سعودي ينتقد انتهاكات حقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية عبر حساب باسم وهمي كان يحمل اسم “كشكول”.
وقالت الصحيفة في تقرير: إن الصحفي تركي الجاسر اعتقل في السعودية باعتباره صاحب حساب (كشكول)، والذي كان متخصصا في نشر معلومات عن انتهاكات حقوق الإنسان من قبل أفراد العائلة المالكة ومسؤولين في السعودية.
ولفتت: أن الجاسر اعتقلته السلطات في المملكة في 15 مارس/أذار الماضي بتهمة إدارة حساب على تويتر تحت مسمى “كشكول”، والذي كشف عن انتهاكات حقوق الإنسان من قبل السلطات السعودية وأفراد العائلة المالكة، ثم توفي أثناء تعرضه للتعذيب في الحجز، بعد أن أثار غضبا بسبب تسرب مزعوم للمعلومات التي أدت إلى القبض عليه.
وأشارت الصحيفة: إلى أن السلطات السعودية توصلت إلى الجاسر بعد أن حصلت على معلوماته الشخصية من مكتب “تويتر” في دبي، الذي تورط في التجسس على حسابات المنشقين السعوديين.
وفي الوقت الذي تتم فيه مناقشة تسبب مكتب تويتر في دبي بمقتل تركي الجاسر تحت التعذيب، دعا صحفيون وناشطون عرب “تويتر”، لنقل مكتبه في الشرق الأوسط من الإمارات إلى دولة أخرى. وكان تويتر افتتح مكتبه في دبي في “أغسطس/آب” عام 2015.
الكاتب شدد: على أنه “لا فائدة من التزام تويتر بحماية خصوصية المستخدمين دون نقل مكتبه في دبي إلى بلد يحترم الربيع العربي، والإرادة الحرة للشعب، والديمقراطية، مثل تونس؛ لأنه وفي الشارع العربي يجري الحديث عن أن مكتب تويتر ما هو إلا واجهة استخبارية لدبي للحصول على المعلومات التي تلزمها عن المستخدمين الذين يعارضون سياستها وسياسة حلفائها”.