من المقرر أن يشارك رئيس الوزراء الإسرائيلي “بنيامين نتنياهو” في قمة المناخ على مستوى الزعماء التي تنظمها إدارة “جو بايدن” في 22 أبريل/نيسان الجاري.
ومع انعقاد القمة افتراضيا، لن يحصل “نتنياهو” على فرصة لعقد لقاء شخصي مع العاهل السعودي الملك “سلمان بن عبدالعزيز آل سعود”، الذي يشارك في الفعالية ضمن 40 زعيما تمت دعوتهم.
بالنسبة لـ”نتنياهو”- إذا كان لا يزال حينها على رأس قيادة إسرائيل- ستكون هذه فرصة ضائعة ثانية في غضون أسابيع قليلة.
فقد كان رئيس الوزراء الإسرائيلي يأمل في لقاء ولي العهد السعودي الأمير “محمد بن سلمان” خلال زيارته المخطط لها مؤخرا إلى الإمارات، لكن السعوديين رفضوا الاجتماع حتى قبل إلغاء الزيارة نفسها.
وفي مقابلة مع صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية، في 15 مارس/آذار الماضي، قال “نتنياهو” إن إسرائيل في طريقها لصنع السلام مع 4 دول أخرى في المنطقة، قائلا: “لقد جلبت 4 اتفاقات سلام (في إشارة إلى اتفاقيات التطبيع مع الإمارات والبحرين والسودان والمغرب)، وهناك 4 أخرى في الطريق، وقد تحدثت مع واحد منهم (أحد القادة في المنطقة) أمس”.
ولم يحدد “نتنياهو” الدول الأربع التي قصدها، لكن محللين قالوا إنه كان يشير إلى السعودية وعمان وقطر وموريتانيا أو النيجر.
ثم، في 21 مارس/آذار الماضي، وذلك قبل يومين فقط من الانتخابات العامة في إسرائيل، أشار “نتنياهو” علنا إلى العلاقات مع السعودية.
وقال في مقابلة أجرتها معه محطة “إذاعة الجيش” الإسرائيلي: “سيكون لدينا رحلات جوية مباشرة للحجاج الإسرائيليين المسلمين من تل أبيب إلى مكة”.
ربما كان وعد رئيس الوزراء موجها أولا وقبل كل شيء إلى جمهور الناخبين الإسرائيليين العرب، في محاولة أخيرة لكسب دعمهم له في مقار الاقتراع.
ومع ذلك، كان رد فعل الرياض سريعا ومؤلما.
ففي 22 مارس/آذار الماضي، نشر المستشار السابق للحكومة السعودية “نواف عبيد”، مقالا في صحيفة “القدس” الفلسطينية، قال فيه إن بلاده لن تطبيع العلاقات مع إسرائيل حتى يتم التوصل إلى اتفاق سلام يؤسس لدولة فلسطينية مستقلة.
في الواقع، كان “عبيد” يردد ما قاله وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية “عادل الجبير”، في 19 مارس/آذار الجاري؛ حيث ذكر (الأخير) أنه على الرغم من تطبيع العلاقات بين بعض الدول العربية وإسرائيل، فإن موقف المملكة تجاه القضية الفلسطينية لم يتغير، مضيفا أن “التطبيع لا يمكن أن يتحقق إلا إذا تم التوصل إلى اتفاق سلام (مع الفلسطينيين)”.
تشعر تل أبيب بخيبة أمل بسبب إحجام الرياض عن التقارب معها، ولا يتعلق الأمر فقط بتقديم نتنياهو إنجازات دبلوماسية للإسرائيليين.
ففي عمود بتاريخ 22 فبراير/شباط الماضي، إلى صحيفة “بوليتيكو” الأمريكية، كتب “آرون ديفيد ميلر” و”ريتشارد سوكولسكي” أن “الانتخابات لها عواقب. ولا مكان تكون فيه عواقب انتخاب جو بايدن أكثر إثارة للقلق مما هو عليه الحال في تل أبيب والرياض. في الأسبوع الماضي، وجه الرئيس رسالة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وولي العهد السعودي محمد بن سلمان -أكبر شخصيتين في المنطقة- مفادها أن شهر العسل مع واشنطن المتمثل بحقبة دونالد ترامب قد انتهى”.
وبالتالي، فإن تل أبيب لديها عدة أسباب للقلق. أولا، مع الرئيس “جو بايدن”، تخسر إسرائيل، جزئيا على الأقل، وضعها التفضيلي لدى الولايات المتحدة. ثانيا، الدولة التي من المفترض أن تكون الحليف الرئيسي لإسرائيل في محور مناهض لإيران -السعودية- يتم عزلها أيضا من قبل إدارة “بايدن”. ثالثا، تستمر إدارة “بايدن” في مضاعفة رسائل استرضاء طهران.
على سبيل المثال، في 26 مارس/آذار الماضي، قال مسؤول أمريكي لـ”رويترز”، مشترطا عدم نشر اسمه، إن مسألة الطرف الذي يجب عليه أن يتخذ الخطوة الأولى لاستئناف الالتزام بالاتفاق النووي الإيراني المبرم عام 2015 ليست مشكلة بالنسبة للولايات المتحدة.
كل هذا يتلخص في شيء واحد: إسرائيل بحاجة ماسة لتحالف ضد إيران يتجاوز “بايدن”، على أن تكون السعودية مفتاحا لهذا التحالف.
في 25 فبراير/شباط الماضي، ذكرت قناة “آي24 نيوز” الإسرائيلية، أن إسرائيل تجري محادثات غير رسمية مع السعودية والبحرين والإمارات، لإنشاء تحالف دفاعي من 4 دول.
وقال التقرير إن الدول الأربع قلقة من تنامي التهديد الإيراني في المنطقة، على المستوى النووي، وكذلك من توسع النفوذ الإيراني في سوريا والعراق.
وظهرت تقارير أخرى على نفس المنوال في بداية مارس/آذار الماضي.
إذ دعا رئيس المؤتمر اليهودي العالمي “رونالد لودر”، في مقال رأي نشره موقع “عرب نيوز”، إلى قيام ناتو الشرق الأوسط.
وقال مسؤول إسرائيلي لم يذكر اسمه بعد المقال إن إسرائيل والسعودية والإمارات والبحرين تناقش بالفعل توسيع التعاون بشكل غير رسمي في مواجهة الأعداء المشتركين.
وقال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي ردا على ذلك إنه “لا يؤكد التقرير، لكننا مهتمون دائما بتحسين العلاقات مع شركائنا في الشرق الأوسط”.
من الواضح أن الدول الأربع تعتقد أن إيران النووية ستمثل تهديدا إقليميا وعالميا كبيرا، وهم جميعا قلقون بشأن خطة إدارة “بايدن” للعودة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة لعام 2015 (الاتفاق النووي مع إيران).
ومع ذلك، فبدون دعم إدارة “ترامب”، وفي مواجهة زعيم إسرائيلي في سعي دائم وراء التقاط الصور، قد يتلاشى الحماس في دول الخليج للتعاون مع تل أبيب.
في الواقع، يبدو التحالف الإسرائيلي-السعودي-الإماراتي- البحريني الناشئ ضد التهديد الإيراني الآن أقل قبولا.
أيا كان من سيصبح رئيس وزراء إسرائيل المقبل، فسيتعين عليه معالجة هذه المسألة بسرعة؛ فالبيت الأبيض لن ينتظر إسرائيل لتشكيل حكومة جديدة، من أجل اتخاذ قراراته الخاصة بشأن إيران.