خاص: أشارت مجلة “فورين بوليسي” في تقرير لها إلى أنه عندما أطلق وزير الدفاع السعودي آنذاك، محمد بن سلمان، عملية عاصفة الحزم ضد الحوثيين في مارس 2015، افترض أن العملية العسكرية ستحقق نصرًا سهلاً من شأنه أن يساعد في تأكيد ترقيته في نهاية المطاف إلى ولي العهد والملك المستقبلي.
وأضافت المجلة أنه وبدلاً من ذلك، أصبح الأمر كارثة في العلاقات العامة، حيث لم تكتف المملكة العربية السعودية علنًا بمعاملة السكان اليائسين والفقراء بوحشية، بل أثبتت أيضًا أنها غير قادرة على هزيمة مجموعة “رثة” من المتمردين على الرغم من مليارات الدولارات من المعدات العسكرية الأمريكية، ويعكس استعداد السعوديين الأخير للتفاوض على وقف إطلاق النار موقفهم الضعيف.
مطالب تعجيزية:
جاءت تصريحات وزير الخارجية الأمريكي، أنطوني بلينكين، في مقابلة حديثة مع فريد زكريا مراسل سي إن إن حول الحرب في اليمن، ليقول فيها إن “السعوديين انخرطوا بشكل مثمر في محاولة إنهاء هذه الحرب”. وانتقد المتمردين الحوثيين، المعروفين رسمياً باسم أنصار الله، الذين “يواصلون الصمود” بعدم موافقتهم على التفاوض.
وتقول المجلة إن تصريحات “بلينكن” تعكس الموقف الرسمي للولايات المتحدة، وتخونها إما نقص المعلومات أو رفض قبول الواقع على الأرض؛ وهو أن الحوثيون هزموا السعوديين.
وذكرت “فورين بوليسي” أنه رغم ذلك الواقع على الأرض، إلا أن ادعاء الولايات المتحدة والسعودية بأنهما يسعيان إلى السلام أقل صدقًا، فالطلبات التي طلبوها من الحوثيين تعجيزية تشجعهم على مواصلة القتال بدلاً من قبول الهدنة، قائلة: “لإنهاء الحرب، عادة ما يملي المنتصرون الشروط على الخاسرين. لذا فإن فرض المطالب المتطرفة على المنتصرين أمر غير مجدٍ: فهم ببساطة سيواصلون القتال”.
القرار 2216 لسنة 2015:
فقرار مجلس الأمن رقم 2216 في أبريل 2015، يطالب الحوثيين بترك الأراضي التي استولوا عليها، كذلك يطالب الحوثيين بالتخلي عن أسلحتهم ومكاسبهم الإقليمية. لكن بالنظر إلى الوضع الحالي في ساحة المعركة، سيرفض الحوثيون أي تفاوض على أساس هذه الشروط التي عفا عليها الزمن، بحسب المجلة.
وتضيف “فورين بوليسي” أن “القرار 2216 يعكس الأوضاع في اليمن قبل ست سنوات، عندما كان لا يزال من الممكن لليمن العودة إلى عملية الانتقال السياسي التي تدعمها الأمم المتحدة والتي عطلها الحوثيون من خلال الاستيلاء على صنعاء في أواخر عام 2014. ولا يعكس ميزان القوى اليوم”.
وتابعت المجلة بقولها: “ومع ذلك، لأن القرار 2216 يعكس مطالب غير واقعية وعفا عليها الزمن، فإنه يطيل من أمد الصراع ويمنع التفاوض الفعال”، مضيفة: “ينتصر الحوثيون في الشمال، بينما تسيطر الجماعات الانفصالية الجنوبية مثل المجلس الانتقالي الجنوبي على الجنوب بمساعدة كبيرة من الإمارات العربية المتحدة. في غضون ذلك، تستمر الميليشيات المتنافسة في التكاثر، لأن العنف يوفر الوسيلة الوحيدة للوصول إلى الموارد ومقعدًا محتملاً على طاولة مفاوضات مستقبلية. كان مؤتمر الحوار الوطني قد وافق على نظام فيدرالي لليمن، لكن الفيدرالية قد تفسح المجال للتجزئة الكاملة. وكلما طال أمد الحرب، ازداد تشظي البلد، وأصبح السلام بعيد المنال”.
الحل المأمول:
لفتت “فورين بوليسي” في تقريرها إلى أنه طالما ظل القرار 2216 إطارًا للمفاوضات، فسيستمر في إعاقة التقدم من خلال السماح للسعوديين بتبرير أفعالهم التي تتغاضى عنها الأمم المتحدة، مع ثني الحوثيين عن التفاوض. إن القرار الجديد ضروري ويجب أن يسترشد بثلاثة مبادئ: استعادة السيادة، ومنع التدخل، وتشجيع الشمولية.
وأوضحت المجلة أن إطار العمل الحالي يبرر المشاركة المستمرة للجهات الأجنبية في اليمن؛ مشددة على أن القرار الجديد يجب أن يؤكد على السيادة اليمنية، وسيطرة اليمن على موانئها وحدودها، كذلك يجب أن يشمل القرار انسحاب جميع الجيوش الأجنبية من اليمن، بما في ذلك الوجود العسكري الغير شرعي من المملكة العربية السعودية في المهرة، فضلاً عن سيطرة دولة الإمارات العربية المتحدة على الجزر من Mayun و سقطرى، وهو موقع التراث العالمي لليونسكو.
كما يجب أن يحتوي القرار على آليات لمنع حالات التدخل الأجنبي في شؤون اليمن في المستقبل، لذا فإن حظر توريد الأسلحة إلى أي فصيل يمني يستهدف مشاركة السعودية والإمارات وإيران. للمساعدة في تحفيز الجهات الأجنبية الفاعلة لتعزيز السلام في اليمن، يجب أن ينص القرار على رفع حظر الأسلحة بمجرد التمسك بوقف إطلاق النار لمدة عام. يجب على الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا – التي تستفيد جميعها من بيع الأسلحة التي تضع النفايات في اليمن – أن تحسب حساب الضرر الذي تسببت فيه، مثل المساعدة في إعادة بناء البنية التحتية المدمرة.
واختتمت المجلة تقريرها، بالتأكيد على أن القرار يجب أن يعطي الأولوية للشمولية من خلال تشجيع مشاركة جميع المجموعات ذات الصلة في المفاوضات حول مستقبل اليمن، كذلك يجب أن تعترف بمظالم العديد من الأشخاص الذين تمت معاملتهم بوحشية بسبب الاختلال الوظيفي السابق في اليمن والعنف الحالي. ومع ذلك، يجب على الأمم المتحدة ألا تملي الشروط لحل جميع القضايا العالقة في الحرب الأهلية اليمنية: يجب ترك هذه للشروط اليمنية، مما يخفض القيود على جميع الأطراف لبدء المفاوضات.