حملة الإعدامات التي نفذها النظام السعودي في 12 مارس/آذار 2022، بحق 81 معتقلا، بزعم أنهم “تبنوا الفكر الضال والمعتقدات المنحرفة، ذات الولاءات الخارجية والأطراف المعادية، وبايعوها على الفساد والضلال”، أثارت غضب الناشطين على “تويتر”.
الناشطون أكدوا عبر تغريداتهم على حساباتهم الشخصية ومشاركتهم في وسوم عدة، أبرزها #الموت_لآل_سعود #إعدامات_السعودية #إعدام81، وغيرها، أن “القضاء يفتقر إلى كل شروط العدالة ومسيس وغير مستقل وينفذ ما تمليه عليه السلطة الحاكمة”.
واستنكر ناشطون الصمت الشعبي على الإعدامات المتتالية التي تشهدها المملكة منذ وصول ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى منصبه عام 2012، والذي أتبعه بسلسلة اعتقالات واسعة طالت دعاة وكتابا وعلماء ومفكرين، داعين الشعب لـ”الانتفاض ضد السلطة”.
واتهموا النظام السعودي بارتكاب “أبشع الجرائم والمجازر” في التاريخ ضد الأفراد والجماعات بذريعة “اعتناق أفكار ضالة ومعتقدات منحرفة” وبمزاعم تنفيذ “حكم شرعي”، مؤكدين أنها سلطة غير شرعية تعيث في الأرض فسادا، وتقتل الشعب وتهدم بيته، وتسرق ثروات الوطن.
بدورها، أدانت منظمة “القسط” لحقوق الإنسان تنفيذ السلطات السعودية عشرات أحكام الإعدام، وعدتها “خطوة للوراء فيما يتعلق بوعودها حول الإصلاح المعني بعقوبة الإعدام”.
وأكدت في بيان أن “القضاء في السعودية غير مستقل، وتبين ذلك في عدم احتكامه إلى أنظمة واضحة وشفافة، كما لم تقم بتقنين القضاء بعد، رغم إعلانات أصدرتها حول ذلك”، مشيرة إلى “سجل السلطات الطويل في المحاكمات الجائرة، واعتماد اعترافات منتزعة بالتعذيب من المتهمين”.
وقالت القسط إنه “لطالما استخدمت السلطات السعودية أنظمتها القانونية لملاحقة المعارضين والنشطاء وقمعهم، وتحديدا نظام مكافحة الإرهاب الذي تستهدف بموجب مواده الفضفاضة أي نشاط سياسي أو ناقد بصفته نشاطا إرهابيا”.
واستنكرت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان “نسف الحكومة مجددا كل وعودها بالتخلص من عقوبة الإعدام، خاصة مع إعدامات 12 مارس 2022”.
قضاء مسيس
وأشار ناشطون إلى أن مثل هذه الأحكام يجب أن تكون من جهة مستقلة لا تتبع للسلطة التنفيذية، مؤكدين أن القضاء السعودي غير مستقل ويخضع للحسابات السياسية، والمدانين يوجد منهم أبرياء ليس لهم علاقة بالعنف ولا الفكر المتطرف.
الأمين العام السابق لحزب التجمع الوطني، يحيى عسيري، عد كل من يبرر هذه الجريمة أو بعضها “شريكا في الدم وفي إرهاب المجتمع!”، متسائلا: “كيف يتم تبرير أو قبول أحكام قضاء فاسد مرهون للسياسي، السياسي الجائر الفاسد المستبد الجاهل الوحشي، بيده قضاء فاسد جاهل تابع لظالم، في غياب للمجتمع وللرقابة وللمساءلة وللنزاهة وللاستقلال وللشفافية!”.
وقال عضو حزب “التجمع الوطني السعودي” المعارض، عبدالله عمر، إن “الجميع يعرف أن القضاء فاسد والنيابة تتحرك بأوامر الديوان الملكي، ولا يوجد آلية مستقلة يمكن التحقق من خلالها من حقيقة الاتهامات التي وجهت لهؤلاء وغيرهم قبل إعدامهم”، مضيفا: “لذلك يجب العمل على إلغاء عقوبة الإعدام ووقف المحاكمات فورا!!”.
ورفض عضو الهيئة القيادية في حركة “خلاص”، توصيف الإعلام السعودي الإعدامات بأنها “أحكام القضاء الشرعي”، قائلا: “القضاء الشرعي إن كان يؤشر إلى القضاء الوهابي فهذا كذب وإن كان لاستناده على أدلة شرعية فهذا افتراء، وأما الكلام عن قضاء في الأصل فهذا هراء”، مؤكدا أن “الأحكام خرجت من ديوان الملك الذي يرأسه صبيه ابن سلمان”.
وتساءل الصحفي السعودي المعارض تركي الشلهوب عن المعدومين، قائلا: “من هم؟ ما هي تهمهم؟ متى اعتقلوا وكيف؟ من هم القضاة الذين حكموا عليهم؟”.
وأكد ناشطون أن الاعترافات التي تعتمد عليها السلطات السعودية في تبرير إعداماتها منتزعة من المعتقلين بطرق غير مشروعة، وأن عقوبة الإعدام تستخدم للتنكيل بالمعتقلين، مستنكرين صمت الشعب على تمادي النظام في القمع والتنكيل.
الناشطة الحقوقية، حصة الماضي، أشارت إلى أن “81 من أرواح الأبرياء انتزعت منهم الاعترافات تحت التعذيب أو تم إجبارهم بالتوقيع على تهم لم يرتكبوها”، متسائلة: “يا شعب بلاد الحرمين إلى متى الصمت على هذه السلطة المستبدة الدموية التي اعتقلت أبناءكم وتحرشت ببناتكم المعتقلات، وأذهبت عقول البعض بالتعذيب الممنهج وقتلت البعض بالإهمال”.
وانتقد المعارض السعودي، ماجد الأسمري، “النظرة الانتقائية للمظلومين”، مؤكدا أن “عقوبة الإعدام ببلدان تفتقد فيها المعايير الإجرائية والقضائية العادلة ظلم للضحية والمجتمع”.
وكتب المغرد مشبب الزهراني: “أصعقني بالكهرباء واقتلع أسناني وقطع لثتي بالمشرط وخلع أظافري وتحرش بزوجتي بعدها يسألك الضابط هاه أنت إرهابي ولا لا؟ طبعا أنا مؤسس تنظيم القاعدة”.
وقال المواطن سعيد العنزي: “كثيرا ما نتكلم عن الظالمين والمستبدين ولا نتكلم عن الساكتين رغم أن الظالم لم يكن ليتمادى في ظلمه وطغيانه إلا بسبب هؤلاء الذين تقوى الظالم والمستبد بسكوتهم”، مضيفا: ” 100سنة ونحن ساكتون عن جرائم آل سعود في حق أبنائنا وشعبنا.. ألا يكفي؟!”.
مجزرة ابن سلمان
ونعت ناشطون الإعدامات التي نفذها النظام السعودي بـ”المجزرة”.
الصحفية ديانا مقلد، قالت: “في مجزرة صارخة أعدمت السعودية 81 شخصا بشكل دموي شكل صدمة واسعة”، متسائلة: “هل تفلح محاولات تجميل عهد ابن سلمان بعد هذه المجزرة كما حصل بعد جريمة قتل الصحفي جمال خاشقجي؟”.
ووصف أحد المغردين ما حدث بـ”المجزرة بحق العشرات من شباب المعارضة السعوديين، موضحا أن منهم اثنين من الأسرى اليمنيين و40 من شيعة القطيف بإجمالي 81 تم قطع رؤوسهم قبل شهر رمضان قرابين يقدمهم النظام السعودي لإشباع جوعهم الطائفي البغيض”.
واستخدم مسفر عبدالله النمير، التوصيف ذاته في الحديث عن الإعدامات، قائلا: “إعدامات بالجملة ومجزرة مروعة يرتكبها النظام السعودي اليوم بقطع رؤوس 41 من المعتقلين في السجون من أبناء القطيف الأحرار”، لافتا إلى أنها “مجزرة ليست بجديدة على النظام السعودي المجرم تضاف لسلسلة جرائمه”.
أمراء الإرهاب
وصب ناشطون غضبهم على الملك سلمان وولي عهده، إذ أكد رئيس المنظمة الأوروبية لحقوق الإنسان علي الدبيسي، أن “إرهابهما لا يتوقف على ظروف خارجية، ولكن انشغال العالم بوضع غير اعتيادي، والعطلة الأسبوعية للمؤسسات الإعلامية والحقوقية، أملى على المجرمين اليوم بتسريع وتنفيذ أكبر وثالث مجزرة في عهدهم”.
ورأى أن “قتل العشرات دفعة واحدة كاف لتتويجهما على رأس أمراء الإرهاب في العالم”.
ورأى نائب رئيس المنظمة الأوروبية، عادل السعيد، أن “السعودية أثبتت اليوم أكثر من أي يوم مضى أن نزعتها لسفك الدماء والقتل عصية على التغيير، لأن ذلك يخالف نفسية قياداتها وطبيعتها الدموية”.
وسخر عبدالرحمن عز، قائلا: “ابن سلمان قام بإعدام وإزهاق 81 نفسا مسلمة من المعتقلين في سجونه بالسعودية في يوم واحد بعد إدانتهم بمعارضته، عفوا أقصد بالإرهاب والفكر الضال الفكر المخالف له ولأسرته الحاكمة”.
وتساءل المغرد أحمد المطاوع “أي تعطش للدماء هذا الذي يستولي على نفسية ابن سلمان حتى يرتكب هذه المجزرة التي تهز الوجدان، أي حقد يكنه ولي العهد تجاه أبناء وطنه”.
وبرزت تحليلات الناشطين لتوقيت الإعدامات وأسبابها، إذ أكد أحد المغردين، أن “المغزى من هذه الإعدامات إرهاب الناس من المطالبات بحقوقهم”، قائلا إن “النظام السعودي ما زال يجرم في الشعب بلا حسيب ولا رقيب أو حتى خوف من ردة فعل الشعب”.
ورأى الناشط رعد محمد أن “ابن سلمان يرمي من خلال الإعدامات الأخيرة إلى تهيئة الرأي العام المحلي والعربي والعالمي لسلسلة إعدامات في حق العلماء والدعاة، وسيتفاجأ البعض ورود أسماء في اللائحة قتلت جراء التعذيب كالشيخ سليمان الدويش، أو من لا يعرف حالهم مثل تركي الجاسر، وستتضمن القائمة نساء هذه المرة”.