يقول الكاتب البريطاني باتريك كوبيرن إن المعركة حول التاج السعودي مستعرة حاليا رغم طغيان وباء كورونا، وإن المشهد السياسي يتغير لأن تفشي هذا الوباء يهدد الرئيس الأميركي دونالد ترامب وحلفاءه، مثل ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.
وأوضح كوبيرن -في مقال له بصحيفة إندبندنت البريطانية- أن الدافع وراء الاعتقالات الجديدة “للشخصيات المهمة” في السعودية ربما تكون لرغبة ولي العهد في القضاء على أي منافسين محتملين على التاج قد يتقدمون لخلافة الملك سلمان (84 عاما).
وأضاف أن هذه الحاجة لحسم قضية الخلافة أصبحت بالنسبة لمحمد بن سلمان أكثر إلحاحا مؤخرا لأن الانتخابات الرئاسية الأميركية في نوفمبر/تشرين الثاني القادم قد تتسبب في فقدانه حليفا أساسيا؛ دونالد ترامب، الرجل الذي ظل يفقد -كما يقول كوبيرن- مصداقيته بشكل متزايد خلال رده “الزائف” على وباء كورونا وتعامله عموما مع الوباء، بالإضافة إلى ظهور جو بايدن كمرشح ديمقراطي محتمل للرئاسة.
كورونا يهبط بشعبية ترامب
وتابع كوبيرن أن كورونا بدأ بالفعل يغيّر الحسابات السياسية في الشرق الأوسط وبقية العالم، ومن بين ذلك أن فترة رئاسة ترامب الأولى تبدو أنها النهائية أكثر مما كانت تبدو في فبراير/شباط الماضي، وإن انتخاب نائب الرئيس السابق جوزيف بايدن، الشخصية النموذجية بمؤسسة واشنطن، قد لا يغير الأمور كثيرا للأفضل، لكنه سيعيد الحياة شيئا ما إلى طبيعتها التي كانت عليها قبل مجيء ترامب.
وأشار الكاتب إلى أن سياسة ترامب الخارجية في الشرق الأوسط وأماكن أخرى كانت أقل ابتكارا في الممارسة العملية مما ادعى أنصاره ونقاده. ففي كثير من الأحيان -يقول كوبيرن- كان الأمر في العراق وأفغانستان مشابها بشكل مدهش لما حدث في عهد الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما.
وأضاف أن الاختلاف الأكبر بين ترامب وأوباما هو تخلي ترامب عن الاتفاق النووي مع إيران، لكن وحتى في هذه القضية اعتمد ترامب على “الضغط الأقصى” للعقوبات الاقتصادية لإرغام الإيرانيين على التفاوض. ورغم كل اللغة الطنانة لترامب وتعصبه القومي، لم يبدأ -في الواقع- أي حرب.
ومع ذلك -يضيف الكاتب- فقد بدأ كل هذا يتغيّر الآن بطريقة لم يكن بوسع أي شخص أن يتنبأ بها، لأن الطاعون العظيم في نسخته الحديثة له تأثير سياسي يشبه تأثير الحرب تماما.
واختتم كوبيرن مقاله بأنه ومن خلال الفشل في الرد بشكل متماسك على تهديد الوباء وإلقاء اللوم على الأجانب في انتشاره، فإن ترامب يعزل الولايات المتحدة بشكل واضح ويقوّض النفوذ المهيمن الذي تمتعت به أميركا منذ الحرب العالمية الثانية، وحتى إذا تم انتخاب بايدن رئيسا جديدا، فستفقد واشنطن في عالم ما بعد كورونا هيمنتها التي لا تُنازَع.