أثارت الاستثمارات السعودية في شركة “وي وورك” تساؤلات حول دوافعها الحقيقية خاصة في ظل تعثرها، والتركيز على مؤسسها الإسرائيلي “بول نيومان”، الطويل وصاحب الشعر الطويل والحافي والذي يمنع تناول اللحوم ويدخن الحشيش ويشرب خمرة التكيلا ويدرس الكابالا.
وأشار تقرير مطول نشرته صحيفة “الغارديان” إلى أن مؤسس شركة “وي وورك” مطرود منها، وأنها حذفت اسم وورك منها واكتفت باسم “وي”، وتساءل “ماثيو زيلتين” عن سبب ضخ السعودية استثمارات فيها رغم تراجعها عندما مل المستثمرون من أفكار مديرها.
وبدلا من تركيز الشركة (وي وورك) على تأجير مساحات للشركات الجديدة، كان “نيومان” يطمح لتشكيل كل ملامح الحياة الجسدية والرقمية.
ويعني توسيع فكرة “وي وورك” إلى الأماكن السكنية والتعليم.
فقبل أن يبدأ الشركة كان “نيومان” يفكر بشركة “وي سليب” و”وي سيل” و”وي بانك” وربما كان محقا بالتفكير بملامح الحياة المتعلقة بالنوم والبنوك والسفر إلا أن الشركة التي بناها تعيش في أزمة.
لكن طموحات “نيومان” تراجعت عندما سار كل شيء بالطريق منذ طرح “وي وورك” الأولي في السوق في 14أغسطس/آب.
وبعد ستة أسابيع فقط من طرحها، قرر مجلس إدارتها التخلص من “نيومان” وتخلى عن أسهمه فيها.
وانخفضت قيمة الشركة إلى النصف وتم وقف عملية الطرح العام بشكل كامل.
وكان فشل الطرح العام للشركة ثم شراء”سوفت بانك” لها نتيجة للمعلومات المتوفرة عنها، حيث كانت الشركة تخسر أطنانا من الأموال، كما أن رؤيتها حول حصتها من سقوط تأجير الأماكن المفتوحة وقيمته 3 تريليون كانت متفائلة جدا، لأنها أحصت أي شخص يعمل على مكتب في أي مدينة أمريكية يمكن أن تجد فيها “وي وورك” موطئ قدم.
إضافة إلى ذلك، كان نموذج الشركة مكلفا جدا والطريق للأرباح طويل على الأقل منذ 2015.
وعندما نشر موقع “بازفيد” وثائق عن عمل الشركة كشف عن تصرفات مؤسسها الغريب الذي كان جزءا من الترويج لمبيعات الشركة.
لكن ما يجعل قصص هذا العام مهمة ومدمرة تلك التي كشفت عن محاولات “نيومان” إثراء نفسه عبر عمليات تأجير المساحات في المباني وتوفير البيرة للمستأجرين والاعتماد على المستأجرين غير الدائمين وشركات بادئة ممولة من جهات أخرى، وشركات كبرى تدفع أجرا لمدة شهر.
وكان ميل “نيومان” لبيع الأرصدة وتأجير عقود الإيجار في المباني التي يملك حصة فيها إلى “وي وورك” معروفا حيث كشفت عنه صحيفة “وول ستريت جورنال”.
الكشف عن نشاطات لشركة “وي وورك” لم يكن نتاج صحافة استقصائية كما حدث مع شركة أوبر أو ثيرانوس المتخصصة بالتكنولوجيا الصحية ولكن عبر إعادة نشر المعلومات المعروفة عنها من خلال تويتر، أي أنه فقط إلقاء الضوء على ما كان معروفا.
وحاول نيومان ووي وورك السباحة عكس التيار، عندما أعاد ستة ملايين دولار حصل عليها من بيع كلمة “وورك”، ولكنها أثرت على التقييم للشركة، ولم يؤد هذا إلى نتيجة حيث اقترح المصرفيون تخفيض قيمة الشركة بنسبة 50% إلا في حالة تنفيذ مطالبهم.
هكذا جرى التخلص من “نيومان” في سبتمبر/أيلول وتوقف كل الإعلان عنها وعملية الطرح العام لها في السوق العام، ويملك غالبية أسهم الشركة الآن سوفت بانك وأصبحت قيمتها 8 مليارات دولارا بدلا من التقييم السابق 13 مليار دولارا.
وقبل عام من “سوفت بانك” ضخت “فيشن فاند” السعودية 4.4 مليار دولار في وي وورك عام 2017، مع أن السعودية استثمرت مباشرة في “أوبر”، وكانت علاقة الشركتين مع السعودية مثار تساؤلات بعد مقتل الصحفي “جمال خاشقجي” عام 2018.
وتتساءل الصحيفة عن ضخ السعودية أموالا في شركات اختارها مستثمر ياباني متمحور حول نفسه بطريقة عشوائية؟ فالمواءمة الناتجة بين السعوديين ونيومان ليست مريحة لأسباب تجارية وثقافية أيضا.
ليس لأن نيومان إسرائيلي ويحب الحشيش والتكيلا ولكنها ليست عادية على الأقل بمعايير مؤسس شركة بادئة، فقد أحاطت “وي وورك” نفسها بفكرة قدرتها على تغيير العالم، وأدى هذا لتوتر عندما كشف عن أن الممول الحقيقي لها هي السعودية، الدولة التي يحكمها نظام ديكتاتوري ولا تزال السلطات الدينية تلعب دورا مهما في الحياة العامة.