سلطت صحيفة إيرانية الضوء على المساعي الحثيثة لعقد لقاء جديد بين الرياض وطهران في العاصمة العراقية بغداد، ومحاذير وموقف البلدين من مسار التطبيع.

وقالت صحيفة “آرمان ملي” إنه “بعد خمس جولات من المباحثات، ذكرت وسائل الإعلام الإيرانية وجود محاولات سعودية لعقد لقاء رسمي بين خارجية البلدين في بغداد”.

وكانت بغداد قد استضافت الجولات السابقة، ضمن محاولاتها للتقريب بين طهران والرياض، لكنها لم تصل إلى “نتائج ملموسة” في الملفات الهامة والثنائية بين البلدين.

 

مباحثات نهائية

وذكرت الصحيفة أن “مباحثات إقامة العلاقات بين طهران والرياض وصلت إلى مرحلتها النهائية، وذلك بعد أن أعلن أعلى مسؤول في السياسة الخارجية العراقية أن المسؤولين السعوديين طلبوا منه أن تتخذ بغداد الخطوة الأخيرة في تطبيع العلاقات مع إيران”.

وعلى الجانب الآخر، تستعد المؤسسة الدبلوماسية لإرسال وزيرها إلى بغداد لعقد لقاء مهم، وتؤكد الصحيفة أن هذا اللقاء “سيعقد في أقرب وقت”.

وأشارت الصحيفة إلى أن “وزير الخارجية، حسين أمير عبداللهيان، كان حريصا فيما يتعلق بالعلاقات مع السعودية على أن تسفر الجولات الخمس من المفاوضات الأمنية بين البلدين عن نتيجة، ولهذا صرح عدة مرات بأن بلاده مستعدة لإقامة علاقات كاملة مع الرياض”.

وكان لعبداللهيان لقاء غير رسمي مع نظيره السعودي، فيصل بن فرحان، على هامش قمة “بغداد 2” التي عقدت بالعاصمة الأردنية عمان في ديسمبر/كانون الأول 2022.

ورأت الصحيفة أن هذا اللقاء يدل على أن الطرفين يتطلعان إلى تطبيع العلاقات.

وفي 30 يناير/كانون الثاني 2023، أعلن وزير الخارجية الإيراني في مؤتمر صحفي عقده في طهران مع نظيره القطري، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، أن “الاهتمام بالدول المجاورة، وتوسيع دائرة التعاون معها، من الأولويات لدى وزارة الخارجية في حكومتها الثالثة عشرة بقيادة الرئيس إبراهيم رئيسي”.

وتابع الوزير: “نتواصل مع جيراننا، ونتفاعل معهم، ولا نواجه أي تحديات”.

وفيما يتعلق بالتعامل مع دول الخليج، أكد الوزير أن “هناك تقدما قد أحرز أيضا، وقال في هذا السياق: شهدنا تحسنا في مستوى علاقات إيران مع دولتي الكويت والإمارات”.

وأشار الوزير الإيراني إلى أن سفيري الكويت والإمارات قد استقرا في طهران، وأن عملية المباحثات وتبادل الرسائل بين طهران والرياض تجري عبر العراق.

وفيما يخص مستقبل المباحثات بين إيران والسعودية، صرح الوزير بأن عدة جولات قد عقدت بين البلدين، ومن المفترض أن تستأنف الجولة الجديدة على النحو المتفق عليه بين الجانبين.

كما أشار عبداللهيان إلى أن وزير الخارجية السعودي أكد مرارا على ضرورة إقامة علاقات مع إيران، وطالب بتطبيع العلاقات بين البلدين.

وقال إنه يعتقد أنهم “في وضع يمكنهم فيه اجتياز مرحلة الحوار بنجاح، والدخول في المرحلة التالية، وهي مرحلة التعاون المستدام”.

 

طلب سعودي

وذكرت الصحيفة الإيرانية أن “وزير الخارجية العراقي، فؤاد حسين، أعلن أن ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، قد طلب من بغداد أن تستضيف لقاء لوزيري خارجية السعودية وإيران”.

وقال وزير الخارجية العراقي إن بغداد “ستحدد توقيت اللقاء العلني بين وزيري خارجية البلدين”.

وأضاف أن “الاجتماعات السابقة بين المسؤولين الإيرانيين والسعوديين كانت سرية، وستكون اللقاءات القادمة بوساطة العراق علنية”.

وقبل ذلك، قال رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني إنه “كان جادا جدا في تقريب وجهات النظر بين إيران والسعودية وباقي الدول العربية منذ اليوم الأول لدخوله مكتبه في رئاسة الوزراء”، لأن بلاده “تهتم بشدة في إقامة العلاقات بين دول المنطقة والحفاظ عليها حتى تزول التوترات ونصل إلى الأمن والاستقرار في المنطقة بأسرها”.

واستطلعت الصحيفة الإيرانية رأي خبير العلاقات الدولية الإيراني، علي بيكدلي، في الدور الذي تقوم به بغداد، فقال إن “العراق يحاول العودة إلى العالم العربي من أجل تجاوز التحديات الاقتصادية والسياسية، وهو ما تشجعه السعودية”.

ويرى بيكدلي أن “العراق، على الجانب الآخر، يحتاج إلى استثمارات للتغلب على مشاكله، ويمكن للدول العربية إقامة هذه الاستثمارات في العراق، وتلبية حاجة البلاد من إمدادات الغاز”.

ودعا بيكدلي إيران إلى “النظر بحذر إلى حقيقة أن السعودية طلبت من وزير الخارجية العراقي تهيئة الظروف لإقامة علاقات بين طهران والرياض، لأن الخلافات بين الجانبين كبيرة لدرجة أنه لا يمكن تجاهلها ببساطة، إلا أن يكون هناك نظرة جديدة للعلاقات الإقليمية لدى الطرفين”.

ويعتقد بيكدلي أن “ابن سلمان يحتاج إلى نوع من الاستقرار في المنطقة لتنفيذ خططه، لأن البنك الدولي أخبره أنه لن يستطيع المشاركة في مشاريع السعودية التنموية ما لم تتمكن الرياض من ضمان أمنها”.

وأفاد بيكدلي بأن “ابن سلمان وعد البنك الدولي بإنهاء المدينة الذكية بنهاية عام 2030”.

واستطرد “يجب أن يكون طلب ابن سلمان من العراق الإعداد للقاء يجمع مسؤولي البلدين محل دراسة، لأنه هو الممسك بمقاليد الأمور في بلاده”.

وأكد بيكدلي أن “التحولات الجارية في المنطقة هي تحولات جدية، ولا يُستبعَد دعوة رئيس النظام السوري بشار الأسد للعودة إلى الجامعة العربية مرة أخرى”.

ولفت الخبير نظر القائمين على السياسة الخارجية في إيران “للحاجة إلى نوع من التغيير بما يتناسب مع الوضع الراهن، لأن الدول العربية تعمل في الظروف الحالية على تقريب لبنان وسوريا والعراق منها، كما تسعى روسيا وتركيا إلى إدارة الوضع في سوريا أيضا”.

وختم بيكدلي حديثه إلى الصحيفة بشأن العلاقات الإيرانية السعودية بمطالبة طهران “بعدم التخلف عن ركب التحولات الإقليمية، وامتلاك رؤية جديدة للقضايا المطروحة”.