خاص: رغم العنف الذي تواجهه المعارضة السعودية سواء داخل المملكة أو خارجها من قبل النظام الغاشم، والذي استعرت مواجهته بعد اعتلاء “محمد بن سلمان” لمقعد ولاية العهد، إلا أنه لا يزال للحق صوت، يستحق أن يُبرز أمام سيل التزييف والاتهامات الملفقة التي يتقن النظام السعودي لصقها بكل من يعارضه.

وسنحاول في هذه الزاوية استعراض أهم وأبرز الأنشطة المناهضة لاستبداد النظام السعودي، والقضايا التي يتبناها النشطاء والأكاديميون والمثقفون السعوديون في مختلف دول العالم، في محاولة لاطلاع القارئ على جهودهم في التصدي لمشروع “ابن سلمان” السلطوي الاستبدادي.

 

– تفاعل شعبي مع زلزال سوريا وتركيا:

تتواصل عمليات البحث عن ناجين بين الأنقاض بعد 3 أيام من الزلزال الذي أودى بحياة أكثر من 11 ألف إنسان في تركيا وسوريا، وشرد أعدادًا لا تحصى في ظل البرد القارس.

فيما أكد الدفاع المدني السوري، ارتفاع عدد قتلى الزلزال إلى أكثر من 1540 قتيلاً، والمصابين إلى أكثر من 2750 شمال غربي البلاد، فيما ذكرت وسائل إعلام رسمية سورية أن أكثر من 298 ألفًا اضطروا لترك منازلهم بسبب الزلزال المدمر الذي ضرب البلاد هذا الأسبوع.

كما أعلن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، عن ارتفاع عدد قتلى الزلزال إلى 8574، وأشار إلى بعض المشاكل التي واجهت السلطات المعنية هناك في الاستجابة للزلزال في اليوم الأول، لكن العمليات عادت لطبيعتها.

وكشف “أردوغان” أن الدولة ستمنح 10 آلاف ليرة تركية (530 دولارا) في المرحلة الأولى لكل عائلة متضررة، كما ستوزع شركات النفط والغاز أنابيب الغاز على المواطنين وعلى الخيام لتخفيف آثار البرد.

وكان وزير البيئة والإعمار التركي، مراد قوروم، صرح بأن أعمال البحث والإنقاذ مستمرة في 900 مبنى منهار، داعيا المواطنين إلى الامتناع عن دخول المنازل المتضررة.

وقال “قوروم” في مؤتمر صحفي “نحن في مواجهة كارثة كبرى ضربت منطقة مساحتها ألف كيلومتر مربع”، مشيرا إلى تسجيل 684 هزة ارتدادية في المنطقة منذ وقوع الزلزال أول أمس، بعضها كان بشدة عالية.

وأضاف الوزير التركي أنه سيتم توفير الكهرباء في المناطق المتضررة بشكل تدريجي اعتبارا من مساء اليوم.

وتفاعلت المعارضة السعودية مع هذه الكارثة الإنسانية، وخاصة أنها وقعت لدول إسلامية، فما بين دعوات لرفع الكرب عن المسلمين في سوريا وتركيا، ودعوات للتبرع لمساعدة المضارين من الزلزال، انتقد ناشطون سعوديون الموقف الرسمي السعودي من الكارثة، وتباطؤها في رعاية المبادرات المجتمعية لجمع التبرعات للضحايا والمضارين، ما يشير إلى تراجع دور السعودية في محيطها الإسلامي والعربي بسبب سياسيات ومواقف ولي العهد السعودي “ابن سلمان”

وقال الصحفي السعودي المعارض، تركي الشلهوب، إن “المجتمع الدولي خذل السوريين في مواجهتهم للسفّاح بشار، وخذلهم الآن وهم يواجهون إحدى أشد الكوارث التي شهدها الكون!”.

وأكد “الشلهوب” على أن “مظاهر التكافل والتضامن التي يظهرها العرب والمسلمين في هذه الظروف العصيبة التي تمرَّ بها الأمة نتيجة الزلزال المدمّر، أشبه بصوتِ ناجٍ يصدح من تحت الانقاض.. إنّه الأمل بأن أمّتنا ما تزال حيّة”.

كما أشار الصحفي السعودي المعارض إلى أنه “بعد فترة قليلة من فتح باب التبرعات لإخواننا في سوريا وتركيا، بلغ عدد من تبرع 90,151 بمبلغ 13,483,887 ريال، السعوديون رمز الكرم والعطاء والتآخي”.

وقال حساب “رجل دولة” الشهير عبر “تويتر”: “نُعزي تركيا وسوريا بضحايا الزلزال، رحمهم الله، وشفى المصابين، وعوّض من خسر منزله أو ماله”.

فيما انتقد الناشط السعودي المعارض، عبد الحكيم الدخيل، الموقف السعودي الرسمي قائلاُ: “تظهر السعودية غائبة عن المشهد الدولي لتقديم إغاثات عاجلة إلى ضحايا #زلزال_تركيا_وسوريا في مشهد مستهجن يسلط الأضواء مجددا عن التحول الذي يصيب المملكة وتراجعها عن مكانتها الرائدة إقليميًا”.

وقالت الناشطة السعودية المعارضة، سارة الغامدي: “اللهم اجرهم في مصيبتهم، اللهم فرجا قريبا برحمتك ولطفك يا الله، اللهم خفف عن اخواننا في (تركيا وسوريا)، وارحم موتاهم وشاف جرحاهم، وفرج عمن هم تحت الانقاض، وكن لهم مغيثا ومعينا، فالله خير حافظا وهو أرحم الراحمين”.

فيما تطرق حساب “محقق خاص” الشهير عبر “تويتر” إلى العقوبات المفروضة على سوريا: “سوريا تستغيث ولا تغاث، لقانون وضعته أمريكا يسعى حسب الظاهر للحصر المالي والاقتصادي والسياسي على النظام السوري، لكنه في الواقع يضيق الخناق على الشعب السوري ويمنعه حتى من المساعدات الدولية في الحوادث والأزمات، وخير دليل ما حصل في الهزة الأرضية الذي ضربت شمال سوريا”.

وفي سلسلة تغريدات له، أوضح الباحث في الشأن الخليجي، فهد الغفيلي، أن “ما يحصل في تركيا وسوريا فاق كل التصورات، والضرر والمُصاب الجلل الذي أصاب إخواننا في البلدين مؤلم جدًا. نحن أمة واحدة، يجمعنا الإسلام والتاريخ”.

وتابع “الغفيلي”: “أقل ما يجب علينا الدعاء لإخواننا، ومن استطاع مد العون فليفعل”، مشيرًا إلى أن “الندوة العالمية للشباب الإسلامي كانت من المؤسسات الرائدة عالميًا والتي تترك دومًا بصماتها المميزة في مجال التبرعات وإغاثة المنكوبين. نظام ابن سلمان حاربها وحجّمها، ولم تعلن عن أي مبادرة لحد الآن لمساعدة ضحايا #زلزال_ترکیا_وسوريا واكتفت بتقديم التعازي!”.

وقال “الغفيلي”: “تبرعات المواطنين في المملكة تجاوزت الـ 10 مليون ريال، ولم تُطلق الحكومة منصة “ساهم” بعد”، مختتمًا تغريداته بقوله: “الخير في شعب المملكة كثير وكبير جدًا”.

فيما شددت الأكاديمية السعودية المعارضة، الدكتورة حصة الماضي، على أنه “واجب على كل العرب نصرة أهلنا في #سوريا فلا ذنب لهم في عقوبات فرضت من قبل دول ظالمة”.

في حين دعا الناشط السعودي المعارض، ناصر القرني، للمضارين في سوريا وتركيا، قائلاً: “اللهم اجبر مصاب الأهالي في سوريا وتركيا، اللهم لطفك ورحمتك”.

وقالت الناشطة السعودية المعارضة، نورة الحربي: “هزة أرضية في سوريا وتركيا وعمان تركت جرحى وقتلى، اللهم ادفع عنا البلاء والبراكين والزلازل والمحن وجميع الفتن ما ظهر منها وما بطن. ادعوا الله أن يرحمنا، كما أدعوه أن يشفي المصابين”.

فيما أشار الأمين العام لحزب التجمع الوطني السعودي المعارض، عبد الله العودة، إلى أن “السوريين يموتون ليس فقط بسبب كارثة طبيعية ولكن أيضًا بسبب اللامبالاة غير الطبيعية لمجتمع دولي غير معروف”.

وقال الناشط السعودي المعارض، ناصر العربي: “أحد المؤشرات على تراجع الدور السعودية في المنطقة هو عدم مبادرتها في غوث واعانت المتضررين من #زلزال_سوريا_تركيا، سعودية ابن سلمان مشغولة بتوافه الأمور. في حين أن التضامن غير موجود في قاموسها. أعتقد أنه يجب علينا نحن الشعب إيجاد بدائل للدعم والمساندة للمنكوبين في هذه الكارثة”.

فيما وجه حساب “نحو الحرية” الشهير عبر “تويتر” “دعوة ملحة لمؤسسات المجتمع المدني والفرق التطوعية والاغاثية في المملكة أن تبادر لمد يد العون للناس العالقين تحت الانقاض والناجين بلا مأوى ولا أغطية، هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم”.

وقالت الناشطة السعودية المعارضة المقيمة بلندن، علياء الحويطي، إن “اليوم حزين وكئيب كيف سيمضي على أهلنا في الشام! يوم أسود كسواد ظلمة غزت بلاد الشام وأسدلت جناحيها قهرًا! يومُ عجز على عجز! لا نعلم كم بعد سيحتمل صدر الشام من ضيق! يا إلهي لطفك قالو من بداية ثورتهم المباركة (مالنا غيرك يا الله) فأنت حسبهم ونعم الوكيل”.

فيما ذكر الناشط السعودي المعارض المقيم بكندا، عمر الزهراني، أن “الوضع كارثي بالشمال السوري بعد الزلزال، مبان بأكملها ابتلعتها الأرض أو تصدعت، عوائل وأسر لم يسلم منها أحد، شهداء وجرحى في كل مكان، فلا تبخلوا بما لديكم”.

وقال الناشط السعودي المعارض، عبد الله الغامدي: “أعانكم الله يا أهلنا في سوريا وتركيا على ما أصابكم وأعظم أجركم، ونسأل الله أن يرحم موتاكم، وأن يعجل بشفاء كل المصابين”.

في حين قال الأكاديمي السعودي المعارضَ، الدكتور سعيد بن ناصر الغامدي: “لم أعد اشاهد الأخبار لضخامة المصاب في سوريا وتركيا، ولا أملك إلا الدعاء لهم، والمواساة الصادقة للشعبين المسلمين الشقيقين السوري والتركي على هذا المصيبة التي قضت على كثيرين وشردت آخرين بسبب الزلزال المدمر، اللهم اكتب من مات من الهدم شهداء عندك، واشف المرضى وتول أمرهم جميعًا”.

 

– حملة إلكترونية ضد تسليم المغرب لناشط سعودي لبلاده:

دشن ناشطون سعوديون وحقوقيون عرب حملة إلكترونية عبر موقع التدوين المصغر “تويتر”؛ لمطالبة السلطات المغربية بعدم تسليم الناشط السعودي، حسن آل ربيعة، إلى حكومة بلده خوفًا عليه من التعذيب والسجن المطول.

وعبر وسم #لاتسلموا_حسن تفاعل الناشطون والمغردون مع الحملة، معبرين عن خيبة أمالهم من التعاون الأمني بين السلطات في المغرب والسلطات السعودية والذي أدى لاضطهاد النشطاء.

من ناحيته، قال حساب “معتقلي الرأي” الشهير عبر “تويتر”: “تحت وسم #لاتسلموا_حسن، تواصل منظمات حقوقية مطالباتها للحكومة المغربية بعدم تسليم المواطن السعودي (حسن آل ربيع) إلى سلطات بلاده”.

كما قال الباحث في المنظمة الأوربية – السعودية لحقوق الإنسان، عادل السعيد: “#حسن_آل_ربيع خرج من بلده بطريقة نظامية ولم يكن مطلوباً، ولكن السعودية تريد إرجاعه من أجل الانتقام من أسرته وأخيه الذي فشلت بالقبض عليه”.

وتابع: “#لاتسلموا_حسن إلى السعودية، لأنه سيكون عرضة للانتقام والتعذيب والمحاكمة الزائفة، التي لن يسمح له فيها بالدفاع عن نفسه”.

وكانت منظمة “هيومن رايتس ووتش” الحقوقية الدولية، دعت السلطات المغربية لعدم تسليم الناشط السعودي، حسن آل ربيع، إلى سلطات بلاده خوفًا من التعذيب المتفشي هناك، وانتهاكات الإجراءات القانونية الواجبة في النظام القضائي السعودي.

وأشارت المنظمة في بيان نشرته عبر موقعها الإلكتروني إلى أن اعتقال “آل ربيع” في المغرب واحتجازه يشكل أحدث استهداف من جانب الحكومة السعودية لأفراد من عائلة آل ربيع. صعّدت السلطات في السنوات الأخيرة انتقامها من أفراد عائلات المنتقدين والمعارضين في الخارج في محاولة لإكراههم على العودة إلى البلاد.

وأكدت “رايتس ووتش” على أن تسليم “آل ربيع” قد ينتهك التزامات المغرب الدولية، بما فيها المادة 3 من “اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة”، التي تنص على أنه “لا يجوز لأية دولة طرف أن تطرد أي شخص، أو تعيده (“أن ترده”) أو أن تسلمه إلى دولة أخرى، إذا توافرت لديها أسباب حقيقة تدعو إلى الاعتقاد بأنه سيكون في خطر التعرض للتعذيب”.

من ناحيتها، قالت جوي شيا، باحثة السعودية في هيومن رايتس ووتش: “نظرًا إلى التعذيب المتفشي وانتهاكات الإجراءات القانونية الواجبة في النظام القضائي السعودي، ينبغي للمغرب ألا يعيد حسن آل ربيع قسرًا إلى السعودية ويخاطر بالتواطؤ في الانتهاكات”.

وأضافت: “إذا أُعيد حسن آل ربيع إلى السعودية، فقد يواجه مصيرًا كئيبًا كحال العديد من أقاربه. ينبغي للحكومة المغربية الدفاع عن الحقوق ومقاومة الجهود السعودية لإعادته قسرًا”.

وشارك رئيس المنظمة الأوربية – السعودية لحقوق الإنسان، على الدبيسي، في الحملة قائلاً: “نطالب المغرب بعدم تسليم #حسن_آل_ربيع للحكومة السعودية. تسليمه يعرضه للتعذيب والسجن وقد يصل للإعدام. السعودية تريده رهينة لاعتقال أخيه”.

فيما قال الناشط السعودي المعارض، عبد الحكيم الدخيل: “ست منظمات حقوقية بينها المنظمة العالمية لمناهضة التعذيب توجه رسالة إلى رئيس وزراء المغرب عزيز أخنوش، لمطالبته بعدم تسليم حسن آل ربيع إلى السعودية بسبب المخاوف من الانتهاكات الحقوقية التي سيتعرض لها”.

وأوضحت لجنة الدفاع عن حقوق الإنسان، في تغريدة عبر حسابها بـ”تويتر”، أن السلطات المغربية تنتهك اتفاقية مناهضة التعذيب بتسليمها المواطن حسن آل ربيع، للسعودية، حيث تؤكد المادة 3: “لا يجوز لأية دولة طرف أن تطرد أي شخص، أو تعيده أو أن تسلمه إلى دولة أخرى، إذا توافرت لديها أسباب حقيقية تدعو إلى الاعتقاد بأنه سيكون في خطر التعرض للتعذيب”.

كما أكد المعارض السعودي البارز، الدكتور محمد المسعري: “المغرب تخطف حسن آل ربيع، وتسلمه إلى السعودية”.

فيما ذكر موقع “سعودي ليكس” أن منظمات حقوقية أرسلت رسالة مشتركة إلى رئيس وزراء المغرب عزيز أخنوش، طالبوه فيها بعدم تسليم حسن آل ربيع، إلى السعودية؛ بسبب المخاوف من الانتهاكات الحقوقية التي سيتعرض لها

وشددت الأكاديمية السعودية المعارضة، الدكتورة حصة الماضي، على أنه من العار على حكومة المغرب تسليم حسن آل ربيع، للسلطة المستبدة السعودية، مشيرة إلى أن هذا الموقف من الحكومة المغربية يذكرنا بتسليم الداعية أسامة الحسني، من قبل.

وعلق الناشط السعودي المعارض، طه الحاجي، على ذلك بقوله: “يسود المجتمع الدولي اتجاه يقضي بعدم تسليم المطلوبين في الجرائم السياسية. لا يخفى هذا العرف القانوني على وزير الشؤون الخارجية المغربي ناصر بوريطة، وهو الدكتور في القانون الدولي، واقع آل ربيع اضطهاد سياسي صريح، وتسليم #حسن_آل_ربيع من هذا السياق. امتنعوا عن تسليمه!”.

فيما أكدت مؤسسة “إنصاف” لحقوق الإنسان، أن السلطات المغربية شريكة بالجريمة، فهي تعلم أنّ تسليم حسن يعني تعريضه للإخفاء القسري والتعذيب ولأحكامٍ تعسفية قد تصل لقتله.

فيما قالت منظمة “القسط” لحقوق الإنسان إنه “في أحدث مثال على القمع العابر للحدود من قبل السلطات #السعودية، قررت محكمة النقض بالرباط تسليم #حسن_آل_ربيع إلى السعودية، حيث سيكون عرضة لخطر التعرض للتعذيب وغيره من انتهاكات حقوق الإنسان”.

ودعت “القسط” إلى وقف تسليم حسن آل ربيع على الفور؛ بالنظر إلى المخاطر الجدية والمحتملة على سلامته الشخصية في حال إعادته إلى السعودية.

كذلك أكدت منظمة “العفو الدولية” أنها تلقت معلومات تفيد بمرافقة السلطات المغربية لحسن آل ربيع خارج السجن، مبدية خشيتها من أن ترحيله إلى السعودية قد يكون وشيكًا.

فيما قال حساب “معتقلي الرأي” الشهير عبر “تويتر”: “تحت وسم #لاتسلموا_حسن ، تواصل منظمات حقوقية مطالباتها للحكومة المغربية بعدم تسليم المواطن السعودي (حسن آل ربيع) إلى سلطات بلاده، فيما قالت منظمة هيومن رايتس ووتش في بيان سابق إن حياة حسن ستكون في  خطر، في حال سلّمته المغرب إلى السعودية”.

 

– صراع إعلامي بين “ابن سلمان” و”السيسي”:

هل تعيش السعودية ومصر أزمة مفصلية في العلاقات؟.. تثار عدة إجابات على هذا السؤال في ضوء التطورات الحالية، والتي تبدو متسارعة.

ورغم كونها لم تنتقل إلى المستوى السياسي العلني بعد، إلا أن تفاعلاتها على مستوى المؤثرين في الرياض والقاهرة تشي بأن الانتقال إلى المستويات العليا قد يحدث في أي وقت بالمستقبل القريب.

كرة ثلج التوتر بدأت من رحم الأزمة الاقتصادية العنيفة التي تعيشها مصر، والتي أظهرتها تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية على السطح، لكن جميع مكوناتها كانت موجودة تحت هذا السطح، ويبدو أن هذا ما كانت تراه الرياض بوضوح، الأمر الذي انعكس على ردة أفعالها الحالية.

السعودية ودول الخليج قدمت للنظام المصري ما يربو على 90 مليار دولار منذ استيلاء الجيش على السلطة في صيف 2013، بحسب مصادر البنك المركزي المصري التي أظهرت هذا الرقم للعلن عام 2019.

هذ الرقم تداولته وسائل إعلام خليجية ومصرية بأريحية نافست أريحية رئيس النظام المصري “عبدالفتاح السيسي” وهو يتحدث بنشوة خلال ظهوره العلني المتكرر في مصر بميكروفونه الشهير عن أثر هذه المساعدات الضخمة على مصر “التي كانت ستنهار بدونها”، حسب تعبيره.

لكن الأمور الآن تغيرت، وكان رد الفعل السعودي مفاجئا لمصر بعد البيان الشهير لصندوق النقد الدولي، في بدايات يناير/كانون الثاني المنصرم، وهو البيان الذي طالب دول الخليج بالوفاء بتعهداتهم الاستثمارية والتي تبلغ مليارات الدولارات في مصر، في مواعيدها المحددة، لضمان أن تغطي الدولة المصرية فجوة التمويل الخارجي في السنوات المقبلة.

الصمت الرسمي كان هو الرد الصادم تحديدا من السعودية والكويت، لكن أصوات غير رسمية انبرت لتعطي الإجابة الصعبة بشكل أكثر وضوحا، بدءا من أمين سر مجلس الأمة الكويتي “أسامة الشاهين” الذي طالب حكومته بعدم الانصياع لمطالب الصندوق بتمويل مصر، معتبرا أن الكويت أولى بأموالها.

وفي السعودية، ظهرت ردود الفعل غير الرسمية بشكل أكثر وضوحا، عبر تغريدات من أكاديميين وكاتبين اثنين مقربين من الديوان الملكي، وهما “تركي الحمد” و “خالد الدخيل”، والأول تتعامل معه دوائر إعلامية على أنه بمثابة المتحدث الإعلامي لأهل الحكم في المملكة.

لكن الخطوة السعودية التي يمكن اعتبارها رسمية كان لها جناحان، الأول تمثل في غياب المملكة، مع الكويت، عن القمة الأخيرة التي استضافتها الإمارات في 19 يناير المنصرم، وجمعت خلالها “السيسي” مع أمير قطر وملك البحرين وسلطان عمان وملك الأردن، وكان جزءا من جدولها هو بحث إغاثة مصر اقتصاديا.

أما الثاني، فكانت تصريحات وزير المالية السعودي “محمد الجدعان” خلال منتدى “دافوس” الاقتصادي، والتي استبقت هذه القمة بساعات، والتي عبر فيها عن رفض بلاده الدفع بمزيد من المساعدات أو المنح المالية لحلفائها دون إجراء تلك الدول إصلاحات اقتصادية.

وكان لافتا أن الغياب السعودي عن قمة أبوظبي كان هو الثاني بعد غياب عن تجمع سابق في مدينة العلمين المصرية، في أغسطس/آب من العام الماضي، وهو التجمع الذي ضم أيضا قادة الإمارات والبحرين والأردن والعراق.

عودة إلى “تركي الحمد” الذي أطلق عدة تغريدات نقلت الاعتراضات السعودية إلى مساحة أوسع وأوضح، وهي مساحة هيمنة الجيش المصري على كافة مفاصل الاقتصاد المصري، الهيمنة التي جمعت السعودية وصندوق النقد في كفة واحدة أثارت الدهشة في القاهرة.

“الحمد” قال في سلسلة تغريداته إن “الحديث عن مصر ليس حديثًا عن أي دولة عربية أخرى، وليس تدخلًا في شؤونها الداخلية”، مؤكدًا أن التاريخ المصري الحديث يكاد يكون تاريخ كل العرب في نجاحاتهم وإخفاقاتهم على حد سواء.

وعدد الأكاديمي السعودي 3 أسباب أو عوامل، أدت إلى تردي الأوضاع في مصر ووقوعها أسيرة للمساعدات الدولية، ومثّلت ما أسماه بداية “الصعود إلى الهاوية”.

وقال إن السبب الأول، يكمن في هيمنة الجيش المتصاعدة على الدولة، وخاصة الاقتصاد بحيث أصبحت كل المشروعات في البلاد تمرّ عن طريق مؤسسات خاضعة للقوات المسلحة، ولصالح أشخاص متنفذين داخلها، مبينًا أن ذلك جاء على حساب القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني، التي كانت في أقوى حالاتها قبيل عام 1952.

وأضاف “الحمد” أن السبب الثاني هو “البيروقراطية المصرية الهرِمة المقاومة للتغيير، التي تقف حجر عثرة في وجه أي استثمار اقتصادي ناجح، سواء داخلي أو خارجي، رغم أن مصر عبارة عن كنز لا ينضب من الفرص الاستثمارية”.

أما السبب الثالث، حسب “الحمد”، فهو “الثقافة الشعبية المستسلمة والمستكينة والمنتظرة لكل ما يأتي من (فوق).. مع غياب شبه تام لحس المبادرة المجتمعية المستقلة”.

وبعد تلك التغريدات بثلاثة أيام تقريبا، دخل الأكاديمي والكاتب السعودي “خالد الدخيل”، المقرب أيضا من الديوان الملكي، على خط انتقاد هيمنة الجيش المصري على الاقتصاد في البلاد، معتبرا في تغريدة كتبها الأحد الماضي، أن “ما يحصل لمصر في السنوات الأخيرة يعود في جذره الأول إلى أنها لم تغادر عباءة العسكر منذ 1952”.

وقال الصحفي السعودي المعارض، تركي الشلهوب: “ابن سلمان قدّم خدمات لابن زايد لم يكن يحلم بها، حتى أنّه كان يعتقل مواطنين ويرميهم في السجون عشرات السنوات فقط لأنهم انتقدوا الإمارات، وكذلك فعل مع السيسي أعطاه أموالًا انتشلته من السقوط أكثر من مرة، وجيّش ذبابه للدفاع عنه وعن نظامه المسخ.. ثم ماذا حدث؟ تنكروا له وتركوه بكل بساطة!”.

وتابع “الشلهوب” قائلاً: “الوطنجية قضوا عقدًا من الزمن يطبّلون للسيسي ويقدّسونه ويركعون بتغريداتهم له، والآن وعندما اختلف سيّدهم معه هاجوا وماجوا وكذلك الحال مع عبيد السيسي، أصبحوا يبصقون قيحهم على عبيد ابن سلمان.. الوضع ممتع جدًا الآن”.

وأضاف الصحفي السعودي المعارض: “كما هو الحال عند الذباب والوطنجية، لا يقدحون من رؤوسهم، وكل شيء يكتبونه أو يروّجون له يكون بأمر، كذلك ذباب السيسي لا يقدحون من رؤوسهم؛ هجومهم على السعودية والخليج جاء بأوامر عليا”.

وأوضح حساب “رجل دولة” الشهير عبر “تويتر” أن “السيسي لم يعد مرغوباً فيه من قبل معظم دول المنطقة، الدول المانحة وعلى رأسها السعودية ضاقت ذرعاً من السيسي وسياساته، موقف المملكة جاء كردة فعل على تضييع نظام السيسي لأموال الودائع السعودية وامتناعه عن إعادتها وعدم وفائه بتسليم تيران وصنافير. الأيام القادمة ستكون صعبة على السيسي”.

وذكر الناشط السعودي المعارض، عبد الحكيم الدخيل، أن “هاشتاج #الحفاه_العراه يتصدر مواقع التواصل الاجتماعي على إثر خلاف سعودي مصري هو في الواقع تعبير عن أزمة أنظمة لا تراعي مصالح وحقوق شعوبها بل تتحالف وتتصارع فيما بينهما فقط لمصالحها الضيقة”.

فيما أكد الباحث في الشأن الخليجي، فهد الغفيلي، أن “السيسي وابن زايد وظّفوا ابن سلمان لمصالحهم سنوات… ثم تركوه وحيدًا وأقصوه من اجتماعاتهم. حتى ملك البحرين الذي لا وزن له انضم لتحالفهم وترك ابن سلمان وحيدًا”.

وتابع “الغفيلي”: “لا تلوموا السيسي وإعلامه في تطاوله على المملكة بهذه الوقاحة. فابن سلمان فتح له خزائن المملكة بدون حساب وكتاب، كودائع وهبات ليعينه على محاربة الإسلام!”.

وأشار حساب “ميزان العدالة” الشهير عبر “تويتر” إلى أن “ابن سلمان أصبح مثار سخرية لكل من هب ودب في المنطقة، فالسيسي ضحك عليه وأخذ منه أموال الودائع وتيران وصنافير ويرفض إرجاعهم. كذلك ابن زايد ضحك عليه وأسقطه في وحل اليمن وخرج هو منها. وترامب يحلبه حتى الآن وهو خارج دائرة الرئاسة!!”.

وقال الناشط السعودي المعارض، ناصر القرني، إنه “بعد الدعم لسنوات عديدة لنظام السيسي اكتشفنا فجأة أنه كثقب أسود يبتلع ولا يشبع، وأثبتت الأحداث مرة أخرى صواب تحذيرات رموزنا وكفاءتنا الوطنية ممن في المعتقلات وخارجها ضد السيسي”، متسائلاً: “كم خطأ آخر تمارسه الحكومة إلى الآن ولم تدركه؟”.

وطرح حساب “مجتهد فيديو” الشهير عبر “تويتر” تساؤلاً حول: “ماذا جنى محمد بن سلمان من ضخ الأموال للسيسي؟؟ وهذه صحيفة تابعة له تصف شعب بلاد الحرمين هكذا ..”الحفاة العراة الأنذال اللئام محدثي النعمة الأقزام الصغار السفلة”.

وقال حساب “نحو الحرية”: “سبحان الله، فجأة أكتشف كُتاب السلطة والمقربون من الديوان، أن العسكر لا يمكنه بناء دولة، ولا يعتمد عليه في إدارة شؤون السياسة، أين كانوا عندما كانت المليارات تخرج لدعم السيسي وإجهاض أول تجربة ديموقراطية مصرية؟”.

وأضاف الحساب: “السيسي” استفاد من أموال الخليج في دعم انقلابه، فاختطف البلاد ونهب العباد، وعندما طالب بالمزيد من “الرز الخليجي” ولم يُعطى، وجه إعلامه ورجاله لشتم الخليج، “بضاعتكم ردت إليكم”.

وأوضح الناشط السعودي المعارض المقيم بكندا، عمر الزهراني، أنه “بعد كل تلك المليارات التي دفعت للسيسي ونظامه ليثبت أركان انقلابه، إلا أنه لم يبنِ دولة، ولم يطور سياحة، ولم يصنع اقتصادا، بل وعادت أبواقه اليوم مسعورة تعض الأيدي التي غذتها وصنعتها”.