بالرغم أن إسرائيل والسعودية لا تتشاركان علاقات دبلوماسية رسمية، فإن العلاقات بين البلدين تعززت في الأعوام الأخيرة. ومنذ سبتمبر/أيلول 2020، وقعت إسرائيل اتفاقيات تطبيع مع 4 دول عربية. وتجمع هذه الاتفاقيات الدول المتجاورة في الشرق الأوسط تحت أولوية واحدة تدور حول نفس المخاوف الأمنية، المتمثلة في إيران.
وقادت السعودية التقارب الأخير بين دول مجلس التعاون الخليجي، وكان أحد الدوافع الرئيسية لهذه الخطوة الحد من نفوذ إيران في المنطقة. وأنهت المصالحة بين قطر من جهة والسعودية والبحرين ومصر والإمارات من جهة أخرى عداء استمر 3 أعوام مع الدوحة. وانتهزت الرياض الفرصة لتعزيز التضامن مع جيرانها لإنشاء جبهة موحدة ضد طهران.
ولا تعد إعادة ترتيب العلاقات في الشرق الأوسط أمرا مهما لإسرائيل والخليج فقط، بل إنها فرصة استراتيجية للولايات المتحدة. وكان قرار يناير/كانون الثاني 2021 بنقل إسرائيل من القيادة العسكرية الأمريكية في أوروبا “يوكوم” إلى قيادتها المركزية “سنتكوم” التي تعمل في الشرق الأوسط، ممكنا فقط بسبب التغييرات التي حدثت في المنطقة.
وقبل اتفاقيات التطبيع وتصاعد دفء العلاقات بين الدول العربية وإسرائيل، كانت الدولة اليهودية معزولة إلى حد كبير عن جيرانها في جهودها لمحاربة وردع النشاط الإيراني.
وبالرغم أن السعودية وإسرائيل ليسا حليفين رسميين، إلا أن الدولتين لديهما مخاوف مشتركة. ويواجه البلدان هجمات جوية وبرية ينفذها وكلاء إيران في المنطقة. ويهدد “حزب الله”، الذي ربما يكون الوكيل الإيراني الأكثر قيمة، إسرائيل بحرب الأنفاق والعبوات الناسفة وترسانة الصواريخ المتنامية. وفي اليمن، شن المتمردون الحوثيون المدعومون من إيران غارات جوية وهجمات بطائرات بدون طيار لا هوادة فيها تستهدف السعودية ومواقع مدنية في البلاد.
وتتشارك الرياض وتل أبيب أيضا الاعتراضات على رغبة الرئيس “جو بايدن” في إحياء اتفاق النووي مع إيران. وأشارت السعودية والإمارات وإسرائيل إلى أنها لن توافق على اتفاق جديد إلا إذا عالج القضايا الحساسة التي أغفلها الاتفاق الأصلي.
ومع ذلك، أعلنت إدارة “بايدن” أنها ستعيد تقويم العلاقات مع السعودية بناء على سجلها الحقوقي. وأكد “سيث فرانتزمان”، مدير مركز الشرق الأوسط للتقارير والتحليل، أن فريق “بايدن” يحاول أن يجعل مسافة بين الولايات المتحدة والسعودية ربما لتحقيق توازن بينها وبين إيران.
وساهمت استراتيجية “بايدن” تجاه الشرق الأوسط في إثارة المخاوف والشكوك لدى إسرائيل وجيرانها في الخليج. وصعدت الميليشيات الإيرانية، في الأشهر الأخيرة، من هجماتها التي تستهدف الأصول الأمريكية في العراق واليمن. وفي بغداد، اتُهمت “كتائب حزب الله” ومقاتلون آخرون مدعومون من إيران بإطلاق صواريخ تستهدف مواقع عسكرية ودبلوماسية أمريكية في المنطقة الخضراء المحصنة.
وفي اليمن، نفذ المتمردون الحوثيون عشرات الغارات الجوية استهدفت السعودية ومواقع مدنية. وبعد مقتل 90 شخصا في مدينة مأرب اليمنية في يوم واحد، حث وزير الخارجية الأمريكية “أنتوني بلينكين” الحوثيين في أوائل مارس/آذار على وقف عملياتهم المستمرة.
وبسبب عواقب سياسة “بايدن” الحالية في الشرق الأوسط، لجأت إسرائيل وجيرانها الخليجيون لبعضهم البعض لردع ما يرون أنه أخطر تهديد في المنطقة، ألا وهو إيران.
وذكرت صحيفة “جيروزاليم بوست” أن إسرائيل والسعودية والبحرين بدأت نقاشا لتوسيع التعاون والحوار بينهم في مواجهة “الأعداء المشتركين”.
وقالت الصحيفة الإسرائيلية إن دفء العلاقات بين تل أبيب والرياض يصب في مصلحة الشرق الأوسط وأمريكا. ودعت إدارة “بايدن” للاستفادة من الزخم الحالي، الذي أحدثته اتفاقيات التطبيع، ودفع المصالحة بين حلفائها.