تقرير خاص
دخل قرار زيادة نسبة ضريبة القيمة المضافة من 5% إلى 15% في المملكة العربية السعودية، حيز التنفيذ منذ أيام قليلة، مع بداية شهر يوليو الجاري، وسط سخط عام من قطاعات الشعب السعودي، نتيجة لما تمر به الدولة بكافة قطاعاتها من أزمة اقتصادية شديدة أثرت بشكل كبير على كافة المواطنين، وكان من المتوقع أن تخفف الحكومة من العبء الملقى على كاهل السعوديين، بدلاً من أن تزيده!
كما أن هذه الزيادة الضريبية الجديدة جاءت مخالفة لتصريحات ولي العهد السعودي “محمد بن سلمان” عام 2018، التي أكد فيها -عقب فرض ضريبة القيمة المضافة بنسبة 5%- أن البلاد لن تفرض أي ضرائب جديدة حتى عام 2030.
– ما هي ضريبة القيمة المضافة؟
وفقًا لموقع “الهيئة العامة للزكاة والدخل” السعودية، فإن ضريبة القيمة المضافة: “هي ضريبة غير مباشرة، تُفرض على جميع السلع والخدمات التي يتم شراؤها وبيعها من قبل المنشآت، مع بعض الاستثناءات”.
وبحسب الموقع ذاته؛ فإن ضريبة القيمة المضافة تطبق في أكثر من ١٦٠ دولة حول العالم، حيث تُعد مصدر دخل أساسي يساهم في تعزيز ميزانيات الدول.
وتُفرض ضريبة القيمة المضافة في كل مرحلة من مراحل سلسلة الإمداد، ابتداءً من الإنتاج ومروراً بالتوزيع وحتى مرحلة البيع النهائي للسلعة أو الخدمة.
ويدفع المستهلك تكلفة ضريبة القيمة المضافة على السلع والخدمات التي يشتريها، أما المنشآت فتدفع للحكومة ضريبة القيمة المضافة التي يتم تحصيلها من عمليات شراء المستهلكين، وتسترد المنشآت ضريبة القيمة المضافة التي دفعتها لمورديها.
وكان دول مجلس التعاون الخليجي قد وافق في يونيو 2016، على اعتماد ضريبة القيمة المضافة في جميع دول مجلس التعاون الخليجي، وصادقت المملكة العربية السعودية على الاتفاقية الموحدة لضريبة القيمة المضافة في فبراير ٢٠١٧ (جمادي الأول ١٤٣٨). وفي هذا الإطار، التزمت المملكة بتطبيق ضريبة القيمة المضافة بنسبة 5% بدءاً من 1 يناير 2018 (14 ربيع الثاني ١٤٣٩)، وخلال الأول من يوليو 2020م، تم تطبيق قرار رفع نسبة ضريبة القيمة المضافة إلى 15% على جميع السلع والخدمات الخاضعة لها، وذلك بعد الإعلان عن الأمر الملكي رقم أ/638 بتعديل المادة (الثانية) من نظام ضريبة القيمة المضافة، والمتضمن رفع نسبة الضريبة من 5% إلى 15% في الحادي عشر من شهر مايو 2020م.
وتتولى “الهيئة العامة للزكاة والدخل” مسؤولية إدارة وتطبيق ضريبة القيمة المضافة في المملكة العربية السعودية، وذلك بالتعاون مع كافة الجهات المعنية.
– لماذا الزيادة في قيمة الضريبة؟
جاءت تلك الزيادة على حد قول وزير المالية السعودي، محمد الجدعان، كقرار صعب بعد تدهور أسعار النفط، وجائحة كورونا وإغلاق معظم الأنشطة والمناحي الاقتصادية في المملكة، ولكن لم يقل الوزير السعودي إن تدهور أسعار النفط هذا جاء بناء على حرب النفط الوهمية التي أشعل شراراتها ولي العهد السعودي “ابن سلمان”، حين حاول الوقوف أمام روسيا أكبر مصدر نفط في العالم.
فقد تسببت قرارات “ابن سلمان” بأسوأ أداء فصلي في تاريخ المملكة من ناحية أسعار النفط، خلال الربع الأول الجاري، بسبب تدهور الطلب على الخام بفعل “كورونا” وحربه التي أشعلها، والتي أدت لشبه توقف لحركة الإنتاج عالميًا.
وقد أدى ذلك لانكماش الاقتصاد السعودي بنسبة 1% في الربع الأول من العام الحالي، نتيجة انكماش القطاع النفطي 4.6 %.
والأعجب أن زيادة قيمة الضريبة، ترافق معه إيقاف المملكة بدل غلاء معيشة كان يصرف للمواطنين، وتخفيض الحكومة إنفاقها لعام 2020 بنحو 13.3 مليار دولار.
كما سيتم اقتراض 220 مليار ريال (58.7 مليار دولار) بزيادة 100 مليار ريال (26.7 مليار دولار) عما كان مخططا له قبل “كورونا”.
– ردود فعل حول قرار الزيادة:
فور الإعلان عن زيادة قيمة الضريبة، اشتعل غضب المغردين والنشطاء السعوديين عبر مواقع التواصل، لذلك القرار الذي وصفوه بأنه في غير وقته.
وقال الناشطون: إن القرار لا يتناسب مع الأوضاع الاقتصادية التي انعكست على المواطنين بفعل أزمة انتشار فيروس كورونا وما تسببت به من وقف لقطاعات وأنشطة اقتصادية عدة في المملكة أسوة بمعظم دول العالم.
كما طالب العديد من المعلقين على القرار بتأجيل رفع الضريبة وإعادة النظر في نسبتها، وذلك إثر الآثار الاقتصادية التي خلفتها جائحة فيروس كورونا.
وعقب سريان قرار التطبيق، نشر نشطاء على تويتر فواتير لشراء مستلزمات استهلاكية من منافذ البيع المختلفة توضح أن الضريبة شملت شتى أنواع المواد الاستهلاكية الأساسية، بما فيها حليب الأطفال، في حين أطلق آخرون هاشتاق “#تاجيل_ضريبه_القيمه_المضافه” للمطالبة بتأجيل القرار.
فقد سأل أحد المغردين على تويتر هيئة “العناية بالعملاء في السعودية”، عن حقيقة فرض ضريبة على حليب الأطفال، فأجابت الهيئة الحكومية “عزيزي العميل، تخضع جميع السلع لضريبة القيمة المضافة إذا تم بيعها من قِبل شخص مسجل في نظام ضريبة القيمة المضافة، كما أن حليب الأطفال خاضع لضريبة القيمة المضافة”.
كما أعلنت شركة الاتصالات السعودية على تويتر، عن رفع ضريبة القيمة المضافة من 5% إلى 15% على جميع منتجاتها وخدماتها، ابتداءً من 1 يوليو 2020، وتطبيق الضريبة الجديدة على الفواتير القادمة.
من ناحية أخرى، رأى مراقبون اقتصاديون أن قرار الحكومة نشر تفاصيل زيادة الضريبة قبل سريانها بمدة طويلة تسبب في حالة من الجشع لدى الكثير من التجار، والذين قاموا بتخزين العديد من السلع لبيعها بأسعار أكبر بعد تطبيق القرار.
كما حدثت حالة من الهلع لدى المواطنين، تسببت في إقبال غير مسبوق على شراء كافة السلع الأساسية، خوفًا من ارتفاع أسعارها -وهو ما حدث فعلاً-، ما تسبب في نفاد الكثير منها.
ورأى المراقبون أنه كان من الأولى على الحكومة السعودية تأجيل إعلان قرار زيادة قيمة ضريبة القيمة المضافة إلى ما قبل سريان الزيادة بساعات قليلة أو يوم واحد على الأكثر، حتى لا يتسبب هذا في حالة الإرباك التي شهدتها الأسواق السعودية كافة.