تطور سياسي كبير شهده اليمن فجر 7 أبريل/ نيسان 2022، بنقل الرئيس عبدربه منصور هادي المقيم في الرياض، كامل صلاحياته إلى مجلس قيادة رئاسي من ثمانية أعضاء برئاسة رشاد العليمي، على رأس أولوياته السعي لإنهاء الحرب عبر التفاوض مع مليشيا الحوثي.

ورشاد العليمي هو وزير داخلية سابق ومستشار لهادي، بينما أعضاء المجلس الآخرون، هم “سلطان علي العرادة، وطارق محمد صالح، وعبد الرحمن أبو زرعة، وعبدالله العليمي باوزير، وعثمان حسين مجلي، وعيدروس قاسم الزبيدي، وفرج سالمين البحسني”.

وبموجب القرار الجمهوري رقم 8 لسنة 2022، أعفى هادي نائب رئيس الجمهورية علي محسن الأحمر من منصبه، على أن يتولى مجلس القيادة الرئاسي إدارة الدولة سياسيا وعسكريا وأمنيا.

كما تم إنشاء هيئة للتشاور والمصالحة تتكون من 50 عضوا لدعم ومساندة مجلس القيادة الرئاسي، الذي سيتولى التفاوض مع الحوثيين بشأن وقف إطلاق النار.

واستقبل ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، المجلس الرئاسي اليمني الجديد، وأعلنت المملكة بالتزامن مع ذلك، دعم البنك المركزي اليمني بثلاثة مليارات دولار أميركي تتضمن “ملياري دولار مناصفة بينها وبين الإمارات”.

وقدمت المملكة “مليار دولار أميركي منها 600 مليون دولار لصندوق دعم شراء المشتقات النفطية، و400 مليون دولار لمشاريع ومبادرات تنموية”، بالإضافة إلى 300 مليون دولار لتمويل خطة الاستجابة الإنسانية التي أعلنتها الأمم المتحدة لعام 2022.

ودعت السعودية إلى “عقد مؤتمر دولي لحشد الموارد المالية اللازمة لدعم الاقتصاد اليمني والبنك المركزي اليمني وتوفير المشتقات النفطية”.

كل ذلك لم يلق قبولا لدى ناشطين على تويتر، إذ اتهموا السعودية بالعبث بالقرار اليمني وإعادة تصدير الوجوه القديمة، مؤكدين أن القرارات المعلنة تعني فشل التحالف الذي يقود حربا في اليمن منذ مارس/آذار 2015، من أجل استعادة الشرعية.

الناشطون أكدوا عبر تغريداتهم على حساباتهم الشخصية ومشاركتهم في وسم #مجلس_رئاسي، أن القرارات تعد دليلا قاطعا على أن هادي والأحمر وغيرهما من الأسماء هم أدوات في أيدي ابن سلمان يحركهم كيفما يشاء.

واتهموا ابن سلمان بدق آخر مسمار في نعش الشرعية اليمنية وتسليم اليمن للإمارات وإيران بعدما ظل سبع سنوات يحارب الحوثي بدعوى إعادة الشرعية حتى تخلى عنها اليوم وسلم السلطة لغيرها.

وأدان ناشطون تجاوز السعودية الدستور والقانون وكل المرجعيات، بإقالة هادي وتعيين مجلس قيادة رئاسي بعضوية قادة مليشيات غير معترفين بالشرعية وآخرين محسوبين على الإمارات بلا استفتاء شعبي.

وشبه ناشطون ما تعرض له هادي بما تعرض له رئيس الحكومة اللبنانية السابق سعد الحريري عندما أجبر على تقديم استقالته عام 2017، معربين عن غضبهم من تنصيب وزير الداخلية السابق رشاد العليمي (2001-2007) رئيسا للمجلس بسبب سجل فساده، فضلا عن اتهامات بالخيانة والعمالة.

 

مجلس محاصصة

الناشطون صبوا غضبهم على هادي، مشيرين إلى أن غالبية أعضاء المجلس المعلن تشكيله ولاؤهم للخارج سواء السعودية أو الإمارات أو إيران، ووصفوه بمجلس المحاصصة واتهموا السعودية بمحاولة تحقيق ما فشلت في تحقيقه في الميدان عبر أدواتها.

الكاتب والباحث ياسين التميمي، قال إن تخلى الرئيس هادي عن نائبه جاء ضمن صفقة جديدة تشبه كثيرا الصفقات التي أبرمها وسهلت دخول الحوثيين إلى صنعاء واستيلاءهم على الدولة.

وحذر التميمي من أن “صيغة الإعلان الدستوري حفلت بثغرات كثيرة من الممكن أن تحول هذا المجلس إلى منصة متوترة ومتصارعة ومشلولة”.

من جانبه، قال الصحفي صدام الكمالي، إن هادي تسلم الرئاسة وقاد البلاد إلى الهاوية، وها هو يسلم اليوم البلاد لمجلس رئاسي تحكمه المحاصصة والمناطقية والتدخلات الإقليمية.

واستنكر الباحث عادل دشيله، تشكيل مجلس رئاسي من شخصيات متناقضة غالبيتها تدين بالولاء المطلق للإقليم وليس للدولة، ما يفتح الباب للصراعات ما لم يكن هناك رؤية واضحة.

وأوضح أبو معتز الشبواني، أن رشاد العليمي وفرج البحسني، رجال السعودية، وعبدالله العليمي وعبده مجلي وسلطان العرادة، رجال الإصلاح، أما عيدروس الزبيدي، وطارق عفاش وأبو زرعه المحرمي، فهم رجال الإمارات.

 

مخطط التحالف

واتهم ناشطون ولي العهد السعودي بالفشل في اليمن التي خاض فيها من الأساس معركة عسكرية من أجل استعادة الشرعية، ثم أجبر هادي على التخلي عن منصبه لصالح العليمي، وفرض مجلسا رئاسيا جديدا تنفيذا لخطة إماراتية تعزز بها دورها هناك.

الكاتب محمد الهاشمي الحامدي، أكد أن محمد بن سلمان أجبر هادي على التنازل عن صلاحياته كما فعل مع سعد الحريري، مشيرا إلى أن ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد المخطط الرئيس طبعا في ملف اليمن.

وكتب الصحفي اليمني سمير النمري: “بعد إشرافه على تشكيل مجلس رئاسي لليمن ونزع صلاحيات الرئيس هادي: ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان يصل المدينة المنورة قادما من الرياض”.

ووصف كريم الشامي، محمد بن سلمان بأنه “ولي أمر الشرعية اليمنية في فنادق الرياض”.

وقال الصحفي السعودي تركي الشلهوب، إن “ابن سلمان الفاشل لم يجتث الحوثي ولم يُعيد الشرعية!”.

وتعجب سعد الدوسري، من إطاحة ابن سلمان بالشرعية اليمنية في الرياض وتعيين مجلس رئاسي جديد، مذكرا بأن أول أهداف عاصفة الحزم التي أعلنها قبل سبع سنوات كانت حماية الشرعية وإعادتها إلى صنعاء.

وتهكم قائلا: “يبدو أن الرئيس اليمني المخلوع عبد ربه منصور هادي لن يعود إلى اليمن حتى جثة هامدة”.

ورأى عرفات عبدالخبير الرميمة، أن “السعودية بعد أن جعلت من هادي وعلي محسن أدوات لضرب اليمن وتدمير بنيته التحتية وأخذت منهما ما تريد، رمتهم إلى مزبلة التاريخ غير مأسوفِ عليهما، وفصّلت مجلسا رئاسيا على مقاس أطماعها في اليمن، مؤكدا أن مصير جميع العملاء والمرتزقة إلى مزابل التاريخ”.

 

فساد العليمي

وبرز حديث ناشطين عن فساد قائد المجلس الرئاسي الجديد رشاد العليمي، مشككين في قدرته على إدارة المرحلة الانتقالية وتحقيق السلام.

ونشر الناشط السياسي ياسر اليمني، وثائق تثبت فساد وخيانة العليمي، ووصفه بعميل إحداثيات العدوان السعودي الإماراتي المتورط في قتل اليمنيين وأطفالهم، متسائلا: “كيف سيتقبل اليمنيون قاتلهم وقاتل أطفالهم؟”

ونشر الصحفي عبدالله الحرازي، تحقيقا استقصائيا نشر في مايو/ آيار 2016، على شبكة أريج يكشف فساد رشاد العليمي “الكذاب” في وثائق ويكيليكس، ووصفه بـ”هامور الفساد في وثائق بنما، فضلا عن تاريخ من الفساد العائلي”.

وتوقع الصحفي محمد رشاد الشرعبي، أن ينتقل المطبلون الأنذال المدافعون عن عصابة الفساد، إلى الدفاع عن فساد رشاد العليمي وعياله بعد انتهاء خدمات دفاعهم عن هادي وعياله.

وأكدت سمر خالد العوالقي، أن العليمي ارتكب في عهده عندما كان وزير الداخلية بالحكومة اليمنية عدة جرائم ضد متظاهرين سلميين جنوبين، وكذلك اعتقالات تعسفية لمعارضين لحكم علي عبدالله صالح عام 2003، كما يمتلك عشرات الشركات منها العقارية والنفطية وكل هذا من أموال الدولة وفساد قياداتها.