خاص: تطرق المعهد الأطلنطي للدراسات السياسية والجيوسياسية في تقرير له، إلى الاتجاه السعودي الحالي نحو روسيا كبديل للولايات المتحدة والدول الغربية من ناحية الصناعات العسكرية الدفاعية، ووصف المعهد ذلك الاتجاه السعودي الجديد سياسيًا وعسكريًا بأنه ما هو إلا رغبة في استثارة الغيرة الأمريكية من علاقاتها الناشئة مع روسيا.
وقال المعهد في تقريره إن عدة مصادر إعلامية غربية وعربية أفادت أن “نائب وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان وقع “اتفاقية تعاون عسكري” في 24 أغسطس مع أحد نظرائه الروس في المنتدى العسكري التقني الدولي السنوي السابع – معرض أسلحة – بالقرب من العاصمة موسكو. لكن ما تم الاتفاق عليه بالتحديد لم يتضح بعد.
وأضاف التقرير أن إعلان الأمير خالد جاء في تغريدة على تويتر في 24 أغسطس / آب، قال فيها إن الاتفاقية “تهدف إلى تطوير التعاون العسكري المشترك بين البلدين”. وفي تغريدة أخرى، قال نائب وزير الدفاع السعودي إنه التقى بوزير الدفاع الروسي سيرجي شويغو “لبحث سبل تعزيز التعاون العسكري والدفاعي” بين البلدين وناقش “مسعى مشترك للحفاظ على الاستقرار والأمن في المنطقة”. و “التحديات المشتركة”.
– خطوة مثيرة رغم الغموض:
على الرغم من غموض الأوصاف السعودية والروسية، فإن حقيقة توقيعهما على اتفاقية تعاون عسكري أمر مهم على الإطلاق حسبي تقرير المعهد. اعتمدت المملكة العربية السعودية تقليديًا على الولايات المتحدة والحكومات الغربية الأخرى للمساعدة الأمنية. ويعد توقيع هذه الاتفاقية السعودية الروسية – مهما كانت – في أعقاب سقوط الحكومة الأفغانية المدعومة من الولايات المتحدة وصعود حركة طالبان في أفغانستان إشارة إلى أن الرياض لا تشعر بأنها تستطيع الاعتماد بشكل كامل على واشنطن، ولذلك، على استعداد للتحوط من رهاناتها من خلال اللجوء إلى موسكو.
وأرجع المعهد السبب وراء تلك الخطوة إلى تدهور العلاقات السعودية الأمريكية في عهد “بايدن”، قائلاً: “بالإضافة إلى ذلك، في حين أن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان (MBS) كان له علاقات وثيقة مع إدارة دونالد ترامب، كانت إدارة جو بايدن أكثر انتقادًا لقضايا حقوق الإنسان وكذلك نزاع المملكة العربية السعودية مع قطر والتعامل مع الحرب المستمرة في البلاد –اليمن-. من خلال التوقيع على هذه الاتفاقية مع موسكو، قد تشير الرياض إلى أنها لن تغير سلوكها بناءً على طلب إدارة بايدن فحسب، بل أن هناك دولًا أخرى يمكن للمملكة العربية السعودية العمل معها ممن لا يهتمون بشكل خاص بتغيير السلوك السعودي”.
– محاولة لتغيير السلوك الأمريكي:
وأشار المعهد إلى أنه “قد يكون توقيع اتفاقية التعاون العسكري السعودي الروسي بمثابة محاولة من قبل الرياض لتغيير سلوك واشنطن. في الوقت الذي يخشى فيه السعوديون وعرب الخليج الآخرون أن الالتزام الأمريكي بهم قد يتضاءل بسبب ما يخشونه من تراجع الاهتمام الأمريكي بالمنطقة، فإنهم يعرفون أن العلاقات الروسية الأمريكية متوترة. قد يحسب السعوديون أن النظر إليهم على أنهم يتعاونون مع روسيا، خصم أمريكا، قد يدفع الولايات المتحدة إلى زيادة التزامها وتقليل انتقادها للمملكة”.
وأضاف التقرير أنه “من المحتمل أنه إذا كان الهدف الرئيسي للرياض من توقيع هذه الاتفاقية الأمنية مع موسكو هو الحصول على مزيد من الاهتمام الإيجابي من واشنطن، فقد ينجح. لا يريد منتجو الأسلحة الأمريكيون التنازل عن أي حصة من السوق السعودية المربحة للمنافسين الروس. إن أولئك الموجودين في واشنطن المهتمين بشكل أساسي بالتهديدات الإيرانية والجهادية للولايات المتحدة وحلفائها الإسرائيليين والخليجيين يجادلون أيضًا بأنه بغض النظر عن أفعال محمد بن سلمان، تظل العلاقات السعودية الأمريكية الشاملة تعاونية ويجب أن تظل على هذا النحو. ومع ذلك، إذا مضت المملكة قدما في شراء صواريخ الدفاع الجوي الروسية إس 400، كما تم الحديث عنها في الصحافة، فإن العلاقة السعودية الأمريكية ستتدهور بشكل واضح تمامًا مثل العلاقة التركية-الأميركية عندما اشترت أنقرة الأس 400 الروسية”.
– نظرة السعودية للولايات المتحدة:
أوضح المعهد أن السعوديين يدركون جيدًا أن روسيا ليست بديلاً لأمريكا كضامن للأمن – وهو أمر لا يمكن إلا أن تعززه التدريبات البحرية الصينية-الإيرانية-الروسية المعلنة مؤخرًا في الخليج. هذا مجرد مثال آخر على التعاون العسكري الروسي المستمر مع إيران، والذي يتضمن التعاون الروسي الإيراني في سوريا ومبيعات الأسلحة الروسية إلى طهران، وهو ما يثير قلق السعوديين ودول الخليج الأخرى.
لذا، فيرى المعهد أنه بالنسبة للرياض، قد يكون الهدف من تلك الخطوة هو جعل واشنطن تشعر بالغيرة قليلاً من علاقاتها الناشئة مع موسكو مع عدم إزعاج الولايات المتحدة كثيرًا. وستكون موسكو، بالطبع سعيدة للغاية إذا أزعجت علاقاتها مع الرياض واشنطن تمامًا كما فعلت العلاقات الروسية مع أنقرة. إن علاقة موسكو المستمرة مع طهران – والتي لن تتخلى عنها روسيا من أجل تحسين العلاقات مع المملكة – من المرجح أن تحث الرياض على الحفاظ على علاقاتها المحسنة مع موسكو ضمن الحدود.