أصدر مركز الفكر الاستراتيجي للدراسات، ورقة تحليلية بعنوان المفاوضات السعودية الإيرانية …أسباب الانسداد ودوافع الاستئناف.

وأشارت الورقة إلى إعلان الرئاسة الإيرانية أن وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان أعلن خلال لقائه بمساعد الرئيس الإيراني للشؤون البرلمانية، سيد محمد حسيني، في البرازيل بداية الشهر الجاري، استعداد بلاده لاستئناف المفاوضات مع إيران.

وقد جاءت هذه التصريحات بعد انقطاع المفاوضات بين البلدين، منذ نهاية الجولة الخامسة في أبريل/نيسان 2022.

يأتي هذا الإعلان متزامناً مع جملة من التطورات السياسية والعسكرية الإقليمية والدولية، كانسداد المعركة العسكرية بين روسيا وأوكرانيا، وتوقف المباحثات النووية، والفتور في العلاقات السعودية الأمريكية.

يقابلها اندلاع موجة احتجاجات شعبية غير مسبوقة في إيران، ومفاوضات مباشرة بين السعودية والحوثيين برعاية عمانية، وهدنة غير معلنة في اليمن، ويبدو أن لهذه الأحداث تأثيرها في الإعلان عن استئناف المفاوضات.

 

أولاً: سيرورة المفاوضات السعودية الإيرانية

شهدت العلاقة السياسية بين الرياض وطهران انقطاعاً تاماً منذ العام 2016، نتيجة خلافات حادة بين الدولتين، تتعلق بتباين المقومات السياسية والفكرية وتنازع النفوذ السياسي والاقتصادي، وهو ما كان له انعكاسه على الأرض، وأدى إلى أزمات متجددة بسبب التوسع الإيراني في المنطقة.

وكان من آثار ذلك إحراق المحتجين الإيرانيين سفارة الرياض في طهران وقنصليتها في مشهد، على إثر إعدام السعودية لرجل الدين الشيعي، نمر النمر، في العام 2016، وهو ما أدى إلى سحب الرياض بعثتها الدبلوماسية من طهران، وقطع العلاقة بإيران.

بعد هذه الفترة من القطيعة السياسية والحرب بالوكالة، بدأت المفاوضات بين الرياض وطهران في أبريل/ نيسان 2021، برعاية عراقية ولقاء غير معلن بين وفدي البلدين في المنطقة الخضراء ببغداد، وقد كان لهذه الجولات خصائصها السياسية ونتائجها المحدودة.

 

خصائص الجولات السابقة

أجرت السعودية وإيران خمس جولات من المفاوضات، كان آخرها في أبريل/نيسان 2022. وقد اتسمت هذه الجولات بعدد من الخصائص، من أهمها:

–   السرية في كثير من تفاصيل المفاوضات، حسب رغبة الطرفين، وهو ما أكده الناطق باسم الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده، بقوله: إن “اتفاقاتنا مع السعودية تنص على عدم الإفصاح عن تفاصيل المفاوضات”.

–   البطء الذي تسير به المفاوضات، وطول الوقت بين الجولات، وخصوصاً الجولة الرابعة والخامسة اللتين استمر التوقف بينهما سبعة أشهر، وهذا الأمر مؤشر على شدة تباين وجهات النظر.

–   بقاء تلك الجولات في المستوى الاستخباراتي والأمني، ويُتوقع أنَّ تنتقل الجولة السادسة إلى المستوى السياسي والدبلوماسي، ما يعني إمكانية توسع علنية المفاوضات.

–   التغيرات السياسية التي رافقت الجولات، سواء في إيران حيث تولى إبراهيم رئيسي الرئاسة الإيرانية بين الجولتين الثالثة والرابعة، أو في العراق بعد تولي محمد شياع السوداني رئاسة الوزراء خلفاً لمصطفى الكاظمي، الذي تولى التنسيق للمفاوضات السابقة، وعُرف عهده بالتقارب بين السعودية والعراق بعد سنوات من التوتر، هذه التغيرات السياسية يبدو أنها أثرت في سير المفاوضات.

–   تفاؤل الموقف الإيراني كثيراً، بخلاف الموقف السعودي، حيث يحرص الأول على إرسال رسائل تطمينية متكررة داخلية وخارجية بقرب التوصل إلى حلول للعلاقة بين البلدين، وإعلانه قرب موعد فتح السفارة الإيرانية في السعودية بحلول موسم الحج.

هذا التفاؤل من طهران بخلاف موقف الرياض الذي وصف المفاوضات -تحديداً بعد الجولة الرابعة- بأنها لا تزال في مرحلتها الاكتشافية، ويؤيد هذا بيان القمة الخليجية الصينية في ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي.

والذي دعا إيران “للتعاون الكامل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والتزامها بالطابع السلمي لبرنامجها النووي.. والتزام حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، واحترام استقلال الدول وسيادتها”، وكذلك بيان لجنة المتابعة والتشاور السياسي السعودية المصرية، في يناير/كانون الثاني الحالي، الذي رفض التدخلات الإيرانية بشؤون المنطقة العربية، وهذا معناه أنَّ الملفات الكبرى التي تسعى السعودية إلى تسويتها لم يتم البت فيها إلى الآن.

 

نتائج الجولات السابقة

أثمرت جولات المفاوضات السعودية الإيرانية نتائج محدودة، بعضها مباشرة وأخرى غير مباشرة، ومن أهم هذه النتائج:

–   عودة إيران إلى منظمة التعاون الإسلامي، حيث أعلنت إيران، في يناير/كانون الثاني من العام الماضي، وصول ثلاثة من دبلوماسييها إلى السعودية لتمثيلها في منظمة التعاون الإسلامي، وذلك للمرة الأولى بعد قطع العلاقة بين البلدين في العام 2016.

–   زيادة حصة الحجاج الإيرانيين، وتوقيع مذكرة تفاهم بين الجانبين بشأن الحج، بعد زيارة وفد إيراني للسعودية، مطلع يناير/كانون الثاني الجاري، وإجراء محادثات حول موسم الحج القادم.

–   الاتفاق على ترتيب إعادة فتح القنصليات، ويُذكر أنَّ الطرفين اتفقا على إرسال وفدين، للعمل على إعادة فتح القنصليات كخطوة أولى وتمهيدية لاستعادة فتح السفارات في كلا البلدين.

–   توقف الهجمات الحوثية على الرياض، وتأييد الجانبين لوقف إطلاق النار في اليمن، ودخول السعودية في مفاوضات مع الحوثيين بوساطة عمانية.

هذه الخصائص والنتائج توحي بأنَّ المفاوضات السعودية الإيرانية لم تتجاوز إجراءات بناء الثقة بين البلدين؛ لكونها لم تثمر سوى انفراجة محدودة في بعض الملفات، مع التعثر في الملفات الثنائية الكبرى فضلاً عن الملفات الإقليمية المشتركة.

وهذا يعني أن ثمة انسداداً تعيشه المفاوضات، يؤكد ذلك طول مرحلة التفاوض، وتعثر عقد الجولة السادسة من المفاوضات إلى الآن، بعد الانتهاء من الجولة الخامسة في أبريل/نيسان 2022.

 

ثانياً: أسباب انقطاع المفاوضات السعودية الإيرانية

بعد ما يقارب السنتين من المفاوضات السعودية الإيرانية، انقطعت المفاوضات بشكل غير معلن، نتيجة للتباين- كما يظهر- في زوايا النظر وانسداد الحلول التوافقية للقضايا الإقليمية، ويبدو أنَّ من أهم أسباب هذا الانقطاع:

 

الخلاف حول طبيعة المفاوضات

الخلاف حول طبيعة المفاوضات يتعلق بأمرين مهمين؛ الأول أولوية التفاوض، والثاني علنية التفاوض وانتقاله للمستوى السياسي والدبلوماسي، حيث ترى طهران أن الملفات الثنائية، وخصوصاً الدبلوماسية منها، تشكل أولية، وتحرص على عودة السفارات أولاً.

في حين ترى الرياض أن الملفات الإقليمية المشتركة هي التي يجب البدء بها وخصوصاً الملف اليمني، كما تسعى الرياض إلى علنية المفاوضات وانتقالها للمستوى السياسي والدبلوماسي.

 

اندلاع الاحتجاجات الإيرانية

مع اندلاع الاحتجاجات الإيرانية في سبتمبر/أيلول من العام الماضي زعمت إيران أنَّ للسعودية دوراً في التحريض على النظام الإيراني، وتتهمها بتمويل قناة “إيران إنترناشوينال” التلفزيونية التي قدمت تغطية مكثفة للاحتجاجات الإيرانية، إضافة إلى الاتهامات المتبادلة بينهما بدعم المعارضة، وهذا ما كان له أثره في انسداد المفاوضات السعودية الإيرانية.

 

تعقيدات الملف اليمني

يرى كثير من المراقبين أنَّ الملف اليمني العامل الأساس وراء طول المفاوضات، وضعف التوصل إلى نتائج كبيرة، حيث تقود الرياض التحالف العربي لدعم الحكومة المعترف بها دولياً، وترى أنَّ التدخلات الإيرانية هي السبب في تعقيد الملف اليمني، وأنَّ الهجمات الحوثية على السعودية تتم بأسلحة إيرانية.

في المقابل تقدم طهران الدعم السياسي والعسكري لجماعة الحوثي المتمردة على الحكومة الشرعية، وتتبنى الرواية الحوثية للصراع، وتسعى لتسويق الاعتراف بهم دولياً، وتطلب من السعودية الانسحاب الكامل من اليمن.

أمام ذلك يظهر أنَّ هناك انسداداً في التوصل إلى تفاهمات مشتركة مع الإيرانيين حول هذا الملف، كما يبدو أن السعودية ذهبت للتفاوض مع الحوثيين عبر وسطاء عمانيين؛ لقياس مدى جدية إيران في الضغط على الحوثيين للقبول بالتسوية السياسية وحل الملف اليمني.

 

ثالثاً: دوافع استئناف المفاوضات السعودية الإيرانية

دوافع مشتركة

يعيش الطرفان السعودي والإيراني حالة من الحرب بالوكالة حسب اتهامات كل منهما للآخر، فلإيران أدواتها المتعددة في لبنان والعراق وسوريا واليمن، وقد تمكنت خلال السنوات السابقة من تشكيل واقع سياسي في هذه البلدان تهيمن عليه إيران.

وترى السعودية في هذه المكونات خطراً حقيقياً على أمن المنطقة، وتتهم الحرسَ الثوري الإيراني بدعم هذه المجموعات من أجل استهداف السعودية، في المقابل تتهم إيرانُ السعوديةَ بدعم فصائل من المعارضة الإيرانية سياسياً ومالياً

هذا الشكل من الحرب استنزف الطرفين بشكل غير محدود، خصوصاً الهجمات الحوثية وهجمات الحشد الشعبي، كما مثلت حرب اليمن حالة من الاستنزاف الاقتصادي للمملكة، خصوصاً مع طول المعركة وتحديات الحسم العسكري، وهذا الأمر بقدر ما دفع الطرفين للتفاوض، فقد شكل كذلك أملاً لطهران في تسوية الأزمة اليمنية حسب شروطها.

كما يعول كل جانب على الآخر في الاتجاه نحو تفعيل الجولة السادسة من المفاوضات، والتفرغ للمشاريع الخاصة التي يطمحان إليها، ومواجهة التحديات المتعددة التي يواجهانها، يتزامن ذلك مع رغبة روسية وصينية تشجع الحلول الدبلوماسية لملفات المنطقة.

 

الدوافع السعودية

ترغب السعودية في حلحلة القضايا الإقليمية، مصحوبة بتراجع الثقة في علاقتها بالإدارة الأمريكية الحالية، وتنامي علاقتها الاقتصادية بالصين، إضافة إلى تداعيات الحرب في اليمن السياسية والاقتصادية، ورغبتها في الانفتاح على المشاريع الإقليمية المختلفة، وحرصها على التفرغ للمشروع التنموي المتمثل في رؤية 2030، التي أطلقها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وهذا ما يشجع الرياض على التقارب مع طهران.

 

الدوافع الإيرانية

تستثمر إيران في الفتور الحالي في العلاقات السعودية الأمريكية، وتخَفُّف الرياض من الضغوط التي تمارسها واشنطن، وتسعى للدفع نحو استئناف المفاوضات، أملاً في تحقيق اختراق سياسي جديد في المنطقة، والحد من توسع تداعيات التطبيع العربي مع الكيان الإسرائيلي وتحييد الموقف السعودي فيما يتعلق بالملف النووي والعلاقة بالكيان الإسرائيلي.

كما أنَّ إيران تسعى للتخفيف من الضغط الدولي، بعد إخفاقها في التوصل لتسوية بخصوص الملف النووي، والتخفيف كذلك من تداعيات الأزمة السياسية الداخلية والخارجية التي تعيشها، والتي كان من نتائجها انفجار الاحتجاجات الأخيرة، وترغب في إنجاز تسوية ولو شكلية تساعدها في تسويق نفسها داخلياً وخارجياً.

كذلك تدرك إيران رغبة السعودية في تسوية أزمات المنطقة، وتسعى إلى تخفيف المشاكل الاقتصادية التي تعانيها، وتقليص حجم العقوبات الدولية، والاستفادة من الدعم السعودي للبنان والعراق.

 

رابعاً: تحديات التقارب السعودي الإيراني

تواجه العلاقات السعودية الإيرانية جملة من التحديات الثنائية والإقليمية والدولية، كانت حاضرة في تفاصيل المفاوضات السابقة ومؤثرة في سيرها، ومن المتوقع أنَّ تبقى حاضرة في الجولة السادسة المرتقبة، ومن أهم هذه التحديات:

 

تعقيدات الملفات الإقليمية المشتركة

سعت إيران إلى بناء تحالفات استراتيجية مع أدواتها في المنطقة، وتسعى من خلالهم لتحقيق طموحاتها الاستراتيجية، لا سيما في منطقة الخليج وما جاورها، انطلاقاً من فكرة “ولاية الفقيه” الإيرانية العابرة للحدود.

هذا المشروع يقابله الأهمية السياسية والثقافية والاقتصادية للمملكة العربية السعودية، التي تؤهلها للاضطلاع بدور سياسي في المنطقة، ولهذا تتنافس الدولتان على الزعامة الدينية والسياسية في العالم الإسلامي.

في هذا الإطار تحضر الملفات الإقليمية المشتركة، وخصوصاً الملف اليمني، في جولات التفاوض، حيث تشترط الرياض لتطبيع العلاقة مع طهران احترام الأخيرة لسيادة السعودية، والكف عن تهديد أمنها الداخلي، والحد من التدخلات الإيرانية في المنطقة، فيما يظهر أن إيران غير مستعدة للتنازل عما تراه مكاسب لها في المنطقة، وتضغط نحو الاعتراف بالوقائع على الأرض، ويدل على ذلك استمرار تهريب الأسلحة الإيرانية إلى اليمن.

 

تحديات السلاح النووي الإيراني

يعد السلاح النووي أحد أهم نقاط الخلاف بين الجانبين؛ إذ ترى السعودية في امتلاك إيران للسلاح النووي خطراً يُهدد الاستقرار الإقليمي للمنطقة، ويؤدي إلى ترسيخ الخلل في موازين القوى الإقليمية، ويفوض إيران بفرض رؤيتها السياسية للأمن الإقليمي، ولهذا تتبنى السعودية وجوب منع إيران من تطوير قدراتها النووية، وإيقاف الأنشطة التي تهدد الاتفاق النووي، وتضغط في أن تكون طرفاً في الاتفاق النووي.

في المقابل تتهم إيران السعوديةَ بالسعي لعرقلة الاتفاق النووي، وكانت السعودية من الدول التي أيدت الانسحاب الأمريكي الفردي من الاتفاق النووي في مايو/أيار 2018، والذي أدى إلى فرض عقوبات اقتصادية وسياسية على النظام الإيراني، ولما كانت إيران مستمرة في تطوير نشاطها النووي فإن موضوع تطبيع العلاقة بين البلدين كلياً قبل تسوية الملف النووي بتوافق مع السعودية يعد أمراً مستبعداً.

 

الموقف من الكيان الإسرائيلي

تعد دول الخليج إحدى ساحات التنافس الإقليمي بين المشروعين الإيراني والإسرائيلي، ولهذا يسعى الكيان الإسرائيلي، وبدعم دولي، إلى تسويق نفسه خليجياً لمواجهة التهديدات الإيرانية، كما تسعى إيران إلى الحد من تداعيات التطبيع، وتخشى أن تُستخدم دول الخليج منصة للكيان الإسرائيلي في تهديدها، وترى أنَّ الكيان الإسرائيلي من القوى المهددة لها في الشرق الأوسط.

في المقابل هناك تشجيع دولي لانخراط دول الخليج في تحالف عسكري مع الكيان الإسرائيلي، لكن موقف الرياض لا يزال إلى الآن مرهوناً بحل القضية الفلسطينية التي تراها المدخل لاستقرار المنطقة، ويبدو أنَّ الرياض في موقع يمكنها من أداء أدوار مزدوجة، مقابل ذلك تتحرك إيران في ملف المفاوضات خشية أن يصب أي تراجع في مصلحة الكيان الإسرائيلي.

 

الموقف من الرؤية الأمريكية لأمن المنطقة

ترى إيران أن الموقف السعودي مرتبط بالمشروع الأمريكي في المنطقة، الذي يعتمد استراتيجية إقليمية لأمن الخليج تستبعد إيران، وتستوعب الدول المتخوفة من النفوذ الإيراني، وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية، ولهذا ترى أنَّ أي اتفاق مع السعودية يتطلب موافقة الإدارة الأمريكية.

في هذا الإطار، يرتبط الحضور الأمريكي في المنطقة بمركزية دور المملكة العربية السعودية، نتيجة موقعها الجيوستراتيجي، ومكانتها السياسية والثقافية، وقدراتها الاقتصادية والنفطية، لكن هذا التأثير شهد تراجعاً بعد صعود الديمقراطيين، وخصوصاً التيار التقدمي منهم، حيث اختلفت رؤيته لأمن المنطقة في بعض تفاصيلها عن الرؤية السعودية.

هذا التراجع المحدود بين الرؤيتين الأمريكية والسعودية ربما يتغير نتيجة نقاط الاتفاق الكبرى التي تجمع بين الرياض وواشنطن وهذا ما تخشاه إيران، كما يظهر أنَّ الموقف الأمريكي يراقب بحذر مستجدات المفاوضات بين البلدين، وربما ليس من مصلحته توصل الرياض وطهران إلى حلول مستدامة.

خاتمة: بناء على المعطيات السابقة، من المتوقع عقد جولة سادسة من التفاوض الثنائي بين السعودية وإيران، خصوصاً بعد وساطات متعددة عراقية وروسية وصينية، ونظراً للدوافع التي يسعى إليها الطرفان.

لكن نتائج هذه الجولة ربما لن تصل إلى حد التسوية المستدامة، ومن المرجح أن يبقى مستقبل العلاقة على المدى القريب يراوح مكانه في إطار الحلول الجزئية، سواء في الملفات الثنائية أو الإقليمية.

وذلك نظراً لتعقيدات الأزمة بين الطرفين والتحديات الإقليمية والدولية التي تواجهها، ثم طبيعة إيران التفاوضية التي لا تقدم تنازلات بقدر ما تريد أن تُثبِّت مكاسبها على الأرض، وترى في السعودية عائقاً أمام ذلك، إضافة لضعف الوسيط، فالعراق الذي يمثل وسيطاً بين الطرفين، محسوب بشكل ما على إيران، وغير قادر على ممارسة ضغوط دبلوماسية قوية على أحدهما.