تعزز حملة الاعتقالات التي نُفذت في السعودية بحق الأمير أحمد بن عبد العزيز، شقيق الملك سلمان، وولي العهد السابق محمد بن نايف، التسريبات العديدة من داخل العائلة الحاكمة بوجود حراك من داخلها للتخلص من ولي العهد محمد بن سلمان، في محاولة انقلاب على الحكم.
الأمير أحمد بن عبد العزيز اسم برز كثيراً حين عارض توجهات محمد بن سلمان، في حين أن بن نايف يملك قبولاً كبيراً داخل عائلة آل سعود.
فبحسب ما أوردت صحيفتان أمريكيتان؛ هما “وول ستريت جورنال” و”نيويورك تايمز”، الجمعة (6 مارس الجاري)، نقلاً عن مصادر مطلعة، تم اعتقال الأميرين أحمد بن عبد العزيز شقيق الملك السعودي، ومحمد بن نايف ولي العهد السابق.
محاولة انقلاب
الصحيفتان أضافتا أن السلطات السعودية تتهم الأميرين أحمد بن عبد العزيز ومحمد بن نايف بـ”الخيانة العظمى”.
وذكرت صحيفة وول ستريت جورنال أن احتجاز الأميرين أحمد بن عبد العزيز ومحمد بن نايف له صلة بمحاولة انقلاب مزعومة.
بدورها قالت شبكة “بلومبيرغ” إن الديوان الملكي السعودي أبلغ أفراداً كباراً من العائلة المالكة بأن أحمد بن عبد العزيز ومحمد بن نايف كانا يخططان لانقلاب في السعودية.
ووصفت الصحيفتان الأميرين بأنهما “من أكثر الشخصيات البارزة في المملكة”، واعتبرتا أن هذا الاعتقال من شأنه “تعزيز سلطة ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان، وإزاحة منافسيه على اعتلاء العرش”.
وقالت الصحيفتان إن الاعتقال شمل أيضاً الأمير نواف بن نايف، شقيق الأمير محمد بن نايف ولي العهد السابق.
بروز الأمير أحمد يقلق بن سلمان
معلومات حصل عليها “الخليج أونلاين” في وقت سابق من مصادر مختلفة أكدت أن الجو العام الذي يسود عائلة “آل سعود” في المملكة يشير إلى التحضير لأمر كبير خلال الفترة المقبلة، قد يصل إلى الاصطفاف خلف شخصيّة توافقيّة ودعمها للقيام بتحرّك مدروس ضدّ الملك سلمان وابنه.
المصادر أضافت: “إن بن سلمان بدأ يشعر بتهديد وجوديّ له أكثر من ذي قبل (في إشارة إلى اعتقالات فندق الريتز كارلتون التي طالت أمراء ومسؤولين)”.
وأشارت إلى أن مقترحات غربية تفيد بأن يكون البديل المحتمل للملك سلمان هو شقيقه الأصغر الأمير أحمد، الذي كان في حينها يقيم في بريطانيا.
وكان أحمد بن عبد العزيز أكد علناً رفضه لسياسة شقيقه الملك وولي عهده؛ حيث عارض ابن شقيقه بن سلمان ورفض تعيينه ولياً للعهد، ولم يبايعه عندما كان أحد أعضاء مجلس البيعة عام 2017.
وفي سبتمبر 2018، حين ظهر في مقطع فيديو وهو يناشد المتظاهرين الغاضبين الذين هتفوا أمامه أثناء دخوله مقرّ إقامته في لندن بهتافات مندِّدين بتدخل بلاده بحرب اليمن، ردّ عليهم قائلاً بأن أسرة “آل سعود” لا دخل لها بهذه السياسة، وأن المسؤولية تقع كاملة على الملك سلمان وولي عهده.
ومنذ أن ظهر مقطع الفيديو الخاص بتعليق الأمير على الحرب في اليمن تحول الرجل إلى بطل في نظر منتقدي سياسة السعودية بالمنطقة، حيث سارع الكثيرون إلى اعتباره الملك الذي تنتظره السعودية.
بن سلمان يخلف وعده
باعتقاله لعمه فإن محمد بن سلمان يخالف التعهدات الدولية التي قطعها بعدم التعرض له، التي بسببها عاد الأمير السعودي المعارض إلى بلاده، في 30 أكتوبر 2018، بعد عام من الغياب، وسط حفاوة في الاستقبال من قبل بن سلمان نفسه.
وقال مصدر سعودي مقرب من “أحمد”، لموقع “ميدل إيست آي” البريطاني، إن عودة الأمير لم تتحقق إلا بعد الحصول على ضمانات أمنية من قبل أمريكا وبريطانيا بعدم تعرض ولي العهد له.
وأضاف المصدر أن عودته أتت بعد مناقشات مع مسؤولين بريطانيين وأمريكيين وفّروا له الضمانات الكافية ليرجع إلى بلده.
ويريد الأمير أداء دور في إحداث تغييرات، والتي تعني إما أنه سيقوم بنفسه بدور محوري بأي ترتيبات جديدة (داخل البيت الملكي)، أو أنه سيساعد باختيار بديل عن بن سلمان، وفق ما قال الموقع البريطاني.
معلومات مشابهة ذكرتها عدة وسائل إعلام عالمية في حينها؛ حيث كانت عودة الأمير أحمد بن عبد العزيز تحمل في مضمونها العديد من الأدلة.
وبعد أيام من عودته لبلاده أكدت صحيفة الإندبندنت البريطانية وجود معلومات تفيد بتنصيب الأمير المعارض أحمد بن عبد العزيز ملكاً خلال الفترة القادمة، وأن بن سلمان لن يكون حاضراً في المشهد السياسي السعودي في الأيام القادمة، بحسب أحد أمراء العائلة المالكة لم تسمه الصحيفة البريطانية.
وبحسب المصدر اجتمع الأمير أحمد مع إخوته أبناء الملك المؤسس؛ الأمير طلال والأمير مقرن، في منزل العائلة، لمناقشة ما تمر به المملكة في ظل حكم بن سلمان، مشيراً إلى أن هيئة البيعة التي تشكلت قبل أكثر من 10 سنوات، ستجتمع بهدف إعلان الخلافة على العرش.
استياء متزايد داخل العائلة الحاكمة
ارتفاع حالة الإحباط والاستياء لدى العديد من أمراء الأسرة الحاكمة من إدارة محمد بن سلمان أكدها العديد من وسائل الإعلام العالمية، وتسريبات مختلفة على مواقع التواصل الاجتماعي.
وبحسب ما ذكرت وكالة “رويترز”، في أكتوبر الماضي، فإن قصف “أرامكو”، في 14 سبتمبر الماضي، وتسببه حينها بإيقاف نصف الإنتاج السعودي من النفط زاد من استياء العديد من الأمراء، الذين يبلغ عددهم قرابة 10 آلاف.
ونقلت “رويترز” عن 5 مصادر أن “الهجوم أثار سخطاً بين البعض في دوائر النخبة الذين يعتقدون أن ولي العهد سعى بشدة للسيطرة على السلطة”.
وتسبب الحدث في تعالي أصوات وانتقادات بين أفراد الأسرة الحاكمة؛ لاعتقادهم بأن بن سلمان اتخذ موقفاً عدوانياً مفرطاً تجاه إيران.
وقال أحد المصادر: إن “بعض أفراد النخبة في الأسرة لا يثقون بولي العهد”.
وقال دبلوماسي غربي للوكالة: إن “هناك صدمة في الأسرة الحاكمة لأن ولي العهد لم يتمكن من منع الهجمات على أرامكو، على الرغم من إنفاقه مئات المليارات من الدولارات على الدفاع”، معتبرين أن سياساته ومحاولاته السيطرة على الحكم بشكل مطلق “أضرت بالمملكة”.
ويبدو أن محمد بن سلمان ذاته يخشى من الغضب المتزايد يوماً بعد يوم داخل الأسرة الحاكمة، ومحاولة التأثير على الملك أو الوصول إليه لتغيير رأيه، أو عقد مجلس بيعة جديد يطالب بتولية ولي عهد جديد.
حيث تحدثت صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية عن مستقبل الحكم في السعودية، وأوجدت علاقة بينه وبين مقتل عبد العزيز الفغم، الحارس الشخصي للملك سلمان، في 28 سبتمبر الماضي، بمدينة جدة.
وأشارت الصحيفة الفرنسية، في تقرير لها نشر في أكتوبر الماضي، إلى أن مقتل الفغم يؤجج الشائعات والشكوك بوقوف ولي العهد وراء الحادث، لا سيما أن الحادثة وقعت بعد تغيير رئيس الديوان الملكي، ليحل محله فهد العيسى، الذي يعد مقرباً من بن سلمان.
وهذا يرجح -بحسب متابعين للشأن السعودي- أن بن سلمان يود أن يمنع أي محاولة لعزله قبل تثبيت أركانه بشكل جيد في ولاية العهد ثم الملك فيما بعد.