تقرير خاص
“بدر العساكر” هو مدير المكتب الخاص لولي العهد السعودي “محمد بن سلمان” للشؤون الخاصة، والتي تندرج بين تجسس وقمع معارضين وقتلهم إن استحكمت الأمور، فهو يد “ابن سلمان” الخفية التي يقوم من خلالها بالأعمال القذرة التي تتوجب عدم ظهوره فيها.
“العساكر” ذلك الشاب الذي ينحدر من عائلة ثرية، تعمل في بيع الأجهزة الكهربائية والإلكترونية منذ عام 1980، من خلال عدة محلات تجارية في العاصمة السعودية الرياض، استغل “ابن سلمان” طموحه السياسي الجشع للاستفادة منه في تنفيذ مهام لا يمكن لأحد سواه القيام به، فتحول من مجرد شاب يشارك أخاه في إدارة شركة للتمور، لمدير أكبر مؤسسة تعمل كغطاء لكافة مشاريع ولي العهد، بميزانية وصلت إلى 3 مليار ريال (800 مليون دولار)، وهي مؤسسة “مسك” ذات السمعة السيئة عالميًا.
صديق “ابن سلمان” منذ 13 عامًا:
تخرج “بدر العساكر” في كلية التربية الفنية – جامعة الملك سعود؛ وهي بالمصادفة الجامعة التي درس فيها “ابن سلمان”، عمل مع أخيه في مؤسسة العساكر للأجهزة الكهربائية، ثم تمور الصالحية والتي كان فيها شريكاً ونائباً للرئيس، وأنه سافر في رحلة مع رجال أعمال لليابان والصين والتي شهدت تأسيس مجلس الأعمال السعودي الصيني، وبعد العودة اتفق مع مجموعة من الشباب على تأسيس لجنة شباب الأعمال بالغرفة التجارية في الرياض.
في العام 2006، كان اللقاء الأول بين العساكر ومحمد بن سلمان (21 عامًا حينها)، وكان مستشارًا لوالده، وضم ابن سلمان مدير مكتبه الحالي ليصبح عضوًا في الأمانة العامة لجائزة “الأمير سلمان”، قبل أن يتولى مسؤولية أمينها العام سنة 2009.
يدين العساكر بالولاء لولي عهد السعودية ويصفه بـ”الصديق والرئيس” في آن!! قائلا إنه ورغم شخصية ابن سلمان الصارمة، إلا أنه لطيف مع موظفيه.
ويختلف “العساكر” عن باقي مستشاري “ابن سلمان” كسعود القحطاني وتركي آل الشيخ، أنه يلتزم اللغة الدبلوماسية، وكذلك يتجنب الانزلاق إلى مستوى المستشارين المثيرين للجدل بالحوار، وأنه رغم قربه الكبير من ابن سلمان، وتمتعه بصلاحيات واسعة، إلا أن العساكر لا يظهر إلى جانب ولي العهد إلا في مناسبات رسمية قليلة. وعبر تصفح حسابه، يظهر أن بدر العساكر لا يفضل نشر صور شخصية له.
ويعتمد “ابن سلمان” على “العساكر” في إدارة استثماراته وعقد الصفقات مع الجهات الغربية، إما عبر مؤسسة “مسك”، أو شركات أخرى خاصة لا يعلم عنها شيئًا إلا المقربون، وبحسب صحيفة “آيريش تايمز” الايرلندية، فإن شركة “آيت انفستمنت” التي اشترت يختًا، وقصرًا، ولوحة “المخلص” لابن سلمان، بمئات الملايين من الدولارات، مسجلة باسم ثلاثة أشخاص، أحدهم بدر العساكر.
تورطه في مقتل “خاشقجي”
عقب مرور شهر من إعلان اغتيال الصحفي السعودي المعارض “جمال خاشقجي” بقنصلية بلاده في إسطنبول أكتوبر 2018، اتضحت معالم تورط “العساكر” كأحد العناصر الأساسية في إدارة عملية الاغتيال منذ بدايتها وحتى اللحظات الأخيرة منها.
وكان دور “العساكر” هو أن يكون حلقة الوصل بين فريق الاغتيال السعودي الذي كان موجودًا داخل القنصلية خلال تحقيقهم مع خاشقجي، وابن سلمان، حيث كانت تصدر الأوامر، فقد تلقّى “العساكر” عدة اتصالات من العقيد ماهر مطرب، قائد الفريق الذي نفّذ عملية اغتيال خاشقجي، وكان بدوره ينقلها لمحمد بن سلمان، بحسب صحيفة “يني شفق” التركية.
كما كشف النائب البريطاني السابق، جورج غالاوي، أن مدير مكتب “ابن سلمان” هو مَن أمر فرقة الاغتيال داخل القنصلية عبر “سكايب” بإحضار “رأس الكلب” بعد رفضه الاستجابة للأوامر والعودة إلى الرياض.
أخر فضائحه مع “تويتر”
جاء إعلان وزارة العدل الأمريكية عن تورط سعوديان في عملية التجسس التي تمت داخل شركة “تويتر”، ليتكشف للجميع الدور الحقيقي لمؤسسة “مسك” والتي كانت واجهة لاستخدامات تجسسية ضد الآلاف من الحسابات المعارضة للرياض أو الملك سلمان بن عبد العزيز ونجله.
وقد نجح السعوديان اللذان يأتمران بأمر بدر العساكر إلى حسابات عدد من المعارضين السعوديين، من أبرزهم المعارض الشاب المقيم في كندا عمر بن عبد العزيز الزهراني، والذي كان مقرباً من جمال خاشقجي. كما تسببت العملية التجسسية التي رعاها العساكر، بكشف بيانات واعتقال الكاتب تركي الجاسر والذي تقول منظمات معارضة وصحف غربية أبرزها صحيفة “مترو” البريطانية، إنّه تعرض للقتل داخل السجون السعودية بسبب إدارته لحساب وهمي معارض اسمه “كشكول”.
وقد نقلت صحيفة “العربي الجديد” عن مصدر كان يعمل ضمن فريق “العساكر”، أن الأخير نجح في بناء فريق تقني قوي، شبيه بالذباب الإلكتروني الذي قام المستشار السابق في الديوان الملكي سعود القحطاني ببنائه. لكن العساكر بقي طوال الوقت حذراً وغير مندفع كما هو الحال مع القحطاني، إذ كان يخفي نشاطاته بواجهة تطوعية وخيرية كبيرة وهي مؤسسة “مسك” الخيرية.