دشن ناشطون سعوديون حملة إلكترونية عبر مواقع التواصل بالمملكة، تنديدًا باحتفالات يوم التأسيس الذي أعلن عنه في يوم 22 فبراير من كل عام، بديلاً عن اليوم الوطني الذي كان يحتفل به في سبتمبر من كل عام.

ووصف الناشطون عبر وسم #يوم_التدليس، تلك الاحتفالات بأنها محاولة لإضفاء شرعية على النظام الجديد الذي يسعى ولي العهد “ابن سلمان” لإيجاده لتدشينه بعيدًا عن القيم والأسس التي قامت عليها المملكة من الأساس.

من جانبها، قالت المتحدثة باسم حزب التجمع الوطني السعودي المعارض بالخارج، مضاوي الرشيد، إن النظام السعودي الحالي متخبط في تحديد ماهية الدولة السعودية وفي الإجابة عن التساؤلات الخاصة بـ”من نحن وماذا نريد” كمملكة.

وفي حوار على “تويتر” نظمه “صوت الناس”، أضافت “الرشيد” أن النظام السعودي يحاول إضفاء شرعية على شرعية غائبة أصلاً، في الوقت الذي كانت العديد من الدول العربية قبل عصر الاستعمار تتمتع بكيانات أصلاً.

وأشارت إلى أنه بالعودة إلى التاريخ قبل مئات السنين، رأت الدولة السعودية الأولى في عهد محمد عبد الوهاب أن سكان الجزيرة العربية كانوا أبعد ما يكونوا عن الإسلام، وأن “الدولة” في ذلك الوقت أخذت على عاتقها “إرجاع الناس عن ضلالهم نحو الصراط المستقيم”.

وعمدت “الدولة” في ذلك الوقت على محاربة بعض الأقليات ومنع بعض الطقوس، وفق نظرة محددة للإسلام تراها تلك الدولة وأنها تحمل فكرة الإسلام الصحيح.

وقالت الرشيد إن الدولة السعودية آنذاك عمدت إلى تخصيص دعاة مثل “علماء الدعوة النجدية” لنشر الإسلام في العالم، ليس حبًا في الإسلام، وإنما كان مشروعًا مرتبطًا بالحرب الباردة والولايات المتحدة التي طالبت أن تستعمل إسلامها لمحاربة التيارات المعارضة للإمبريالية الأمريكية وإخماد الثورات التي ناهضت المشروع الأمريكي.

ولفتت إلى أن جهود الراحل الملك فيصل كانت مركزة على “نزع العروبة” من مفهوم الدولة السعودية وأنها “إسلامية ومسلمون” بالدرجة الأولى، وأن مفهوم القومية العربية كان أكثر ارتباطًا بالراحلين صدام حسين وجمال عبد الناصر، مشيرةً إلى أن الملك فيصل كان يعتبر القومية العربية جزء من الحركة الماسونية والصهيونية وجاءت لتفكك أمة الإسلام”.

وعلق الأمين العام للحزب، عبد الله العودة، على احتفالات يوم التأسيس بقوله إن ما يجري حاليًا هو إعادة كتابة التاريخ بطريقة أشبه ما تكون باللعب في المنظومة التاريخية.

وأضاف “العودة” أن الدولة السعودية في ورطة شرعية لأنها قامت منذ تأسيسها على خطابٍ معين والآن تنقل ذلك الخطاب لإتاحة الاستبداد بالمجتمع وذلك ينم عن فقدان كامل للشرعية.

وقال إن “يوم التأسيس” يخالف خطاب محمد بن سلمان حول تأسيس السعودية للإعلام الأجنبي والذي لا يختلف كليًا عن تاريخ تأسيس الدولة، وأنه يؤسس لتاريخ جديد لإعطاء نفسه ضمانات للتوازن في المجتمع لملكيته المطلقة.

وذكر أن ما يحدث هو تجييش لصناعة الهوية الجديدة بشكل غير مدروس وعفوي، وأن الخطاب الديني يتعرض لقمع شرس وسيدفع النظام ثمنًا باهظًا مقابل ذلك القمع الذي تبنّته الدولة السعودية سابقًا.

كما وصف حساب “ميزان العدالة” الشهير عبر “تويتر”، يوم التأسيس بأنه إعلان فقدان المملكة لهويتها وانتمائها، وضياع الأجيال القادمة في تيه القيم التي سيستوردها “ابن سلمان” من الغرب بحجة التطوير والتمدن.

وأضاف الحساب أن يوم التأسيس هو الهدف الذي كان يسعى إليه “ابن سلمان” منذ توليه ولاية العهد؛ وهو فصل الدولة عن كل تراثها وتاريخها القديم، وتقديم مملكة جديدة للعالم، مملكة بلا هوية، بلا رابط بكل ما هو إسلامي حتى ولو كان شكليًا.

وأكد “ميزان العدالة” أن يوم التأسيس هو محاولة لفك الارتباط بين الدولة السعودية وبين ميثاق الدرعية الذي عقده الإمام محمد بن سعود، والإمام محمد بن عبد الوهاب، الذي كان يقضي بأن تحكم المملكة بالإسلام والشريعة والإسلامية، وتحديد يوم آخر لا علاقة له بهذا الميثاق.

كذلك استنكر عضو حزب التجمع الوطني، عبدالله الجريوي، إعلان الملك سلمان بن عبدالعزيز، يوم 22 فبراير/شباط من كل عام يوما لتأسيس المملكة السعودية واعتماده إجازة رسمية، محاولة للبحث عن جذور تاريخية لترسيخ دولته الحديثة والتنصل من الحركة الدينية السياسية الوهابية.

ورأى الجريوي، أن ذلك أمر غير مستغرب لدولة قامت على القهر والاستبداد لا تعرف معنى المشاركة والمواطنة، موضحا أن يوم التأسيس المعلن يركز على الدرعية حيث إنها كانت المنطلق لمحمد بن سعود، وهو ما يعني استثناء جميع المناطق التي كانت تحت سيطرة الدولة السعودية الأولى والتي قامت على التكفير والقتل وقهر أهالي شبه الجزيرة العربية.

واستهجن محاولة الوطنجيين -المحسوبين على السلطة- تحديد شكل هوية السعوديين وثقافاتهم التي ينشروها في الحسابات الرسمية، الأمر الذي يعني محو كافة الثقافات والهويات التي تمتاز بها الجزيرة العربية.

وأضاف الجريوي: “من جهة أخرى نرى شريحة من الشعب لا تعلم بماذا يعني لها هذا اليوم وما ارتباطها به، ولكنها اغتنمت فرصة الإجازة وأن تشارك في الاحتفال، حتى لو تقمصت شخصية ليست من ثقافتها”، مؤكدا أن هذا هو الطبيعي في ظل أحادية الصوت والقرار من قبل السلطة الاستبدادية.