بقلم/ ترف عبد الكريم

كان حكام المملكة السعودية وما زالوا يستخدمون الدين ويوظفونه في تطويع وترهيب الشعب، ومع وصول الملك سلمان إلى سدة الحكم وولي العهد الذي يُنظر إليه على أساس أنه الحاكم الفعلي، أُضيف عامل التخوين لكل من له رأي آخر يخالف الحاكم، وهذا بعدما زاد عدد المعارضين لهذا النظام الجائر وتكاثر النشطاء وعلت أصواتهم التي كشفت جرائمه وانحرافه عن جادة الصواب.

الواعي يعلم بزيف تلك المبررات التي يتشبث بها الحاكم عندما يصدر أمرًا باعتقال كل من عبر عن رأيه وطالب بحقوقه بشكل سلمي، ولكن الكذبة قد تنطلي على ذلك الذي يأبى أن يستمع لرواية الآخر ورفض أن يوسع مداركه ظنًّا منه أن إعلامه المحلي يمتلك كل الحقيقة حتى تشرّب عقله فكرة التخويف من المعارضة بحجة أنهم خونة يسعون لتدمير البلاد، مثل هذا الفرد هل من الضروري إقناعه بأنه يناصر حاكمًا ظالمًا؟! هذا السؤال الذي يتردد كثيرًا، والإجابة عليه لا تكون بالنفي أو الايجاب لأنه يعود إلى أبعاد عدة ينبغي أن نتوقف عندها بالإضافة إلى دراستها باستفاضة. ولكن سريعًا نستطيع القول بأن أتباع الحاكم منهم المستفيد من بقائه، وفئة لا يعنيها الأمر، وأخرى لم تبصر مثالبه رغم وضوحها، إلخ.

وقبل كل شيء نحن نعي أن القلة الثابتة المؤمنة بقضيتها هي من تقود زمام التغيير.

وبالتالي نحاول الوصول إلى كافة الشرائح بكافة الوسائل مع الصبر، لأنه دونما إرادة من المتلقي في إِعمال الفكر والعقل، لا يمكن التأثير عليه وهذا يعود بالضرر عليه وحده عندما يأبى ذلك، وهنا ينطبق عليه قول”عجبتُ لقومٍ يساقون إلى الجنةِ بالسياط”.

فقط عندما تجد أحكامًا على خيرة بنات وأبناء الوطن مثل عبد الرحمن السدحان المحكوم عليه بعشرين سنةٍ من السجن ومثلها عندما يخرج، والنيابة العامة التي تطالب بالحكم على محمد الربيعة بالسجن خمسة وعشرين سنة، وكيف يطالب بإعدام كلٌ من د. سلمان العودة، وعلي العمري، وحسن المالكي، ويعتقل الأكاديميون والنخب؟! وكيف تُغيب خلف القضبان “نازا” مؤخرًا لمجرد رأي تبديه عبر تويتر، وقبلها العزيزة شدن، ونوف، ومياء، ولجين، وسمر، ونسيمة، وعزيزة، والكثير ممن لم يرتكبوا خطئًا، وتعذيب المعتقلات والتحرش بهن وكل ما لا يخطر على بال إنسان سوي!

بينما المغتصب الذي قتل براءة الأطفال ودمر حياة كل من اعتدى عليه مهما كان ناضجًا، يُحكم عليه بالسجن بضع سنين وإن حفظ لو ربع القرآن الكريم يصدر أمرٌ ملكي بالعفو عنه وعن كل مجرم حقيقي، ليخرج على المجتمع بعلاته.

ومع ذلك تجد من يُكذب أخبار التعذيب! وهنا نسأل لماذا لم تسمح السلطات بزيارة المنظمات؟! هذا غيض من فيض يتضح فيه جور الحاكم وتورطه في انتهاك حقوق الإنسان الذي جثم على صدورنا أحقابًا.

لهذا نحن ندافع عن حقوقنا الأصيلة التي كرمنا بها الله عن سائر الخلق ولا يمكن لإنسان يحترم إنسانيته أن يتنازل عنها تحت أي ظرف كان، ولأننا لسنا مجرمين ولا خونة عندما نبدي آرائنا ونعبر عنها، وهذا ما يجب ألا يصمت عليه، وهذا واجبنا كلما احكمت قبضة المستبد وانتشر الظلم والفساد، ولأننا نريد الأفضل لوطننا ولنا على كافة الأصعدة، ونريد المكانة المتقدمة بين الأمم وكل هذا لا يتحقق إلا بجود وسط مناخ سياسي يسوده العدل والمساواة والمشاركة السياسية والسماح بكافة الحريات ابتداءً بحرية الرأي والتعبير.