تصاعدت حدة العمليات الإرهابية التي تشنها المليشيات الحوثية المدعومة من إيران، لتهديد أمن المملكة العربية السعودية، وطرق الملاحة الدولية في البحر الأحمر، واستخدمت وسائل مختلفة من بينها “الزوارق البحرية”.

ودخل الحوثيون على خط الصراعات الدولية الخطرة منذ وقتٍ مبكر، كان أبرزها حينما هاجموا، في 25 يوليو 2018، ناقلة نفط تابعة للشركة الوطنية السعودية، تحمل اسم (أرسان)، أثناء مرورها في البحر الأحمر غربي ميناء الحديدة اليمنية وكانت متجهة لمصر، وتحمل على متنها مليوني برميل من النفط الخام.

ويستخدم الحوثيون هجماتهم البحرية في محاولة للضغط على السعودية لإنهاء حرب اليمن، فيما يؤكد المجتمع الدولي ضرورة طرد مسلحي الحوثي من السواحل اليمنية لا سيما بعد استهداف السفن التجارية والإنسانية.

 

هجمات بحرية مستمرة

باتت “الزوارق البحرية” المسيّرة عن بعد أخطر الأسلحة  البحرية التي يمتلكها الحوثيون المدعومون من إيران، والتي يحاولون استخدامها في تنفيذ عمليات هجومية ضد القطع الحربية التابعة للتحالف الموجودة في عرض البحر قبالة سواحل اليمن، وأيضاً السفن النفطية والتجارية.

في 24 مايو 2021، أعلن التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن بقيادة السعودية، إحباط “هجوم عدائي وشيك بزورق مفخخ جنوب البحر الأحمر”.

واعتبر التحالف العربي، في بيان نشرته وكالة الأنباء السعودية “واس”، أن محاولة الهجوم تأتي ضمن “استمرار تهديد المليشيا الحوثية لخطوط الملاحة البحرية والتجارة العالمية”.

وفي 24 مايو 2021، أعلن التحالف “اكتشاف وتدمير لغم بحري زرعته مليشيا الحوثي في جنوب البحر الأحمر، في إطار حربها البحرية التي تستهدف بآلاف الألغام البحرية السفن المختلفة”.

وبين الحين والآخر تشهد نقاط سعودية تكراراً لعمليات استهدافها بزوارق حوثية مفخخة، لكن التحالف يعلن باستمرار اعتراض هذه المحاولات.

 

أخطر الهجمات

في 27 أبريل 2021، أفادت وكالة “رويترز” نقلاً عن شركة “دراياد غلوبال” للأمن البحري، المختصة بالأمن البحري، قولها إن سفينة تعرضت للهجوم ربما تكون “إن.سي.سي الدمام”، فيما قالت منظمة التجارة البحرية البريطانية “يو كيه إم تي أو” إنها على علم بتقارير عن حادثة قرب ميناء ينبع السعودي و”جارٍ تحري الأمر”.

وفي 14 ديسمبر 2020، أعلنت شركة “هافينا” للشحن أن ناقلة النفط المشغلة لها “بي دبليو راين” تعرضت لهجوم من مصدر خارجي قبالة ميناء جدة.

وفي الرابع من الشهر ذاته، قالت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية إن سفينة تابعة لها تعرضت لهجوم قبالة سواحل اليمن، ولم توضح طبيعته، ولا الجهة التي تقف وراءه، لكن أصابع الاتهامات وجهت للحوثيين.

وفي 25 نوفمبر 2020، قالت شركة يونانية إن انفجاراً ألحق أضراراً بناقلة تشغلها في مرفأ سعودي بالبحر الأحمر إلى الشمال مباشرة من الحدود اليمنية، في هجوم أكدته المملكة.

ومن الهجمات السابقة خلال السنوات الماضية، كان أبرزها هجوم في 29 يناير 2017 عندما تعرضت فرقاطة سعودية لهجوم بثلاثة زوارق موجهة تابعة للمتمردين الحوثيين غرب ميناء الحديدة؛ ما أدى إلى مقتل اثنين من طاقمها.

 

إيجاد معركة استنزافية

يقول الخبير الاستراتيجي والعسكري، الدكتور علي الذهب، إن الحوثيين يحاولون إيجاد معركة بحرية استنزافية ضد السعودية وضد مصالحها الاقتصادية على سواحلها الغربية على البحر الأحمر.

وفيما يتعلق بتهديدها للملاحة البحرية، يقول الذهب إن جماعة الحوثي إلى حد الآن “لم تقم بأي تهديد مباشر للملاحة البحرية بشكل عام وكل ما تقوم به استهداف الحلفاء لأمريكا وعلى وجه الخصوص المصالح السعودية”.

وفي حديثه يشرح الذهب طبيعة ما تقوم به مليشيا الحوثي في معركتها البحرية، ويقول: “مسرح العمليات البحرية هو مسرح محدود لاستخدام جماعة الحوثي، وليس محدود الأثر، بل بالعكس هو مسرح عمليات يمكنهم النيل من التحالف بقدر كبير، وقد أثبتت سنوات الحرب الماضية الكثير من الوقائع”.

ويشير إلى أن الحوثيين يتعاملون مع هذا المسرح “بطريقة تضمن لهم عدم استثارة الولايات المتحدة بالقدر الأكبر”، متابعاً: “كثيراً ما ركزوا هجماتهم على الجانب السعودي ومصالحه التجارية ومصالحه الاقتصادية في البحر الإقليمي والمياه الداخلية في المناطق البحرية من جيزان”.

ويرى أن ما يقوم به الحوثيون من هجمات بزوارق بحرية “تأتي في إطار استراتيجية ضرب المصالح الاستراتيجية ذات الطابع الاقتصادي والعسكري. وهي معركة مكملة للمعركة البرية، والهجمات الجوية التي يقومون بها عبر الصواريخ الباليستية والطائرات غير المأهولة”.

وطرح سؤالاً قال فيه: “هل رصدت عمليات استهدف بها الحوثيون مصالح أمريكية أو غربية بعد استهدافاتهم المشبوهة في عام 2017″، مجيباً عنه بالقول: “لا، لأن استجابة الولايات المتحدة  كانت سريعة ومثلت رسالة إنذار للحوثيين، فتوقف الحوثيون عن ذلك، ولكن الإضرار بمصالح السعودية الاستراتيجية المتعلقة بالنفط أيضاً يضر بالولايات المتحدة، وهم بذلك يحاولون الضغط على الولايات المتحدة والسعودية في آن واحد”.

وأضاف: “الولايات المتحدة لديها خيار بالتعامل بطريقة ناعمة وخالية من العنف، حيث إنها صنفت أركان الحرب القوات البحرية الموالية للحوثيين ضمن قائمة العقوبات في وزارة الخزانة، وهو بالأساس ليس ضابطاً، ولكنه ممن جاءت بهم الجماعة الحوثية”.

ويؤكد أن هجمات الحوثيين عبر الزوارق “تندرج في إطار المعركة الحديثة المشتركة، حيث تشترك فيها جميع القوات الجوية والبحرية والبرية والقوات المتخصصة، حيث يحاول الحوثيون الارتقاء بأعمالهم إلى هذا المستوى من خلال ما يملكونه، أو ما تملكه من أسباب القوة التي دعمتهم بها إيران”.

 

تحرك مبكر

منذ سيطرة جماعة الحوثي على مؤسسات الدولة في اليمن، في سبتمبر من العام 2014، والانقلاب على شرعية الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، لم يستقر وضع خطوط الملاحة والممرات التجارية في البحر الأحمر، بل بات الخطر يتصاعد بشكل مطرد مع طول أمد الحرب وتدويل الصراع في اليمن.

وأخذ الحوثيون- بمساعدة إيرانية- يطورون منظومة سلاحهم البحري، وقد أعلنوا، في نوفمبر 2017، امتلاكهم منظومة صواريخ بحرية محلية الصنع، يُطلَق عليها (المندب1).

وكشف تقرير فريق الخبراء التابع للأمم المتحدة، مطلع عام 2017، عن امتلاك جماعة الحوثي قدرات تكنولوجية بحرية تمكنهم من شن مزيد من الهجمات على السفن، مستدلاً على ذلك بدقة الهجمات التي تعرضت لها بعض سفن التحالف خلال عام 2016، ومنها الفرقاطة السعودية التي تحمل اسم (المدينة 702).

وتحتل الطرق والممرات البحرية أهمية بالغة في نقل وتجارة الطاقة، إذ من خلالها يُنقَل 62% من كميات النفط العالمي، مما يعني أن إضرار الحوثي بالأمن الملاحي يشكل تحدياً حقيقياً، خصوصاً أن أهم مضايقه (باب المندب) أصبح محاطاً بنزاع مستمر منذ 2015.