غادر الإعلامي السعودي المعروف تركي الدخيل منصبه مديرا عاما لقناة العربية السعودية، وعاد الفريق السابق لإدارة القناة، وعلى رأسه كل من عبد الرحمن الراشد ونبيل الخطيب، في مؤشر واضح على تآكل نفوذ ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وتساقط أذرعه من مناصبهم، وذلك في أعقاب الفضيحة التي تسبب بها اغتيال الصحافي والكاتب جمال خاشقجي في قنصلية السعودية باسطنبول.
وغادر الدخيل منصبه مديرا عاما لقناة العربية صباح الثلاثاء، وهو اليوم الأول في العام 2019، ليشغل منصب سفير السعودية لدى أبوظبي، بينما عاد الفريق الإداري السابق إلى القناة، والذي كان الدخيل قد أطاح به لينفرد بإدارة القناة، وفقا لأوامر ورؤية الأمير محمد بن سلمان، الذي استولى لاحقاً على ملكيتها بعد أن اعتقل رئيس مجلس إدارتها الشيخ وليد الإبراهيم أواخر العام 2017، والذي أخلي سبيله بعد أيام قليلة ضمن صفقة غير معلنة مع ابن سلمان.
وأعلنت قناة العربية أن الدخيل استقال من منصبه، ليحل مكانه الدكتور نبيل الخطيب مديراً عاماً للقناة، لكن القناة أنشأت -في سابقة هي الأولى من نوعها- مجلس تحرير يرأسه المدير العام السابق والإعلامي السعودي المعروف عبد الرحمن الراشد الذي أطيح به سابقاً وحصل مكانه الدخيل، الذي يُعدّ أحد أصدقاء ابن سلمان المقربين، والذي يسود الاعتقاد بأنه لعب دوراً مهماً في التقريب بين ابن سلمان وابن زايد، كونه كان يقيم علاقات وطيدة مع ابن زايد قبل وصول الملك سلمان وابنه إلى الحكم بسنوات.
ومن المعروف أن الخطيب كان رئيساً للتحرير داخل القناة، واستقال من منصبه بعد تولي الدخيل إدارة القناة بشهور، حيث غادر دولة الإمارات بشكل كامل، وهاجر إلى كندا. أما الراشد، فترك قناة العربية بصورة كاملة فور تولي الدخيل إدارتها، وانتقل إلى لندن، حيث يقيم فيها منذ سنوات مع زوجته ريما مكتبي، بحسب المعلومات التي حصلت عليها “عربي21”.
وأكد مصدر إعلامي داخل القناة، في حديث خاص لـ”عربي21″، أنه “بعودة الخطيب والراشد إلى قناة العربية، فإن الإدارة السابقة تكون قد عادت برمتها، بعد أن فشل رجال محمد بن سلمان في إدارتها”، مشيراً إلى أن “الدخيل كان قد تعرض لانتقادات واسعة؛ بسبب فشله في التعامل مع أزمة خاشقجي، كما نشر مقالاً يُلمح فيه إلى أن السعودية يمكن أن تقطع النفط عن الولايات المتحدة، وهو ما يبدو أنه كان من بين حالات التخبط التي حدثت”.
ويلفت المصدر إلى أن “أول تغطية للعربية حول قضية مقتل خاشقجي كانت في نشرة أخبار الساعة الرابعة يوم التاسع من أكتوبر الماضي، أي بعد أسبوع كامل من بدء الأزمة، والمصيبة كانت أن التغطية انصبّت على اتهام قطر بالوقوف وراء اختفاء خاشقجي، وكان الدخيل هو المشرف على التغطية، وتمت بأوامر مباشرة منه، وسرعان ما تبين أن ذلك المضمون كان كذبا بطبيعة الحال”.
وبهذه المعلومات، فان الإطاحة بالدخيل قد يكون سببها الفشل في التعاطي إعلاميا مع الأزمات التي مرت بها السعودية، خاصة أزمة خاشقجي، وهو ما اضطر ابن سلمان ذاته إلى التخلي عن ذراعه تركي الدخيل، والاستعانة بالإدارة السابقة التي كانت أكثر ذكاء في التعامل مع الأحداث وخدمة الأجندة السعودية.
أما الاحتمال الثاني الذي يتحدث عنه بعض المحللين، فهو أن يكون الملك سلمان قد تدخل من أجل تقليص نفوذ ابنه محمد الذي تخبط خلال الفترة الماضية، كما أنه تدخل من أجل إقالة أهم رجاله، محاولا بذلك إرضاء الأمريكيين، واستباق أي تحرك قد يشهده الكونجرس ضد ابنه بعد انتهاء عطلة رأس السنة. وهو ما يعيد التذكير بالتغييرات التي شهدتها الحكومة السعودية، والتي قالت جريدة “التايمز” إنها محاولة من الملك لتقليص نفوذ ابنه.
إحدى أذرع ابن سلمان
ويُعدّ الدخيل إحدى الأذرع الإعلامية المهمة، وربما الأهم على الإطلاق لابن سلمان، حيث تم تعيينه مديراً عاماً لقناة العربية في كانون الثاني/ يناير 2015، لكن الرجل سرعان ما أثار جدلاً واسعاً بعدها بفترة وجيزة من توليه منصبه، حيث تبين أن ثروته تضخمت بسرعة صاروخية، وذلك بحسب وثائق مسربة نشرتها العديد من وسائل الإعلام.
وكشف موقع “ميدل إيست أوبزرفر”، في تقرير كتبه سايمون هندرسون في كانون أول/ ديسمبر 2016، عن عدة وثائق حول ثروة الدخيل، كانت الأولى محفظة استثمارية في “الاستثمار كابيتال” بتاريخ 15 فبراير 2015.
ووفقا للموقع، بلغت قيمة الاستثمار لدى الدخيل نحو 8.4 ملايين ريال سعودي.
أما الوثيقة الثانية، فهي محفظة استثمارية أخرى في الاستثمار كابيتال أيضا بتاريخ 13 آب/ أغسطس 2015، التي تُظهر أن قيمة استثمار الدخيل ارتفعت إلى ما يقرب من 94 مليون ريال سعودي، أي أكثر من 11 ضعفا عما كانت عليه في وقت سابق من ستة أشهر فقط.
وصدر قرار في كانون ثان/ يناير من العام 2015، بتعيين الإعلامي السعودي تركي الدخيل مديرا عاما لقناة العربية الإخبارية من قبل رئيس مجلس إدارة مجموعة (إم بي سي) الشيخ وليد الإبراهيم، بعد أن كان الدخيل يعمل رئيسا للأبحاث والدراسات في مركز المسبار الإماراتي، ويوصف بأنه إحدى أذرع دولة الإمارات العربية المتحدة الإعلامية.
وخلال هذه الفترة، اشترى الدخيل عدة عقارات في مدينة دبي مقابل 17 مليون درهم إماراتي، وجاء ذلك بوضوح في الوثائق التي نشرها الموقع، والتي توضح تاريخ الشراء، وهو 21 حزيران/ يونيو 2015.