كشفت صحيفة “نيويورك تايمز”، السبت، أن السعودية ضغطت بشدة على الأردن لوقف محاكمة رئيس الديوان الملكي الأسبق “باسم عوض الله”، أحد المتهمين الرئيسيين في قضية “زعزعة أمن واستقرار الأردن”، المعروفة إعلاميا بـ”قضية الفتنة”.
ونقلت الصحيفة الأمريكية عن مصادر مطلعة أن السعودية أرسلت 4 طائرات مع مسؤولين مختلفين للمطالبة باستعادة “عوض الله” فور اعتقاله في أبريل/نيسان الماضي، على رأسهم وزير الخارجية، الأمير “فيصل بن فرحان”.
وأضافت المصادر أن مسؤولا كبيرا من مكتب ولي العهد السعودي، الأمير “محمد بن سلمان”، كان من بين المبعوثين إلى الأردن، إضافة إلى رئيس المخابرات السعودية “خالد الحميدان”، الذي مكث في الأردن لمدة 5 أيام للضغط على الأردن من أجل السماح لـ “عوض الله”، الحاصل على الجنسية السعودية، بالعودة معه.
وبينما أكد مسؤولو مخابرات غربيون أن المتهمين في قضية الفتنة بالأردن “لم يجندوا مسؤولين عسكريين ولم يحاولوا الإطاحة مباشرة بالملك عبدالله”، نقلت “نيويورك تايمز” عن مسؤولي مخابرات سابقين أن “عوض الله” لم يكن ليتحرك إلا بموافقة كبار القادة السعوديين.
ولذا يعتقد الضابط السابق في وكالة المخابرات المركزية الأمريكية “بروس ريدل” أن وفد المسؤولين السعوديين “ضغط من أجل الإفراج عن عوض الله لأنهم علموا أن لديه معلومات تدينهم ويريدون إخراجه”.
وسبق أن أكد مسؤولون سعوديون أن الوفد توجه جوا إلى الأردن، لكنهم قالوا إنهم ذهبوا “للتعبير عن التضامن مع العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني”، ونفوا سعيهم لإطلاق سراح “عوض الله”.
وظهر “عوض الله” في مقطع فيديو مسرب من داخل جلسة محاكمته، الإثنين الماضي، أشعث، ويرتدي بدلة سجن زرقاء ويداه مكبلتان إلى الخلف.
ونفى المتهمان الرئيسيان في القضية، “باسم عوض الل”ه والشريف “حسن بن زيد”، تهمتي “التحريض على مناهضة نظام الحكم السياسي القائم في المملكة الأردنية” و”القيام بأعمال من شأنها تعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر وإحداث الفتنة”، وفي حال إدانتهما يواجهان عقوبة بالسجن قد تصل إلى 20 عاما، وفق محاميهما.
وذكرت تقارير غربية أن “عوض الله” مقرب من ولي العهد السعودي، فيما شغل الشريف “حسن بن زيد” سابقا منصب مبعوث العاهل الأردني إلى السعودية.
وكشفت لائحة الاتهام في القضية، المؤلفة من 13 صفحة، أن ولي العهد الأردني السابق الأمير “حمزة بن الحسين” كان له طموح شخصي بالوصول إلى سدة الحكم وتولي عرش المملكة وحاول عبثا الحصول على دعم السعودية لتحقيق ذلك.
وأكد ملك الأردن “عبد الله الثاني”، في 7 أبريل/نيسان الماضي، في رسالة بثها التلفزيون الرسمي أن “الفتنة وئدت” وأن “الأمير حمزة مع عائلته في قصره وتحت رعايتي”.
وكانت السلطات الأردنية، قد أعلنت، في 4 أبريل/نيسان، ضلوع الأمير حمزة وآخرين في “مخططات آثمة” هدفها “زعزعة أمن الأردن واستقراره”، واعتقلت حينها نحو 20 شخصا بينهم “عوض الله” والشريف “حسن”، بينما وُضع الأمير “حمزة” في الإقامة الجبرية، بحسب قوله، قبل أن يعلن العاهل الأردني، في 7 أغسطس/آب الماضي، أن “الفتنة وئدت”، مطمئنا شعبه بأن “لا أحد فوق استقرار الوطن”.
ويعتقد مسؤول غربي سابق أن هدف السعوديين من دعم تحرك داعمي الأمير حمزة كان تقويض دور الملك الأردني كلاعب محوري في الشرق الأوسط، حسبما نقلت “نيويورك تايمز”.
ونفت السعودية بشدة في وقت سابق أي علاقة لها بالخلافات غير المسبوقة داخل العائلة المالكة في الأردن، ورفضت التكهنات التي أثيرت في بعض وسائل الإعلام الغربية في هذا الشأن.