سلط معهد دراسات الأمن القومي التابع للجامعة العبرية، الضوء على التقارب الأخير في العلاقات بين السعودية وحركة المقاومة الفلسطينية حماس وتداعيات ذلك على إسرائيل.

وذكر المعهد، في تقرير نشره على موقعه الإلكتروني أن مظاهر التقارب الأخير بين حماس والمملكة الخليجية تمثلت زيارة وفد من الحركة الفلسطينية للرياض وإطلاق الحكومة السعودية سراح سجناء حماس المحتجزين هناك.

وأشار المعهد إلى أن زيارة وفد حماس التي جرت في نيسان/أبريل 2023، كانت بمشاركة رئيس المكتب السياسي إسماعيل هنية، خالد مشعل رئيس الحركة في الخارج، وعددا من أعضاء المكتب السياسي أبرزهم خليل الحية وموسى أبو مرزوق”.

وأوضح أن أهمية الزيارة أنها تأتي بعد أن شهدت العلاقات بين حماس والسعودية توترات متصاعدة منذ عام 2007، وصلت لحد اعتقال السلطات السعودية قادة للحركة الفلسطينية في المملكة في 2021، ما دعا خالد مشعل للتلميح أن الاعتقالات المذكورة كانت تهدف إلى إرضاء إسرائيل، في سياق قربها المتزايد من المملكة آنذاك.

كانت آخر زيارة قام بها وفد من حماس إلى المملكة العربية السعودية في عام 2015، وكان الغرض منها رسميًا أداء العمرة، لكنها تضمنت لقاءات مع كل من ولي العهد محمد بن سلمان، وزير الدفاع، ورئيس المخابرات السعودية.

لكن نتيجة الزيارة لم ترضِ بعد ذلك وفد حماس الذي كان يأمل في تغيير في سياسة المملكة تجاه الحركة، لا سيما فيما يتعلق بقضية الأسرى.

وعلى نفس المنوال فإن الزيارة الأخيرة لوفد حماس كان الهدف المعلن لها هو أداء العمرة، وقبل عودة الوفد الفلسطيني إلى الدوحة لم يتم الإعلان بشكل رسمي عن عقد اجتماعات بين أعضاء الوفد مع المسؤولين السعوديين.

في حين جاءت كل المعلومات الواردة عن عقد لقاءات بين الوفد ومسؤولين سعوديين من مصادر مقربة من حماس.

 

رغبة في التوازن

تقرير المعهد الإسرائيلي، اعتبر أن الزيارة الأخيرة للوفد الفلسطيني تعد جزء من الاتجاه الواضح والمتزايد لإصلاح وتحسين العلاقات بين الدول العربية ودول المنطقة بما في ذلك تركيا وإيران وسوريا والمنظمات المرتبطة بها.

بالإضافة إلى وفد حماس، تمت دعوة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس أيضا إلى مأدبة الإفطار في الرياض، في خطوة تهدف من ورائها المملكة فيما يبدو لإظهار نهج متوازن.

ويمثل هذا التقارب مع السلطة الفلسطينية أيضا تغييرا، لأن السعودية كانت لديها علاقات باردة تجاه عباس في السنوات الأخيرة، وجمدت أحيانا مساعداتها للسلطة الفلسطينية لإظهار عدم موافقتها على ما تعتبره موقف عباس المتشدد من خطة ترامب، ومع الاهتمام بالتأثير على اختيار خليفته.

أثار قرب الزيارات تكهنات بأن الرياض تسعى إلى تعزيز نفوذها في قطاع غزة وربما تعزيز المصالحة بين حماس والسلطة الفلسطينية، ربما على أساس اتفاق 2007 بين حماس وفتح-اتفاق مكة، الذي لم يتم تنفيذه.

ووفق التقرير فإنه يجب أن ينظر إلى زيارة قادة حماس والإفراج عن المعتقلين الفلسطينيين، ودعوة الرئيس الفلسطيني أن يُنظر إليها في سياق التطورات الإقليمية التي يقودها السعوديون إلى حد كبير، والتي تهدف إلى تخفيف حدة التوتر والعداء مع دول المنطقة، لتمكين دفع المشاريع الكبيرة وتعزيز التنمية الداخلية.

ورأي التقرير أن أحد انعكاسات هذه السياسة هو تخفيف العداء للإسلام السياسي، وتعد استعادة العلاقات مع حماس، وهي جزء من هذا التيار وقريبة جدًا من إيران، هي جزء من هذا الاتجاه.

في الوقت نفسه، وجهت الدعوة لعباس رسالة إلى جميع المعنيين، بما في ذلك إسرائيل، مفادها أن العمل ليس مسألة تغيير سياسي بل رغبة في التوازن كجزء من جهود احتواء الضرر في ظل تغير الأولويات الإقليمية والدولية.

وفي وسط ذلك، تريد السعودية التي دعت سوريا للمشاركة في القمة العربية في الرياض في 19 مايو/أيار، بعد العمل على إعادة عضويتها في جامعة الدول العربية، أيضًا استعادة الأدوار القيادية الإقليمية الرئيسية وجذب العالم العربي حولها باستخدام أدوات نفوذها التقليدية وهي التمويل والوساطة والتخلي عن المحاولات غير المجدية لتغيير الوضع بالوسائل العسكرية.

 

غياب الاستقرار الإسرائيلي

بالنسبة لإسرائيل، لا ينبغي أن يؤثر التقارب بين السعودية وحماس على عملية التطبيع، طالما ظل يُنظر إلى إسرائيل على أنها لاعب ديمقراطي مستقر يساهم في الأمن والاستقرار الإقليميين.

ويمكن القول إن الرسالة الناتجة من التقارب مع حماس بالنسبة لإسرائيل وأمريكا أنه نظرا للديناميات المتغيرة وتوازنات القوى في المنطقة، والتي يتوقع من الجهات الفاعلة الإقليمية أن تتخذ موقفا بل وأن تشارك فيها، سيكون من الصعب الحفاظ على التجميد المستمر للقضية الفلسطينية على المدى الطويل.

في الوقت نفسه، يمكن أن يكون للتقارب بين السعودية وحماس تداعيات إيجابية، حيث يمكن أن يكون للمملكة تأثير على المنظمة-ربما حتى على حساب علاقاتها مع إيران.

ومع ذلك، حتى لو لم تكن التحركات الأخيرة من قبل السعودية نحو المصالحة الإقليمية تهدف إلى وقف عملية التطبيع مع إسرائيل، يبدو أن العملية قد تباطأت بشكل كبير.

في غضون ذلك، ثمة قدر كبير من النقاش الإقليمي (والدولي) حول تشكيل الحكومة الإسرائيلية الحالية، بسبب تآكل صورة إسرائيل كديمقراطية مستقرة والحليف الرئيسي للولايات المتحدة في المنطقة، وصورة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو كزعيم قوي.

في مثل هذه الحالة، من الصعب على الرياض أن ترى العلاقات مع إسرائيل كبديل للجهود المبذولة لتهدئة التوترات مع أعدائها في المنطقة، وقبل كل شيء مع إيران.

بعد كل شيء، في نظر جيران إسرائيل، كان استقرار الحكومة أحد مصادر قوتها، وأحد دوافعها للبحث عن علاقات أوثق معها.