استضافت المملكة العربية السعودية ثلاث قمم هذا الأسبوع لحشد المعارضة العربية والإسلامية لإيران مع تصاعد التوتر في المنطقة. ولن تساعد القمم السعوديين على إيجاد حل لأكبر مشكلة وهو المستنقع الذي تتورط في اليمن.
وترأس الملك “سلمان” مؤتمرات قمة مجلس التعاون الخليجي وجامعة الدول العربية يوم 30 مايو/أيار في مكة المكرمة وقمة منظمة التعاون الإسلامي في 31 مايو/أيار.
وقد تم اختيار مكة كمكان لعقد الاجتماعات لتعزيز مطالبة الملك بالقيادة الإقليمية من خلال التأكيد على دوره كخادم الحرمين الشريفين في مكة والمدينة.
وتأتي هذه القمم بعد اعتداءات متكررة على المملكة من قبل المتمردين الحوثيين الشيعة في اليمن، حيث استخدم المتمردون طائرات بدون طيار لمهاجمة خط أنابيب “شرق – غرب” الذي يضخ النفط من المنطقة الشرقية إلى البحر الأحمر، كما استخدموا الصواريخ لضرب المدن السعودية بالقرب من الحدود اليمنية. وجاءت هذه الهجمات بعد تخريب أربع سفن في ميناء الفجيرة الإماراتي.
ويقول الحوثيون إن الهجمات المتصاعدة هي استجابة لرفض السعوديين وقف الغارات الجوية في اليمن بعد انسحاب الحوثيين من ثلاثة موانئ على البحر الأحمر للسماح بمزيد من المساعدات الإنسانية إلى البلاد.
وقد اتهم الرئيس “منصور عبدربه هادي” المدعوم من السعودية، علنا، وسيط الأمم المتحدة بأنه موال للحوثيين.
ويلوم السعوديون إيران على انهيار محادثات السلام والعنف المتصاعد.
ويصر المتمردون على أنهم مستقلون عن طهران، لكنهم ينسقون عن كثب مع حليفهم الإيراني.
وتحث وسائل الإعلام السعودية على اتخاذ موقف صارم تجاه إيران، على أمل أن يؤدي ذلك إلى تغيير النظام في طهران.
وتزعم هذه الوسائل أن الشباب الإيراني مستعد للإطاحة بالحكومة إذا استمرت العقوبات، وأدى العمل العسكري إلى رفع مستوى الرهانات؛ لكن هذه الادعاءات ليست ذات مصداقية.
ويردد السعوديون تغريدة “ترامب” بأن العمل العسكري سيكون هو نهاية إيران.
وقامت السعودية بدعوة قطر إلى مؤتمرات القمة، مع أن المملكة لم تبد أي إشارة حول المصالحة مع الدوحة، لكنها متحمسة لصورة الوحدة ضد طهران.
ويتردد الملك وولي العهد الأمير “محمد بن سلمان” في الاعتراف بأن حصار قطر قد أدى إلى إضعاف مجلس التعاون الخليجي.
وفيما وراء هذه القمم، لا تزال مشكلة السعودية الرئيسية في صناعة القرار، والتي أدت إلى التدخل في اليمن في عام 2015، لا تزال قائمة.
وبسبب قيادة ولي العهد وسياساته، أصبحت المدن والبنية التحتية السعودية الآن أهدافًا لميليشيا طورت الصواريخ والطائرات بدون طيار على نحو متزايد بمساعدة إيران و”حزب الله”.
وسيشجع قرار إدارة “ترامب” ببيع مليارات الأسلحة إلى الرياض دون موافقة الكونغرس ولي العهد على مواصلة السير في المستنقع.
ولن يكون السعوديون أكثر قدرة على كسب الحرب بمزيد من الذخائر.
وقد فشل الدعم الأمريكي خلال أربع سنوات في منع السعوديين من قصف أهداف مدنية أو الحد من مذابح الأطفال الذي يعدون الفئة الأكثر عرضة للخطر.
ويبدو أن السعوديين نسوا دروس حرب أخرى في اليمن خاضوها قبل نصف قرن، حين أرسلت مصر عشرات الآلاف من الجنود لدعم انقلاب عسكري ضد الملكية الزيدية.
وقد قدم الملك “فيصل” الدعم السري للملكيين، إلى جانب الأردن و(إسرائيل) وبريطانيا.
وأدى المستنقع في اليمن إلى شل مصر لمدة خمس سنوات، وساهم بشكل كبير في هزيمتها الساحقة من قبل (إسرائيل) في عام 1967، وأصبح “فيصل” هو الملك السعودي الأكثر شعبية على الإطلاق.
وكانت المساهمة السعودية في الحرب ضئيلة مقارنة بالمجهود الحربي المصري ولكنها نجحت في رفع تكاليف الحرب على خصومها تماما كما تفعل طهران مع السعودية اليوم.
أما بالنسبة للولايات المتحدة، فقد امتلك الرئيس “جون كينيدي” ما يكفي من الحكمة لإبقاء الولايات المتحدة على هامش هذا الصراع، وسيكون من الحكمة أن يتبع قادة واشنطن والرياض اليوم هذا المثال.