نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” تقريرا، من إعداد فيفيان يي، تقول فيه إن السعودية زادت من حملات الملاحقة ضد المعارضين السعوديين.
ويشير التقرير إلى أن هذا الشهر شهد اعتقال ثمانية أشخاص لم يعبر البعض منهم عن أي معارضة للحكومة منذ سنوات، بحسب ما تقوله منظمات حقوق الإنسان.
وتقول “يي” إن حملة تكميم المعارضة الطويلة تصاعدت في الأسابيع القليلة الماضية، وتم اعتقال عدد من الصحافيين والكتاب والأكاديميين ممن لم يعبروا عن مواقف ناقدة من الحكومة منذ عدة سنوات، مشيرة إلى اعتقال 8 أشخاص في 16 تشرين الثاني/ نوفمبر.
وتلفت الصحيفة إلى أن محمد بن سلمان قام منذ وصوله إلى السلطة في منتصف عام 2017، باعتقال العشرات من الناشطين والمدونين وغيرهم ممن رأى فيهم تهديدا عليه، ولم يتسامح مع أي نقد حتى في ظل الشجب الدولي لحملات القمع.
ويفيد التقرير بأن السعودية تحضر للحظة أخرى في الشهر المقبل، وهي اكتتاب شركة النفط “أرامكو”، مستدركا بأن الاعتقالات الأخيرة تكشف عن أن ولي العهد مصمم على مواصلة طريقه، كما فعل بعد الشجب الدولي لمقتل الصحافي جمال خاشقجي العام الماضي، والحملة العسكرية في اليمن، واعتقال الناشطات المطالبات بحقوق المرأة وتعذيبهن.
وتنقل الكاتبة عن الناشطين، قولهم إن هذه الاعتقالات قوضت جهود الأمير في تقديم التغيرات الاجتماعية في المملكة، أو على الأقل تغيير صورة المملكة في العالم، فإلى جانب تنويع الاقتصاد، فإن ولي العهد يأمل بفتح المملكة على العالم، وتشجيع السياحة، ومنح المرأة حريات أوسع، مثل قيادة السيارة.
وتورد الصحيفة نقلا عن مدير مؤسسة القسط التي تراقب حقوق الإنسان في لندن، يحيى العسيري، قوله: “من الواضح أن الحكومة السعودية لم تتعلم أي درس من الضغوط الدولية”، وأضاف: “الشيء الوحيد الذي تعلموه هو أنهم يستطيعون تجنب الضغط الدولي من خلال الرياضة والترفيه وحملات العلاقات العامة”، مشيرا إلى أن الأشخاص الذين تم اعتقالهم لم يكونوا ناشطين أو حتى ناقدين للنظام منذ سنوات، “هذا قمع فقط”.
وينوه التقرير إلى أن الاعتقالات التي حدثت قبل عشرة أيام ضمت الصحافية في صحيفة “الوطن” مها الرفيدي؛ لدعمها السجناء السياسيين في تغريدة على “تويتر”، وهو ما أوردته منظمة سجناء الضمير التي تتابع تطورات حقوق الإنسان في المملكة، وكذلك المدون ورجل الأعمال فؤاد الفرحان، الذي أنشأ شركة تدريب على المهارات، الذي سجن في الماضي لدعمه التغيير الديمقراطي، لكنه وقع تعهدا بالتوقف عن النشاط السياسي، وهو لم يكتب أي شيء في الفترة الماضية، بحسب العسيري.
وتقول يي إنه في محاولة لعقد سلام مع الحكومة قام عدد منهم بالحديث دعما لرؤية 2030، التي أعلن عنها محمد بن سلمان، مشيرة إلى أن من بين المعتقلين الكاتب عبد المجيد البلوي، وبدر الراشد، وسليمان الصيخان الناصر، وهو أكاديمي شارك في مبادرات ثقافية حكومية.
وتنقل الصحيفة عن العسيري، قوله إن الكثير ممن اعتقلوا كانوا معارف وأصدقاء تحركوا في الدوائر ذاتها، إلا أنه من غير المعلوم سبب اعتقال الآخرين.
وبحسب التقرير، فإن المعتقلين في حملات سابقة لا يزالون يواجهون السجن الانفرادي والتعذيب في بعض الحالات، مشيرا إلى أن من بين هؤلاء الناشطات اللاتي اعتقلن بعد مطالبتهن بحق المرأة في قيادة السيارة، اللواتي قالت نساء منهن إنهن تعرضن للتعذيب والتحرش الجنسي والتهديد بالقتل، وقد وعدت الحكومة السعودية بالتحقيق فيما قلنه، لكنها أغلقت التحقيق، وقالت إنها لم تعثر على أدلة تثبت ذلك.
وتستدرك الكاتبة بأنه رغم الشجب الدولي على مقتل خاشقجي، والأسئلة التي طرحت حول سجل المملكة الفقير في حقوق الإنسان، إلا أن السعودية حظيت بدعم الحلفاء، وأهمهم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي أكد علاقته مع محمد بن سلمان، ورفض تحميله مسؤولية قتل خاشقجي في القنصلية السعودية في إسطنبول، مع أن المخابرات الأمريكية أكدت تورط ولي العهد، وقالت إنه أصدر أمرا بقتله، إلا أن الأمير ينفي هذا الأمر.
وتختم “نيويورك تايمز” تقريرها بالإشارة إلى أنه في الوقت الذي قاطع فيه عدد من كبار رجال الأعمال والشركات المالية الأمريكية مؤتمره السنوي، فإن بعضهم عاد هذا العام، وعادت الشركات التي أوقفت علاقاتها التجارية مع المملكة للتعامل معها من جديد.